ما معنى حديث ضحك الله الليلة
اعلم أن البخارى رحمه الله أول الضحك الوارد فى هذا الحديث بالرحمة نقل ذلك عنه الخطابى فقال وقد تأول البخارى الضحك فى موضع ءاخر على معنى الرحمة وهو قريب وتأويله على معنى الرضا أقرب. فعن أبى هريرة رضى الله عنه أن رجلا أتى النبى ﷺ فبعث إلى نسائه (أى أتاه ضيف فسأل نسائه أمهات المؤمنين) فقلن ما معنا إلا الماء (لأنهن كن يتصدقن كثيرا) فقال رسول الله ﷺ من يضم أو من يضيف هذا (أى من يأخذ ضيفى فيستضيفه عنده) فقال رجل من الأنصار (من أهل المدينة) أنا فانطلق إلى امرأته فقال أكرمى ضيف رسول الله ﷺ (فإن إكرام الضيف من كمال الإيمان) فقالت ما عندنا إلا قوت صبيانى (أى لم يبق من الطعام إلا ما يكفى أولادنا الصغار) فقال هيئى طعامك وأصبحى سراجك (أى أشعليه حتى يضيئ) ونومى صبيانك إذا أرادوا عشاءا فهيئت طعامها وأصبحت سراجها ونومت صبيانها ثم قامت كأنها تصلح سراجها فأطفأته فجعلا يريانه أنهما يأكلان (أى أوهماه أنهما يأكلان حتى لا يشعر بالحرج) فباتا طاويين (أى من غير أكل) فلما أصبح غدا إلى رسول الله ﷺ فقال عليه الصلاة والسلام ضحك الله الليلة أو عجب من فعالكما (أى رضى بصنيعكما وأنزل عليكما الرحمة. أما الضحك الذى هو فى البشر والتعجب الذى هو انفعال النفس فالله منزه عنه لأنه منزه عن كل سمات الحدوث) فأنزل الله (قوله) ﴿ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة﴾ أى ءاثروا غيرهم على أنفسهم ولو كان بهم فاقة أى فقر وحاجة. قال ابن حجر فى فتح البارى ونسبة الضحك والتعجب إلى الله مجازية (أى مجاز لا يحمل على الظاهر الذى يوهم ما لا يليق بالله) والمراد بهما الرضا بصنيعهما. اللهم اجعلنا من عبادك المتقين.