الأحد نوفمبر 3, 2024

فَضْلُ سُوْرَةِ الإِخْلَاصِ:

قالَ رسولُ اللهِ : ((قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْءَانِ وَقُلْ يَاْ أَيُّهَا الكَافِرُوْنَ تَعْدِلُ رُبُعَ القُرْءَانِ))([1]) وقدْ وردَ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ رضيَ اللهُ عنهُ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: ((أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ فِي لَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟ قَالُوا: وَكَيْفَ يَقْرَأُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ؟ قَالَ: ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱅ تعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ))([2]) قالَ النوويُّ: “وقالَ القاضي: قالَ المازريُّ([3]): قيلَ معناهُ إِنَّ القرءانَ على ثلاثةِ أنحاءٍ: قصصٌ وأحكامٌ وصفاتٌ للهِ تعالى، و ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱅ متضمنةٌ الصفاتِ، فهيَ ثلثٌ وجزءٌ منْ ثلاثةِ أجزاء”([4]).اهـ وقالَ في تحفةُ الأحوذيِّ: ((وَقُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلْثَ القُرْءَانِ)) لأَنَّ علومَ القرءانِ ثلاثةٌ علمُ التوحيدِ وعلمُ الشرائعِ وعلمُ تهذيبِ الأخلاقِ وهيَ مشتملةٌ على الأولِ.([5])اهـ وقالَ السيوطيُّ: ((قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلْثَ القُرْءَانِ)) قيلَ معناهُ إِنَّ القرءانَ على ثلاثةِ أنحاءٍ قصصٌ وأحكامٌ وصفاتُ اللهِ تعالى وَ ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱅ متضمنةٌ للصفاتِ فهيَ ثلثٌ وجزءٌ مِنْ ثلاثةِ أجزاءٍ([6])اهـ

سَبَبُ نُزُوْلِ هَذِهِ السُّورَةِ العَظِيْمَةِ وَمَعْنَاهَا:

قالتِ اليهودُ للرسولِ : يا محمَّدُ صفْ لنا ربَّكَ الذى تعبدُه وقدْ كانَ سؤالُهُم تعنتًا أى عنادًا لا حبًّا للعلمِ واسترشادًا بهِ فأنزلَ اللهُ سورةَ الإخلاصِ: ﱡﭐﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱅ أىِ الذى لا يقبلُ التعددَ والكثرةَ، وليسَ لهُ شريكٌ فى الذاتِ أو الصفاتِ أو الأفعالِ أىْ لا يوجدُ ذاتٌ يشبهُ ذاتَه، وليسَ لأحدٍ صفةٌ كصفاتِه ولا يشبهُ فِعْلٌ فِعْلَهُ، بلْ قدرتُه تعالى قدرةٌ واحدةٌ ليستْ مركبةً ولا متتاليةً ولا متبعضةً، يقدرُ بها على كلِّ شىءٍ وعلمُه واحدٌ ليسَ كعلمِ غيرِه وليسَ حادثًا دفعةً بعدَ دفعةٍ، يعلمُ بهِ كُلَّ شَىْءٍ، وَقَوْلُهُ تَعَالَى: ﱡﭐ أى هوَ السيدُ المقصودُ الذى تفتقرُ إليهِ جميعُ المخلوقاتِ معَ استغنائِهِ عنْ كلِّ موجودٍ، وهوَ الذى يُقْصَدُ عندَ الشدةِ بجميعِ أنواعِها، ولا يجتلبُ بخلقِه نفعًا لنفسِه ولا يدفعُ بهم عنْ نفسِه ضرًا كما قالَ تعالى: ﱡﭐ   ([7])، وَقَولُهُ تَعَالَى: ﱡﭐ   نفىٌ للماديَّةِ والانحلالِ فليسَ هوَ سبحانَه مادةً لغيرِه ولا أصلًا أو أبًا، وهوَ ليسَ فرعًا لغيرِه أو ولدًا؛ أىْ إِنَّه سبحانَه منزهٌ عنْ أنْ ينحلَّ منهُ شىءٌ كمَا ينفصلُ الولدُ عنْ والدِه، أو أنْ يحلَّ هو فى شىءٍ كما يحلُّ الولدُ فى رحمِ مَنْ يلدُه وقولُه تعالَى: ﱡﭐ ﱒﱓ  أى أَنَّه لا نظيرَ لهُ ولا شبيهَ بوجهٍ منَ الوجوهِ وهذا الحديثُ رواهُ البيهقىُّ عنِ ابنِ عباسٍ رضىَ اللهُ عنه وفى ءاخرِهِ أَنَّ النبيَّ قالَ: هذهِ صفةُ ربى عزَّ وجلَّ([8]) اﻫ

فَوائد في الإكثار من قراءة سورة الإخلاص:

عنْ جابرِ بنِ عبدِ اللهِ قالَ: قالَ رسولُ اللهِ : «مَنْ قَرَأَ ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱅ في كُلِّ يَوْمٍ خَمْسِيْنَ مَرَّةً نُوْدِيَ يَوْمَ القِيَامَةِ مِنْ قَبْرِهِ قُمْ يَا مَادِحَ الله فادْخُلِ الجَنَّةَ»([9]) .

