لا يختار الله تعالى لمنصب النبوة إلا من هو سالم من الرذالة كالزّنَى والخيانة والسفاهة والغباوة والبلادة، فمن كانت له سوابق من هذا القبيل لا يصلح للنبوة ولو تخلّى عنها بعد ارتكابها، إذا عرفتَ ذلك فلا تجوز النبوة لإخوة يوسف العشرة الذين فعلوا تلك الأفاعيل الخسيسة وهم من سوى بنيامين، لأنه كان صغيرًا وما شاركهم في هذا من ضربهم يوسفَ عليه السلام ورميهم له في البئر للتخلص منه، وتسفيههم أباهم وهذا كفر([1]) منهم بقولهم: {إِنَّ أَبَانَا لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ} [يوسف: 8]، وليس المراد بقول الله: {وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا} [النساء: 163] أن الأسباط هم إخوة يوسف هؤلاء المتقدّم ذكرُهُم؛ بل المراد ذريّتهم أو ما يشمل أخاهم بنيامين وذريتهم. فالأسباط الذين ذكرهم الله في القرآن أنه أُنزل عليهم الوحي هم غير هؤلاء الذين آذَوا سيدنا يوسف عليه السلام واقترفوا تلك الأفعال، والسّبْطُ لُغَةً يُطلق على الولد وولد الولد([2]). قال تعالى: {قُولُوا آمَنَّا بِاللَّـهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَىٰ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَىٰ وَعِيسَىٰ وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ} [البقرة: 135].
[1])) علمًا أنهم قد تابوا التوبة الشرعية ورجعوا إلى الإسلام، ولكن مع هذا لا تصح لهم النبوة بوجه من الوجوه.
[2])) القاموس المحيط، الفيروزأبادي، مادة: (س ب ط)، (ص864). مختار الصحاح، الرازي، مادة: (س ب ط)، (ص120). لسان العرب، ابن منظور، مادة: (س ب ط)، (7/310).