ما فائدة تقليل الكلام
اعلم أن كل ما يتكلم به الإنسان إن كان فى حال الجد أو الهزل أو فى حال الرضى أو الغضب يسجله الملكان قال الله تعالى ﴿ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد﴾ وقال تعالى ﴿إذ يتلقى المتلقيان عن اليمين وعن الشمال قعيد﴾ أى الملكان الكاتبان أحدهما قاعد عن اليمين وهو رقيب والآخر عن الشمال وهو عتيد. رقيب يسجل الحسنات وعتيد يسجل السيئات وأحدهما يسجل المباحات ثم تمحى المباحات وتبقى الحسنات والسيئات التى لم يتب منها. فهل يسر العاقل أن يرى فى كتابه الذى يتناوله من أيدى الملائكة حين يعرض عليه فى القيامة الكلمات التى تكلم بها فى الدنيا من كفر أو معاص بل يسوؤه ذلك ويحزنه حين لا ينفع الندم فإن من استعمل لسانه فيما نهاه الله عنه فقد أهلك نفسه ولم يشكر ربه على هذه النعمة العظيمة فقد روى الترمذى عن معاذ بن جبل رضى الله عنه أنه قال يا رسول الله أوإنا مؤاخذون بما ننطق به فقال ثكلتك أمك وهل يكب الناس فى النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم. فاللسان إذا لم يحفظه صاحبه يوقعه فى المهالك إما فى الكفر وإما فى المعصية وإما فى الكلام الذى لا فائدة فيه لذلك أمرنا رسول الله ﷺ بطول الصمت فإنه قال لأبى ذر الغفارى عليك بطول الصمت إلا من خير فإنه مطردة للشيطان عنك وعون لك على أمر دينك رواه ابن حبان وقال رسول الله ﷺ من صمت نجا رواه الترمذى. وطول الصمت معناه تقليل الكلام إلا من خير كذكر أو قراءة قرءان أو تعليم الناس علم الدين. فطول الصمت إلا من خير مطلوب لأنه يعين الشخص على أمر الدين وينجى صاحبه من كثير من المهالك فأكثر الكفر يكون بسبب كثرة الكلام. الشيطان إذا رأى المسلم قليل الكلام يتركه أما إذا رءاه كثير الكلام يشتغل به حتى يوقعه فى كفر أو معصية فمن أراد النجاة فلا يتكلم إلا بخير قال رسول الله ﷺ إنك ما تزال سالما ما سكت فإذا تكلمت كتب عليك أو لك رواه ابن أبى الدنيا فى كتاب الصمت ومعناه ما دام الإنسان ساكتا عن الكلام فهو سالم فإذا تكلم بخير كتب له وإذا تكلم بشر كتب عليه. قال رسول الله ﷺ خصلتان ما إن تجمل الخلائق بمثلهما حسن الخلق وطول الصمت، معناه هاتان الخصلتان فيهما خير كبير فينبغى للإنسان أن يتحلى بهما. وحسن الخلق معناه الإحسان إلى الناس وكف الأذى عن الناس وتحمل أذى الغير.