وَعنْ أَنَسِ بنِ مالكٍ  قالَ: ((نَزَلَ جَبْرَئِيْلُ عليهِ السلامُ فقالَ: يا مُحَمَّدُ ماتَ معاويةُ ابنُ معاويةَ المُزَنِيُّ أَفَتُحِبُّ أَنْ تُصَلِّيَ عليهِ، قالَ: «نَعَمْ» قالَ: فَضَرَبَ جَبْرَئِيْلُ عليهِ السلامُ بِجَنَاحِهِ فلمْ تَبْقَ شجرةٌ ولا أَكَمَةٌ إلا تَضَعْضَعَتْ([10])، ورُفِعَ له سَرِيْرُهُ حتَّى نَظَرَ إِليهِ وصَلَّى عليهِ وخَلْفَهُ صفانِ مِنَ الملائِكَةِ كُلُّ صفٍّ سبعونَ أَلْفَ مَلَكٍ، فقالَ النبيُّ ﷺ لِجِبْرَئِيْلَ عليهِ السلامُ: «يا جِبْرَئِيْلُ بمَ نالَ هَذِهِ المَنْزِلَةَ»، فقالِ: بِحُبِّهِ: ﱡﭐ ﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱅ وقراءَتِهِ إِيَاَهَا جائِيًا وذَاهِبًا وقائِمًا وقاعِدًا))([11]).اهـ وَقَد نَحَى بَعْضُ الْمُفَسِّرِيْنَ إِلَى تَفْسِيْرِ اسْمِ اللهِ الصَّمَدِ بِأَنَّهُ بِمَعْنَى البَاقِي، فَقَالَ قَتَادَةُ: “الصَّمَدُ هُوَ الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِخَلْقِهِ  ﭧﭐﭨ ﱡﭐ ([12]) ([13])اهـ . وقالَ الحسنُ البصريُّ رحمهُ اللهُ في معنى الآيةِ ﱡﭐ : “الذي لم يَزَلْ وَلَا يَزَالُ وَلَا يَجُوزُ عَلَيْهِ الزَّوَالُ كَانَ وَلَا مَكَان وَلَا أَيْنَ وَلَا أَوَان وَلَا عَرْشَ وَلَا كُرْسِيّ وَلَا جِنِيّ وَلَا إِنْسِيّ وَهُوَ الآنَ كَمَا كَانَ”([14]). ولقدْ حثَّنا النبيُّ أنْ نلتجِأَ إلى اللهِ تعالى في كلِّ أمورِنا فهوَ الصمدُ السيدُ المقصودُ الذى تفتقرُ إليهِ جميعُ المخلوقاتِ فقدْ روى الترمذيُّ عَن أنَسٍ  قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: ((لِيَسْألْ أحَدُكُمْ رَبَّهُ حَاجَتَهُ كُلَّهَا حَتَّى يَسْألَ شِسْعَ([15]) نَعْلِهِ إذَا انْقَطَعَ))([16]).



([1]) سنن الترمذي ج 8 ص 172.

 صحيح مسلم كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب فضائل قل هو الله أحد.([2])

 ([3]) محمد بن علي بن عمر التَّمِيمي المازري نسبته إلى مازر، أبو عبد الله: محدث من فقهاء المالكية ولد سنة 453 هـ  – توفي سنة 536هـ بجزيرة صقلّيّة. اهـ الأعلام ج 6 ص 277.

([4]) المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للنووي ج6 ص 78.

 تحفة الأحوذي للمباركفوري ج 8 ص 172.([5])

([6]) الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج للسيوطي ج 2 ص 404.

 سورة الذاريات / 57.([7])

 الأسماء والصفات للبيهقي ج 2 ص 38، فتح الباري لابن حجر ج 15 ص 294.([8])

قال الهيثمي: رواه الطبراني في الصغير والأوسط.اهـ مجمع الزوائد ج7 ص305. ([9])

قال ابن منظور: وضَعْضَعَه أَي هَدمه حتى الأَرض.اهـ لسان العرب لابن منظور ج8 ص224. ([10])

 السنن الكبرى للبيهقي ج5 ص393، المعجم الكبير للطبراني ج19 ص428.([11])

 سورة الرحمن / 26.([12])

([13]) تفسير البغوي ج 5 ص 330.

([14]) التفسير الكبير للرازي ج 32 ص 369.

([15]) قال السيوطي: هو أحد سيور النعل وهو الذي يدخل بين الأصبعين ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل المشدود في الزمام والزمام السير الذي يعقد فيه الشسع .اهـ شرح السيوطي على السنن الصغرى للنسائي ج 8 ص 501

 سنن الترمذي ج 10 ص 58.([16]