ما معنى التوسل وهل يجوز التوسل برسول الله ﷺ فى حياته وبعد مماته
التوسل هو طلب حصول منفعة أو اندفاع مضرة من الله بذكر اسم نبى أو ولى إكراما للمتوسل به. والتوسل بالنبى ﷺ أو الولى ليس كفرا ولا شركا لأنه ليس عبادة لغير الله كما تدعى الوهابية لأن العبادة هى أقصى غاية الخشوع والخضوع كما قال الإمام تقى الدين السبكى فى فتاويه وقال بعضهم نهاية التذلل أى أقصى غاية التعظيم كما يفهم ذلك من كلام الراغب الأصبهانى فى مفرداته ونقله عنه مرتضى الزبيدى فى تاج العروس. وأما الدليل على جواز التوسل برسول الله ﷺ فى حياته وبعد مماته فهو ما رواه الحافظ الطبرانى فى المعجم الصغير وصححه أن الرسول ﷺ علم الأعمى أن يتوسل به فذهب وتوسل به فى غير حضرته وعاد إلى مجلس الرسول وقد أبصر، وكان مما علمه رسول الله أن يقول اللهم إنى أسألك وأتوجه إليك بنبينا محمد نبى الرحمة يا محمد إنى أتوجه بك إلى ربى فى حاجتى لتقضى لى. وبهذا الحديث بطل زعم الوهابية أنه لا يجوز التوسل إلا بالحى الحاضر لأن الأعمى لم يكن حاضرا فى مجلس الرسول حين توسل به بدليل أن راوى الحديث عثمان بن حنيف قال لما روى حديث الأعمى فوالله ما تفرقنا ولا طال بنا المجلس حتى دخل علينا الرجل وقد أبصر. فقوله حتى دخل علينا الرجل وقد أبصر يدل على أن الأعمى لم يكن حاضرا فى مجلس الرسول حين توسل به بقوله يا محمد. ومما يدل على أن الأعمى توسل بالرسول فى غير حضرته أنه ثبت النهى عن نداء الرسول باسمه فى وجهه لقوله تعالى ﴿لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا﴾. وأما الدليل على جواز التوسل برسول الله بعد وفاته أن عثمان بن حنيف علم رجلا هذا الدعاء الذى فيه توسل برسول الله لأنه كان له حاجة عند سيدنا عثمان بن عفان فى خلافته وما كان يتيسر له الاجتماع به حتى قرأ هذا الدعاء فتيسر أمره بسرعة وقضى له سيدنا عثمان حاجته. أما قول الألبانى إن مراد الطبرانى بقوله والحديث صحيح هو ما فعله الأعمى فى حياة رسول الله وليس ما فعله الرجل بعد وفاة الرسول أيام عثمان بن عفان فمردود لأن علماء مصطلح الحديث قالوا الحديث يطلق على المرفوع إلى النبى وعلى الموقوف على الصحابى أى أن كلام الرسول يسمى حديثا وقول الصحابى يسمى حديثا نص على ذلك غير واحد من علماء الحديث منهم الحافظ ابن حجر العسقلانى كما نقل عنه السيوطى فى تدريب الراوى وابن الصلاح فى مقدمته فى علوم الحديث وكذلك الإمام أحمد. وأخيرا نذكر ما قاله ابن تيمية شيخ المجسمة فى هذه المسئلة وليس لأنه من أهل السنة الذين يرجع إليهم فى معرفة أمور الدين بل ليكون كلامه حجة فى هذه المسئلة على الفرقة الوهابية أدعياء السلفية الذين يشنعون على المسلمين المتوسلين بالأنبياء والأولياء قال ابن تيمية فى كتابه الكلم الطيب فى الصحيفة الثالثة والسبعين ما نصه فصل فى الرجل إذا خدرت رجله عن الهيثم بن حنش قال كنا عند عبد الله بن عمر رضى الله عنهما فخدرت رجله فقال له رجل اذكر أحب الناس إليك فقال يا محمد فكأنما نشط من عقال. وكتابه الكلم الطيب ثابت أنه من تأليفه ذكر ذلك صلاح الدين الصفدى وكان معاصرا لابن تيمية ويتردد عليه وأثبت ذلك الألبانى فى مقدمة النسخة التى طبعها الوهابى تلميذ الألبانى زهير الشاويش، فإن قالوا ابن تيمية رواه من طريق راو مختلف فيه يقال لهم مجرد إيراده له فى هذا الكتاب دليل على أنه استحسنه لأن الذى يورد الباطل فى كتابه ولا يحذر منه فهو داع إليه وتسميته للكتاب بالكلم الطيب أى الكلام الطيب دليل على أنه استحسن كل ما فيه. فهم وقعوا فى حيرة لأن ابن تيمية أجاز قول يا محمد عند الضيق واستحسنه وهذا فيه استحباب الكفر والشرك عندهم وقائل هذا إمامهم الذى أخذوا منه أكثر عقائدهم، فماذا يقولون كفر لهذا أم لم يكفر، فإن قالوا كفر وهم يسمونه شيخ الإسلام فهذا تناقض يكفرونه ويسمونه شيخ الإسلام. إن قالوا نحن على صواب وابن تيمية استحل الشرك والكفر، قلنا قد كفرتم شيخكم وتكونون اعترفتم بأنكم متبعون لرجل كافر تحتجون بكلامه فى كثير من عقائدكم فلماذا لا تتبرءون منه. وإن قالوا لم يكفر نقضوا عقيدتهم أى قالوا بخلاف عقيدتهم.