الجمعة يوليو 26, 2024

عقيدة الأشاعرة والماتريدية وأنها عقيدة أهل السنة والجماعة

العناوين الداخلية:

  • نسب الإمام الأشعريّ.
  • الاختلاف بين الصحابة في مسألة رؤية النبي لله تعالى ليلة المعراج.
  • معنى ذات الله أي حقيقته.

نسب الإمام الأشعريّ:

قال الإمام الشيخ عبد الله الهرري رحمه الله رحمة واسعة:

الحمد لله رب العالمين، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، وصلات الله البر الرحيم والملائكة المقربين، على سيدنا محمد أشرف المرسلين، وعلى جميع إخوانه الأنبياء والمرسلين، وآل كل والصالحين، وسلام الله عليهم أجمعين.

في القرن الثالث الهجري كثر هؤلاء الفرق الشاذة، ثم قيض الله تبارك وتعالى في أواخر ذلك العصر إمامين أحدهما عربي والآخر عجمي، العربي هو أبو الحسن الأشعري هو من ذرية أبي موسى الأشعري صاحب رسول الله ﷺ الذي كان الرسول معجباً بحسن صوته بالقرآن، قال في حقه: “لقد أوتي عبد الله بن قيس مزماراً من مزامير آل داود” رواه البخاري ومسلم وغيرهما، يعني بالمزمار يستعمل المزمار، هنا في هذا الحديث معنى المزمار الصوت الحسن، صوته في غاية الحسن، لذلك قال الرسول ﷺ: “مزماراً من مزامير آل داود”، دل بقوله: “مزماراً من مزامير آل داود” ليس كداود لكن أقل من ذلك، داود عندما كان يسبح الله الطيور تطرب، فترد معه من شدة طربها من صوت داود، والجبل كان يسبح الله، الله تعالى يخلق فيه شعوراً، الجماد إذا شاء الله تعالى أن يصير فيه شعور يصير فيه شعور، الحجر وغير ذلك. حكى لي رجل من أهل عرسال عن أمة قال: أمي تمشي في الكرم، تلك البلدة فيها الكرم كثير العنب كثير، وكانت تذكر الله تقول: الله الله، فذات ليلة سمعت الكرم يقول: الله الله. كذلك جبل الطور الذي كان موسى عنده الله تعالى خلق فيه الإدراك فرأى الله، الجبل رأى الله الذي ليس كمثله شيء لا يشبه شيئاً فاندك، نزل الجبل، صار سواءً مع الأرض من الهيبة، أما موسى طلب من الله أن يريه ذاته المقدس فلم يعطه لكن أعطى الجبل، الجبل رأى الله فاندك، أبو الحسن الأشعري هو من ذرية أبي موسى الأشعري صاحب رسول الله ﷺ، والآخر يقال له أبو منصور الماتريدي، أبو الحسن الأشعري كان ببغداد، وأبو منصور الماتريدي كان ببلاد فارس.

الاختلاف بين الصحابة في مسألة رؤية النبي لله تعالى ليلة المعراج:

