كيف أرد على شبهات الوهابية فى تحريمهم الاحتفال بمولد النبي ﷺ
اعلم أن علم الدين لا يؤخذ إلا من أهل المعرفة الثقات والوهابية ليسوا كذلك فلا يؤخذ منهم علم الدين. واعلم أن الوهابية الذين يحرمون الاحتفال بمولد النبى ﷺ ويعتبرونه بدعة محرمة ابتدعوا دينا جديدا وعقيدة تخالف عقيدة الأنبياء والمرسلين وهى عقيدة التشبيه والتجسيم فإنهم يعتقدون أن الله جسم قاعد فوق العرش ويشبهون الله بخلقه والعياذ بالله. وهم يحتجون فى تحريمهم الاحتفال بمولد النبى ﷺ بقول الله تعالى ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا﴾. وليعلم أن هذه الآية نزلت فى حجة الوداع فى عرفات وعاش الرسول بعدها نحو ثلاثة أشهر والوحى ينزل عليه. ومعنى ﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾ أن قواعد الدين أتمت واكتملت وليس معناه أن الوحى انقطع بنزول هذه الآية بل نزلت بعد هذه الآية ءايات كثيرة كآية الكلالة فى المواريث وءايات تحريم الربا. فيقال للوهابية أدعياء السلفية إن حرمتم ما أحدثه علماء الإسلام من البدع الحسنة بعد وفاة النبى ﷺ محتجين بالآية ﴿اليوم أكملت لكم دينكم﴾ فقد ألغيتم تحريم الربا لأن ءايات تحريم الربا من ءاخر ما نزل من القرءان ونزلت بعد هذه الآية ذكر ذلك القرطبى والإمام الحافظ الطبرى. والوهابية يحرمون الاحتفال بالمولد بدعوى أن هذا لم يفعله الرسول ولا الصحابة ويحتجون بحديث مسلم وكل بدعة ضلالة ولا حجة لهم فى هذا الحديث لأن الحديث عام مخصوص والمراد به غالب البدع كما قال الحافظ النووى فى شرح صحيح مسلم. والاحتفال بمولد النبى ﷺ بدعة حسنة نص على ذلك غير واحد من علماء الأمة منهم الحافظ السيوطى لأنه اجتماع على الخير قال الله تعالى ﴿وافعلوا الخير لعلكم تفلحون﴾ وقال رسول الله ﷺ من سن فى الإسلام سنة حسنة (أى من أحدث فى دين الإسلام بدعة حسنة) فله أجرها وأجر من عمل بها بعده لا ينقص من أجورهم شىء رواه مسلم من حديث جرير بن عبد الله البجلى. فبين الرسول ﷺ فى هذا الحديث أن من البدع ما هو حسن وأذن للعلماء من أمته أن يحدثوا بعده أمورا لا تخالف كتابا أو سنة أو إجماعا بدليل حديث مسلم عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت قال رسول الله ﷺ من أحدث فى أمرنا هذا (أى فى ديننا) ما ليس منه فهو رد أى مردود وفى ذلك إشعار بأن من أحدث ما هو منه أى ما هو موافق له فليس مردودا وإلا فما فائدة تقييده بقول ما ليس منه. ثم كيف تحرمون عمل المولد بدعوى أن الرسول ما فعله ولا الصحابة وأنتم تطبعون المصاحف المنقطة وتقرؤون بها. وأول من نقط المصحف التابعى الجليل يحيى بن يعمر كما قال أبو بكر بن أبى داود فى كتابه المصاحف وأول من وضع له الشدات الحسن البصرى. فالتنقيط فى المصحف لم يفعله الرسول ولا أمر به ولا فعله الصحابة وكذا التعشير أى وضع علامة بعد كل عشر ءايات وجعل القرءان أجزاءا ثلاثين وعلامات السجدة وترقيم الآيات ووضع أسماء السور ومكية أو مدنية، ثم أليس أنتم تقرؤون بمصاحف مطبوعة ومزينة ومزخرفة وكل هذا لم يفعله الرسول ولا أمر به ولا فعله الصحابة وأنتم تفعلون. هل قال الرسول اعملوا منبرا للمسجد الحرام من عشر درجات يقف عليه الخطيب. المنبر أيام الرسول كان من ثلاث درجات، هل قال الرسول ضعوا مكبرات الصوت للمسجد الحرام وهل قال أنشؤوا هذه المآذن الضخمة فى المسجد الحرام وهل قال أنشؤوا منبرا نقالا وانصبوا محرابا فى هذا الموضع من الكعبة، هل أمر الرسول بنقل صلاة العشاء مباشرة من المسجد الحرام على الفضائيات وهل قال الرسول أنشؤوا المحاريب فى مساجد الحجاز وكل المساجد فى الحجاز لها محاريب ومآذن وكل هذا لم يفعله الرسول ولا قال افعلوه وأنتم تفعلون. هل قال الرسول أنشؤوا حلقات لختم صحيح البخارى وصحيح مسلم وحلقات لختم موطإ مالك وكل ذلك أنتم تفعلون. ألستم فى مكة والمدينة عند ختم القرءان فى تراويح رمضان تقرؤون دعاء تسمونه دعاء ختم قراءة القرءان وهذا لم يرد فى حديث صحيح أو ضعيف أو موضوع إنما هو مما ألفه بعض المسلمين وأنتم تقولون لا توجد بدعة حسنة، إذا هو بدعة ضلالة بزعمكم أدخلتموها فى الصلاة ووضعتموها فى ءاخر المصحف ونشرتموها بين العباد. قال شيخكم ابن باز هذا الدعاء لم يرد فى الحديث لكن هكذا تلقيناه عن شيوخنا، أما شيخكم الألبانى فقال فى كتابه المسمى سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة التزام دعاء ختم القرءان بدعة محرمة وأنتم تدخلونه فى الصلاة وتطبعونه فى المصاحف، واحتج الألبانى عليكم بظاهر حديث وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار فضللكم لأجل ذلك. تقولون ما لم يفعله الرسول لا نفعله فهل قال الرسول تسموا بشيخ الإسلام أو باسم المجدد الإمام، من أين جئتم باسم شيخ الإسلام لإمامكم المجسم ابن تيمية ومن أين جئتم باسم المجدد الإمام لمحمد بن عبد الوهاب. وهذا إمامكم ابن قيم الجوزية يقول فى كتابه مدارج السالكين وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية، أليست تسميته له بشيخ الإسلام بدعة.