الخميس يناير 2, 2025

قِصَّةُ إِسْلامِ سَيِّدِنَا عُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ

 

   سَيِّدُنَا عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ رَضِىَ اللَّهُ عَنْهُ هُوَ أَبُو حَفْصٍ عُمَرُ بنُ الْخَطَّابِ بنِ نُفَيْلٍ وَأُمُّهُ حَنْتَمَةُ بِنْتُ هَاشِمٍ لَقَّبَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْفَارُوقِ لِأَنَّهُ كَانَ يَفْرُقُ بَيْنَ الْحَقِّ وَالْبَاطِلِ أَسْلَمَ فِى السَّنَةِ السَّادِسَةِ مِنَ النُّبُوَّةِ وَكَانَ عُمُرُهُ سِتَّةً وَعِشْرِينَ عَامًا أَسْلَمَ بَعْدَ نَحْوِ أَرْبَعِينَ رَجُلًا وَفِى قِصَّةِ إِسْلامِهِ عِدَّةُ رِوَايَاتٍ مِنْهَا مَا ذُكِرَ فِى كُتُبِ السِّيَرِ أَنَّ عُمَرَ قَالَ خَرَجْتُ أَتَعَرَّضُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوَجَدْتُهُ قَدْ سَبَقَنِى إِلَى الْمَسْجِدِ فَلَحِقْتُ بِهِ فَإِذَا هُوَ فِى الصَّلاةِ فَقُمْتُ خَلْفَهُ فَاسْتَفْتَحَ بِسُورَةِ الْحَاقَّةِ فَبَدَأْتُ أَتَعَجَّبُ مِنْ نَظْمِ الْقُرْءَانِ فَقُلْتُ هَذَا وَاللَّهِ شَاعِرٌ كَمَا قَالَتْ قُرَيْشٌ فَقَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ قَوْلَ اللَّهِ تَعَالَى ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَّا تُؤْمِنُونَ﴾ [سُورَةَ الْحَاقَّة] فَقَالَ عُمَرُ إِذًا هُوَ كَاهِنٌ فَقَرَأَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْلَهُ تَعَالَى ﴿وَلا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ﴾ فَقَالَ عُمَرُ وَقَعَ الإِسْلامُ فِى قَلْبِى أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ.

   وَالرِّوَايَةُ الأُخْرَى قِيلَ إِنَّ عُمَرَ خَرَجَ مُتَقَلِّدًا بِالسَّيْفِ فَوَجَدَهُ رَجْلٌ مِنْ بَنِى زُهْرَةَ فَقَالَ أَيْنَ تَعْمَدُ يَا عُمَرُ قَالَ أُرِيدُ أَنْ أَقْتُلَ مُحَمَّدًا فَقَالَ وَكَيْفَ تَأْمَنُ مِنْ بَنِى هَاشِمٍ وَبَنِى زُهْرَةَ وَقَدْ قَتَلْتَ مُحَمَّدًا فَقَالَ لَهُ عُمَرُ أَرَاكَ قَدْ تَرَكْتَ دِينَكَ الَّذِى أَنْتَ عَلَيْهِ فَقَالَ الرَّجُلُ أَفَلا أَدُلُّكَ عَلَى الْعَجَبِ إِنَّ أُخْتَكَ وَخَتَنَكَ أَىْ صِهْرَكَ قَدْ تَرَكَا دِينَكَ فَأَتَاهُمَا عُمَرُ وَكَانُوا يَقْرَؤُونَ ﴿طَهَ﴾ سَمِعَ شَيْئًا مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْءَانِ مِنْ خَلْفِ الْبَابِ وَكَانَ عِنْدَهُمْ أَحَدُ الصَّحَابَةِ وَهُوَ الْخَبَّابُ فَطَرَقَ عُمَرُ الْبَابَ وَفَتَحُوا لَهُ فَقَالَ أَسْمِعُونِى فَقَالُوا هُوَ حَدِيثٌ تَحَدَّثْنَاهُ بَيْنَنَا ثُمَّ قَالَ عُمَرُ اتَّبَعْتَ مُحَمَّدًا فَقَالَ لَهُ صِهْرُهُ أَرَأَيْتَ يَا عُمَرُ إِنْ كَانَ الْحَقُّ فِى غَيْرِ دِينِكَ فَبَدَأَ يَضْرِبُ صِهْرَهُ ضَرْبًا شَدِيدًا فَجَاءَتْ أُخْتُهُ تُرِيدُ أَنْ تُدَافِعَ عَنْ زَوْجِهَا فَضَرَبَهَا فَقَالَتْ بِقَلْبٍ ثَابِتٍ مُتَوَكِّلٍ عَلَى الْحَىِّ الَّذِى لا يَمُوتُ أَرَأَيْتَ إِنْ كَانَ الْحَقُّ فِى غَيْرِ دِينِكَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ. فَتَوَقَّفَ عُمَرُ عَنْ ضَرْبِ صِهْرِهِ ثُمَّ طَلَبَ الصَّحِيفَةَ فَلَمَّا أُعْطِيَتْ لَهُ الصَّحِيفَةُ وَرَأَى فِيهَا ﴿طَهَ مَا أَنزَلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْءَانَ لِتَشْقَى إِلَّا تَذْكِرَةً لِّمَنْ يَخْشَى تَنْزِيلًا مِّمَّنْ خَلَقَ الأَرْضَ وَالسَّمَوَاتِ الْعُلَى﴾ إِلَى أَنْ وَصَلَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿إِنَّنِى أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِى وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِى﴾.

   فَقَالَ دُلُّونِى عَلَى مُحَمَّدٍ فَلَمَّا سَمِعَ الْخَبَّابُ خَرَجَ وَقَالَ لَهُ أَبْشِرْ يَا عُمَرُ فَإِنِّى أَرْجُو أَنْ تَكُونَ دَعْوَةُ رَسُولِ اللَّهِ لَيْلَةَ الْخَمِيسِ لَكَ اللَّهُمَّ أَعِزَّ الإِسْلامَ بِعُمَرَ بنِ الْخَطَّابِ أَوْ بِعَمْرِو بنِ هِشَامٍ أَىْ أَبِى جَهْلٍ فَقَالَ دُلُّونِى عَلَى رَسُولِ اللَّهِ وَكَانَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِى بَيْتِ الأَرْقَمِ فِى الصَّفَا وَرَاحَ إِلَى هُنَاكَ وَضَرَبَ الْبَابَ وَكَانَ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ فِى الْجَاهِلِيَّةِ فَقَالَ الصَّحَابَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ هَذَا عُمَرُ فَفَتَحَ الْبَابَ وَتَقَدَّمَ نَحْوَ النَّبِىِّ فَأَخَذَهُ الرَّسُولُ الأَعْظَمُ أَشْجَعُ خَلْقِ اللَّهِ أَخَذَهُ بِمَجَامِعِ قَمِيصِهِ وَقَالَ «أَسْلِمْ يَا ابْنَ الْخَطَّابِ اللَّهُمَّ اهْدِهِ» فَمَا تَمَالَكَ عُمَرُ أَنْ وَقَعَ عَلَى رُكْبَتِهِ فَقَالَ لَهُ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «مَا أَنْتَ بِمُنْتَهٍ يَا عُمَرُ» فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ فَكَبَّرَ أَهْلُ الدَّارِ تَكْبِيَرةً سَمِعَهَا أَهْلُ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ.