الجمعة يوليو 26, 2024

لقاء يوسف الصديق لأبيه يعقوب وإخوته وتصديق وتفسير رؤياه

روي أنه بعث يوسف عليه السلام مع البشير إلى يعقوب جهازاً ومائتي راحلة وسأله أن يأتيه بأهله وأولاده، فلمّا ارتحل يعقوب عليه السلام هو وأولاده وجميع أهله من بلاد الشام في فلسطين ودنا من بلاد مصر للقاء يوسف الصديق ملك مصر، استأذن يوسف عليه السلام الملك الذي فوقه في تلقي يعقوب عليه السلام واستقباله، فأذن له وأمر الملأ من أصحابه بالركوب معه، فخرج عليه السلام في أربعة ءالاف من الجند وخرج معهم أهل مصر، وقيل إن الملك العام خرج معهم أيضاً، وعندما جاء يعقوب عليه السلام مع أهله وأولاده الى مصر دخلوا على يوسف عليه السلام فأوى إليه أبويه واجتمع بهما خصوصا وحدهما دون إخوته، ورحب بأهله وقال لهم: ادخلوا مصر واستوطنوا ءامنين مطمئنين، قيل: وكان جملة من قدم مع يعقوب من بنيه وأولادهم ثلاثة وستين إنسانا، ورفع يوسف عليه السلام أبويه على العرش أي أجلسهم معه على سرير المملكة، ثم خرّ له أبوه وأمه وإخوته الأحد عشر وسجدوا له سجود تحية لا سجود عبادة ليوسف عليه السلام وكان هذا جائزاً لهم في شريعتهم، ولم يزل ذلك معمولا به في سائر شرائع الأنبياء حتى حرّم الله ذلك في شريعة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم. يقول الله تبارك وتعالى: {فلما دخلوا على يوسف ءاوى أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله ءامنين* ورفع أبويه على العرش وخروا له سجّداً} [سورة يوسف/٩٩-١٠٠] ثم قال نبي الله يوسف عليه السلام لأبيه يعقوب: يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل، أي إن هذا السجود الذي سجدته أنت وأمي وإخوتي لي هو تصديق وتعبير الرؤيا التي كنت رأيتها من قبل، وقيل: إن المدة التي كانت بين رؤيا يوسف عليه السلام وبين تأويلها وتحقيقها أربعون سنة، ثم قال: وقد أحسن بي ربي إذ أخرجني من السجن، أي بعد الهم والضيق والحزن وجعلني ملكاً وحاكماً نافذ الكلمة في الديار المصرية حيث شئت، وقد جاء بكم ربي بمشيئته وقدته من البادية من بعد ما أفسد الشيطان بيني وبين إخوتي بما فعلوا من تلك الأفاعيل الخسيسة، إن الله هو العليم بجميع الأمور فلا يخفى عليه شيء.


ثم إن يوسف عليه السلام لما رأى نعمة الله عليه قد تمت وشمله مع أبيه وأهله قد اجتمع، أثنى على ربه بما هو أهله واعترف له بعظيم إحسانه وفضله وسأله أن يتوفاه ويميته على الإسلام الذي فيه السعادة الأبدية في الآخرة، وسأل الله تبارك وتعالى: {وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل قد جعلها ربي حقاً وقد أحسن بي إذ أخرجني من السجن وجاء بكم من البدو من بعد أن نزغ الشيطان بيني وبين اخوتي إنّ ربي لطيف لما يشاء إنّه هو العليم الحكيم* ربّ قد ءاتيتني من الملك وعلّمتني من تأويل الأحاديث فاطر السماوات والأرض أنت وليّ في الدنيا والآخرة توفّني مسلماً وألحقني بالصالحين} [سورة يوسف/١٠٠-١٠١].