ما معنى اليد إذا أضيفت إلى الله فى القرءان
اعلم أن الله تعالى ليس جسما له أعضاء، فاليد إذا أضيفت إلى الله فى القرءان ليس معناها الجارحة والعضو إنما لها معنى يليق بالله لأن الجوارح أى الأعضاء مستحيلة على الله لقوله تعالى ﴿ليس كمثله شىء﴾. واعلم أن اليد فى لغة العرب تأتى بمعنى الجارحة والجسم وتأتى بمعنى النعمة والقوة والعهد والعناية والحفظ كما فى قوله تعالى ﴿والسماء بنيناها بأيد﴾ أى بقوة والقوة بمعنى القدرة وقوله تعالى ﴿يد الله فوق أيديهم﴾ أى عهد الله فوق عهودهم أى ثبت عليهم عهد الله لأن معاهدة الصحابة للرسول تحت شجرة الرضوان فى الحديبية على أن لا يفروا عنه وأن يحموه بأرواحهم معاهدة لله لأن الله تعالى هو الذى أمر نبيه بهذه المبايعة. وقوله تعالى ﴿بل يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء﴾ معناه أن الله غنى واسع الكرم. أما قول الله تعالى فى توبيخ إبليس ﴿ما منعك أن تسجد لما خلقت بيدى﴾ فيجوز أن يقال المراد باليدين العناية والحفظ أى ما منعك يا إبليس أن تسجد لآدم الذى خلقته بعنايتى وحفظى أى أردت له المقام العالى والخير العظيم. قال العلماء يصح أن يقال لله يد لا كأيدينا على معنى الصفة لا على معنى الجسم لأن الله لو كان له يد بمعنى الجسم لكان مثلا لنا ولو كان مثلا لنا لجاز عليه ما يجوز علينا من الموت والفناء والتغير ولم يكن إلها. أما المشبهة الوهابية أدعياء السلفية فيقولون بألسنتهم له يد لا كأيدينا وفى الاعتقاد يعتقدون الجسم الذى تعرفه النفوس. وأما الوقوف بين يدى الله للحساب فمعناه حسابهم عند عرض أعمالهم عليهم وليس معناه أن الله تعالى يكون فى موقف القيامة ويكون الناس حوله لأن الله تعالى ليس جسما يتحيز فى مكان. وتلك الهيئة التى يتصورها بعض الناس من أن الله يكون ذلك اليوم فى موقف القيامة والناس حوله يجتمعون للحساب هذه الهيئة لا تجوز على الله لأن هذه هيئة الملوك تحف بهم رعاياهم. فالذى يظن أن معنى الوقوف بين يدى الله يوم القيامة القرب منه بالمسافة لا يكون مؤمنا بالله.