ما حكم من يقول الله فى كل مكان
اعلم أن الله تعالى ليس جسما كثيفا كالإنسان والحجر ولا جسما لطيفا كالنور والظلام فلا يجوز فى حقه أن يأخذ قدرا من الفراغ فلا يتحيز ربنا فى جهة أو مكان ولا فى جميع الأماكن لا يجوز أن يملأ جميع الأمكنة قال الشيخ عبد الغنى النابلسى فى كتابه الفتح الربانى من اعتقد أن الله (جسم) ملأ السموات والأرض أو أنه جسم قاعد فوق العرش فهو كافر وإن زعم أنه مسلم. أما قول الله فى كل مكان فليس من كلام علماء الإسلام إنما هو من كلام شخص كافر يسمى جهم بن صفوان الذى كان يقول عن الله هو هذا الهواء وعلى كل شىء فكفره المسلمون وقتل بسبب الردة وتبعه فى ذلك سيد قطب فقال فى كتابه المسمى فى ظلال القرءان فى قول الله تعالى ﴿وهو معكم أين ما كنتم﴾ ما نصه وهى كلمة على الحقيقة لا على الكناية والمجاز والله تعالى مع كل شىء ومع كل أحد فى كل وقت وفى كل مكان. وكلامه هذا كفر صريح لا شك فيه لأنه جعل الله منتشرا فى العالم أما الآية ﴿وهو معكم أين ما كنتم﴾ فمعناها الإحاطة بالعلم لا بالجهة أى عالم بكم أين ما كنتم. أما من يقول الله فى كل مكان ويظن أنها تعنى أن الله عالم بكل شىء فلا يكفر لكن يجب نهيه عنها بخلاف ما إذا قال الله موجود فى كل مكان فإنه يكفر لأنه لفظ صريح فى إثبات المكان لله. قال الإمام ابن فورك فى كتاب مشكل الحديث اعلم أنه لا يجوز أن يقال إن الله تعالى فى مكان أو فى كل مكان وقال الإمام عبد الوهاب الشعرانى فى كتابه اليواقيت والجواهر قال على الخواص لا يجوز القول إنه تعالى بكل مكان كما تقول المعتزلة، وقال مثله أبو حامد الغزالى فى أصول الدين. فالذى يعتقد فى الله التحيز فى كل مكان جعل الله منتشرا فى الأماكن النظيفة والأماكن القذرة ولا يقول بذلك مسلم قط فمن نسب لله المكان جعله حجما فلا يكون مسلما.