كيف أرد على من يقول إن الله يعفو عن أبى لهب لأنه كريم يرجع فى وعيده
اعلم أن الكافر محروم من رحمة الله فى الآخرة لقوله تعالى ﴿ورحمتى وسعت كل شىء﴾ أى أن رحمة الله وسعت فى الدنيا كل مؤمن وكافر ﴿فسأكتبها للذين يتقون﴾ أى أخصها فى الآخرة للذين يجتنبون الشرك وسائر أنواع الكفر. فالكافر يعذب فى جهنم عذابا أبديا قال تعالى ﴿إن الله لعن الكافرين وأعد لهم سعيرا خالدين فيها أبدا﴾. ولا يخفف العذاب عن الكفار فى جهنم لقوله تعالى ﴿خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب﴾. أما ما يدعيه على جمعة المصرى أن الله يعفو عن أبى لهب لأنه كريم يرجع فى وعيده فهو تكذيب للقرءان وإجماع الأمة قال تعالى ﴿إن الذين كفروا وظلموا لم يكن الله ليغفر لهم﴾ وقال تعالى فى أبى لهب ﴿سيصلى نارا ذات لهب﴾ أى ذات تلهب واشتعال وقال تعالى ﴿ما يبدل القول لدى وما أنا بظلام للعبيد ۞ يوم نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد﴾ وقول الله صدق لا يتخلف أى لا يتغير لأن التخلف كذب والكذب مستحيل على الله فما أخبر الله أنه يفعله فلا بد أن يفعله وما أخبر أنه لا يفعله لا يكون وأما ما قاله على جمعة فهو مردود لأنه جعل وعيد الله كوعيد الخلق. يقال له أنت نسبت الكذب إلى الله، قولك هذا يلزم منه نسبة الكذب إلى الله لأن الله تعالى أخبر بأن الكفار يدخلون جهنم ولا يخرجون منها أبدا قال تعالى ﴿وما هم بخارجين من النار﴾. وأين يكون أبو لهب بزعمه وقد حرم الله على الكافرين دخول الجنة قال تعالى ﴿إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار﴾ وقال تعالى ﴿إن الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة﴾. قال القرطبى والحكم ببقاء أبى لهب وامرأته فى النار مشروط ببقائهما على الكفر إلى الوفاة فلما ماتا على الكفر صدق الإخبار عنهما ففيه معجزة للنبى ﷺ. ومصيبة المسلمين فى هذا الزمان كثرة المحرفين للدين الذين ينشرون الكفر والضلال باسم الدين والإسلام فيجب الحذر والتحذير منهم قال رسول الله ﷺ أناس من جلدتنا يتكلمون بألسنتنا تعرف منهم وتنكر دعاة على أبواب جهنم من استجاب لهم قذفوه فيها.