الثلاثاء يناير 14, 2025

كتب الأربعينات في الحديث وغيره

 

كتب الأربعين يراد بها المؤلفات التي يصنفها العلماء في موضوع ما يجمعون فيها أربعين حديثًا.

 

قال الحافظ النووي في مقدمة كتابه “الأربعون النووية”: “فقد روينا عن عليّ بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود ومعاذ بن جبل وأبي الدرداء وابن عمر وابن عباس وأنس بن مالك وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهم من طرق كثيراتٍ برواياتٍ متنوعات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من حفظ على أمتي أربعين حديثًا [1] من أمر دينها بعثه الله يوم القيامة في زمرةِ الفقهاء والعلماء”، وفي رواية: “بعثه الله فقيهًا عالمًا”، وفي رواية أبي الدرداء: “وكنتُ له يوم القيامة شافعًا وشهيدًا” وفي رواية ابن مسعود: “قيل له ادخل من أيّ أبواب الجنة شئتَ” وفي رواية ابن عمر: “كُتبَ في زمرة العلماء وحُشر في زمرة الشهداء” واتفق الحفاظ على أنه حديث ضعيف وإن كثرت طرقه.

 

وقد صنف العلماء رضي الله عنهم في هذا الباب ما لا يُحصى من المصنفات، فأوّل من علمتُه صنف فيه عبد الله بن المبارك، ثم محمد بن أسلم الطوسي العالمُ الرباني [2]، ثم الحسن بن سفيان النسوي، وأبو بكر الآجري، وأبو بكر محمد بن إبراهيم الأصفهاني، والدارقطني، والحاكم، وأبو نُعيم، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو سعد الماليني وأبو عثمان الصابوني، ومحمد بن عبد الله الأنصاري، وأبو بكر البيهقي، وخلائق لا يُحصون من المتقدمين والمتأخرين.

 

وقد استخرتُ الله تعالى في جمع أربعين حديثًا اقتداءً بهؤلاء الأئمة الأعلام وحُفاظ الإسلام، وقد اتفق العلماء على جواز العمل بالحديث الضعيف في فضائل الأعمال، ومع هذا فليس اعتمادي على هذا الحديث بل على قوله صلى الله عليه وسلم في الأحاديث الصحيحة: “ليبلغَ الشاهدُ منكم الغائب” وقوله صلى الله عليه وسلم: “نضَّرَ [3] الله امرأً [4] سمِعَ مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها”.

 

ثم من العلماء من جمع الأربعين في أصول الدين وبعضهم في الفروع وبعضهم في الجهاد وبعضهم في الزهد وبعضهم في الآداب وبعضهم في الخطب، وكلها مقاصد صالحة رضي الله عن قاصديها” اهـ.

 

وقال حاجي خليفة في كتابه “كشف الظنون” [5]: “وقد صنف العلماء في هذا الباب ما لا يحصى من المصنفات واختلفت مقاصدهم في تأليفها وجمعها وترتيبها فمنهم من اعتمد على ذكر أحاديث التوحيد وإثبات الصفات ومنهم من قصد ذكر أحاديث الأحكام ومنهم من اقتصر على ما يتعلق بالعبادات ومنهم من اختار حديث المواعظ والرقائق ومنهم من قصد إخراج ما صح سنده وسلم من الطعن ومنهم من قصد ما علا إسناده ومنهم من أحب تخريج ما طال متنه وظهر لسامعه حين يسمعه حسنه إلى غير ذلك وسمى كل واحد منهم كتابه بكتاب الأربعين” اهـ.

 

 

الهوامش:

 

[1] “من حفظ على أمتي أربعين حديثًا” معنى الحفظ هنا: أن ينقلها إلى المسلمين وإن لم يحفظها ولم يعرف معناها. هذا حقيقة معناه وبه يحصل انتفاع المسلمين لا بحفظ ما ينقله إليهم.

[2] نسبة إلى الرب زيد فيه الألف والنون على غير قياس كما تقول العرب لحياني لمن لحيته طويلة ومعنى العالم الرباني العالم العامل المعلم.

[3] أي حسّن الله وجهه.

[4] “نضر الله امرأ” روي بتشديد الضاد وتخفيفها والتشديد أكثر ومعناه: حسنه وجمّله.

[5] كشف الظنون [1/52].

 

بسم الله الرحمن الرحيم

صلى الله على سيدنا محمد وسلم

 

أخبرني شيخ الإسلام حافظ العصر أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر رحمه الله عن أبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن أبي المجد [1] قراءة قال أنبأنا أبو الفتح محمد بن عبد الرحيم بن النشو إجازةً أنا أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر بن رواج أنا الحافظ أبو ظاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي [2] أنا أبو الطيب طاهر بن المسدد الجنزي [3] أنا أبو الحسن علي بن عبد الرحمن النيسابوري أنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي [4] رحمه الله قال:

[1] قال الحافظ ابن حجر في كتابه “إنباء الغمر” [3/408] عند ذكر وفيات سنة 800هـ ما نصه: “قرأت وسمعت عليه سنن ابن ماجه ومسند الشافعي وتاريخ أصبهان وغير ذلك من الكتب الكبار والأجزاء الصغار فأكثرتُ عنه، وكان صبورًا على التسميع ثابت الذهن ذاكرًا ينسخ بخطه وقد جاوز التسعين، صحيح السمع والبصر رجع إلى بلده فأقام بمنزله إلى أن مات في شهر ربيع الأول، وقد قرأت عليه أكثر مسموعاته وسمعتُ عليه الصحيح ووصلت عليه بالإجازة شيئًا كثيرًا” اهـ.

[2] قال ابن خلكان: “ونسبته إلى جده إبراهيم سلفة وهو لفظ عجمي ومعناه بالعربي ثلاث شفاه لأن شفته الواحدة كانت مشقوقة فصارت مثل شفتين غير الأخرى الأصلية والأصل فيه سَلَبة فأبدلت بالفاء” [وفيات الأعيان، 1/107].

[3] قال الحافظ ابن حجر: “الجنزي بالفتح وسكون النون بعدها زاي نسبة إلى ثغر الجنزي وهي من بلاد أران، منها الفقيه مسدد بن محمد الجنزي شيخ السلفي، يروي عن علي بن عيسى الباقلاني” [تبصير المنتبه 1/361].

[4] نسبة إلى سُليم وهي قبيلة من العرب مشهورة، [الأنساب، 3/278].