هذان الإمام قررا عقائد أهل السنة وأوضحاها إيضاحاً تاماً، مع الرد على المخالفين من معتزلة ومشبهة وغيرهم، فصار كل أهل السنة بعد هذين الإمامين ينسبون إلى أحد هذين الإمامين، فيقال لبعض أهل السنة أشعري ولبعض ماتريدي، هذا أشعري وهذا ماتريدي، وكلا الفريقين من أهل السنة، ليس بينهما اختلاف في أصول العقائد، بينهما اختلاف في بعض فروع العقائد وهذا لا يعابان به، لأن الاختلاف في فروع العقائد حصل في الصحابة، وذلك أن بعض الصحابة نفوا رؤية النبي لله ليلة المعراج، قالوا: ما رأى! وبعض من الصحابة قال: الرسول رأى ربه ليلة المعراج، فمن المثبتين رؤية النبي لربه ليلة المعراج: عبد الله بن عباس رضي الله عنهما وأنس بن مالك وأبوذر الغفاري، لكن أبا ذر قال: “رآه بفؤاده ولم يره بعينه”، وليس معناه أن الله حل في قلب النبي، لا، بل المعنى أن الله جعل قوة الرؤية للرسول بفؤاده، فرأى الله الذي ليس كمثله شيء، أما الذين نفوا رؤية النبي لربه تلك الليلة: عبد الله بن مسعود وعائشة رضي الله عنهما، هذان قالا: لم ير ربه! فنحن من قال: رأى ربه لا نقول خالف عقيدة أهل السنة، ومن قال: لم ير ربه، كذلك لا نقول انهم ليسوا من أهل السنة، بل نقول: كلا الفريقين من أهل السنة، لان هذا اختلاف في فروع العقيدة، ليس في أصول العقيدة، أصول العقيدة كاعتقاد أن الله موجود لا يشبه غيره بالمرة بوجه من الوجوه، وأنه غير متحيز في جهة ومكان، وأن له صفات أزلية أبدية كما أن ذاته أزلي أبدي، علم أزلي أبدي، قدرة وإرادة أزليتان أبديتان، وسمع وبصر أزليان أبديان، وكلام أزلي أبدي ليس حرفاً ولا صوتاً، هو باق لا يلحقه الفناء، كما لم يسبقه العدم، وأن له حياة ليست كحياة غيره أزلية أبدية، كذلك من أصول العقيدة: أن الله واحد، وأنه لا يشبه شيئاً، وأنه مستغن عن كل شيء، والقدم أي ليس لوجوده ابتداء، هذه الصفات الثلاث عشرة هي أصول العقيدة، هذان الإمامان وأتباعهما لا خلاف بينهم في هذه الثلاث عشرة.

أما رؤية النبي لربه ليلة المعراج هذه ليست من أصول العقيدة من أثبتها ليس عليه حرج ومن نفاها ليس عليه حرج. أما رؤية الله في الآخرة هذه أهل السنة اتفقوا عليها، وخالفت المعتزلة قالت: “كيف يرى؟! الشيء الذي يرى لا بد أن يكون جسماً كبيراً أو صغيراً أو قريباً أو بعيداً، الله لا يجوز عليه هذا، كيف يقال: يرى؟! لا يرى!؟” هؤلاء المعتزلة بإنكارهم لرؤية الله رؤية المؤمنين ربهم في الآخرة ضلوا.

أهل السنة يردون على المعتزلة يقولون: يرى من غير أن يكون في مكان، من غير أن يكون في جهة فوق أو تحت، أو يمين أو شمال، أو أمام أو خلف يرى، لا مانع من ان يرى بلا مكان بلا جهة من غيرمسافة قريبة ومن غير مسافة بعيدة، يرى لا كما يرى الخلق، هذا حجة أهل السنة.

معنى ذات الله أي حقيقته:

هنا وقفة، إذا قيل: ما ذات الله؟ يقال: حقيقته الذي ليس حجماً كثيفاً ولا حجماً لطيفاً، أما المخلوق إذا قيل: ذاته، فهو هذا الحجم الكثيف أو اللطيف، ذات الإنسان هذا الحجم الكثيف، أما ذات النور فهو هذا الحجم اللطيف، أما إذا قيل: ذات الله فمعناه حقيقته الذي ليس حجماً لطيفاً ولا حجماً كثيفاً، فمن قال: إن ذات الله جسم لطيف أو كثيف فهو جعله كخلقه، جعل لله أمثالاً كثيرة، الحجم الكثيف كثير، والحجم اللطيف: النور والظلام، والظل هو الذي يظهر لقامة الإنسان أو الشاخص من الأشخاص الشجر أو غير ذلك، في اللغة العامية يقال له: في بلا همزة الفي والفيء في اللغة الظل الذي بعد الزوال، قبل الظهر يوجد ظل، قبل الظهر الظل إلى جهة المغرب، لأن الشمس عندما تطلع من المشرق ظل الإنسان يكون إلى جهة الغرب، أما عندما تأتي الشمس إلى وسط السماء الظل يكون في الوسط،  ثم إذا مالت عن وسط السماء إلى جهة المغرب يتحول الظل إلى جهة المشرق، وهذا علامة دخول وقت صلاة الظهر، الظل الذي بعد الزوال اسمه الفيء، يقال له فيء، ليس كل الظل فيئاً. والحمد لله رب العالمين