الجمعة أكتوبر 25, 2024

قول أبي سعيد النيسابوريّ المعروف بالمتولّي رحمه الله
(ت 478هـ)

قال الشيخ المتولّي الشافعيّ([1]): «البارئ تعالى ليس بجسم، وذهبت الكرّامية أن الله تعالى جسم، والدليل على فساد قولهم أن الجسم في اللغة بمعنى التأليف واجتماع الأجزاء، والدليل عليه أنه نقول عند زيادة الأجزاء وكثرة التأليف: جِسْمٌ وأَجْسَمُ، كما يقال عند زيادة العلم: عليم وأعلم، وقال تعالى: وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ {247} (البقرة)، فلمّا كان وصف المبالغة كزيادة التأليف دلّ على أن أصل الاسم للتأليف، فإذا ثبت ما ذكرنا بطل مذهبهم لأن الله تعالى لا يجوز عليه التأليف.

فإن قالوا: نحن نريد بقولنا جسم أنه موجود ولا نريد التأليف، قلنا: هذه التسمية في اللغة ليس لها ذكر ثَمَّ وهي مبنية على المستحيل، فَلِمَ أطلقتم ذلك من غير ورود السمع به، وما الفصل بينكم وبين من يسمّيه جسدًا ويريد به الموجود وإن كان يخالف مقتضى اللغة، فإن قيل: أليس يسمّى نَفْسًا؟ قلنا: اتّبعنا فيه السمع وهو قوله تعالى: تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ {116} (المائدة)، ولم يَرِدِ السمعُ بالجسم» اهـ. أي لم يأت في القرآن الكريم تسمية الله بالجسم، بل الذي ورد نفي الشبيه عن الله بكل وجه من الوجوه.

[1] ) الغنية في أصول الدين، المتولّي الشافعيّ، ص81.