طلحة بن عبيد الله
طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ
الشَّهِيْدُ ذُوْ الـخَيْرِ وَالـجُوْدِ
تَرْجَمَتُهُ:
هُوَ أَبُوْ مُحَمَّدٍ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ عَمْرِو بْنِ كَعْبِ بْنِ سَعْدِ بْنِ تَيْمِ بْنِ مُرَّةَ بْنِ كَعْبِ بْنِ لُؤَيْ* أُمُّهُ الصَّعْبَةُ بِنْتُ الـحَضْرَمِيِّ أُخْتُ العَلَاءِ بْنِ الـحَضْرَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَسْلَمَتْ وَأَسْلَمَ طَلْحَةُ قَدِيْمًا مَعَهَا. وَطَلْحَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَحَدُ العَشَرَةِ الَّذِيْنَ بَشَّرَهُمْ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالـجَنَّةِ، وَأَحَدُ السَّابِقِيْنَ الأَوَّلِيْنَ إِلَى الإِسْلَامِ وَأَحَدُ السِّتَّةِ أَهْلِ الشُّوْرَى.
لَهُ عِدَّةُ أَحَادِيْثَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مِنْهَا حَدِيْثَانِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِمَا وَانْفَرَدَ لَهُ البُخَارِيُّ بِحَدِيْثَيْنِ وَمُسْلِمٌ بِثَلَاثَةِ أَحَادِيْثَ وَلَهُ فِي مُسْنَدِ بَقِيِّ بْنِ مُخَلِّدٍ ثَمَانِيَةٌ وَثَلَاثُوْنَ حَدِيْثًا.
كَانَ رَبْعَةً مَائِلًا إِلَى القِصَرِ مَلِيْحَ الوَجْهِ رَحِبَ الصَّدْرِ بَعِيْدَ مَا بَيْنَ الـمَنْكِبَيْنِ شَعَرُهُ كَثِيْرٌ لَيْسَ بِالـجَعْدِ القَطَطِ وَلَا بِالسّبْطِ الـمُسْتَرْسِلِ ضَخْمَ القَدَمَيْنِ إِذَا التَفَتَ التَفَتَ جَمِيْعًا.
قِصَّةُ إِسْلَامِهِ:
يَرْوِي ابْنُ سَعْدٍ فِي طَبَقَاتِهِ قِصَّةً مَفَادُهَا أَنَّ طَلْحَةَ قَالَ: حَضَرْتُ سُوْقَ بُصْرَى بِالشَّامِ فَإِذَا رَاهِبٌ فِي صَوْمَعَتِهِ يَقُوْلُ: سَلُوْا أَهْلَ هَذَا الـمَوْسِمِ أَفِيْهِمْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الـحَرَمِ فَقُلْتُ: نَعَمْ أَنَا فَقَالَ: هَلْ ظَهَرَ أَحْمَدُ بَعْدُ؟* قُلْتُ: وَمَنْ أَحْمَدُ؟، قَالَ: ابْنُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَبْدِ الـمُطَّلِبِ هَذَا شَهْرُهُ الَّذِي يَـخْرُجُ فِيْهِ وَهُوَ ءَاخِرُ الأَنْبِيَاءِ وَمَـخْرَجُهُ مِنَ الـحَرَمِ وَمُهَاجرُهُ إِلَى نَخْلٍ وَحَرَّةٍ وَسِبَاخٍ، قَالَ طَلْحَةُ: فَوَقَعَ فِي قَلْبِي مَا قَالَ فَخَرَجْتُ سَرِيْعًا حَتَّى قَدِمْتُ مَكَّةَ فَقُلْتُ: هَلْ كَانَ مِنْ حَدَثٍ؟ قَالُوْا: نَعَمْ مُـحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ الأَمِيْنُ تَنَبَّأَ وَقَدْ تَبِعَهُ ابْنُ أَبِي قُحَافَةَ (يَعْنُوْنَ أَبَا بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ) فَانْطَلَقْتُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ فَأَخْبَرْتُهُ بِـمَا قَالَ الرَّاهِبُ فَخَرَجْنَا مَعًا فَدَخَلْنَا عَلَى رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَسْلَمْتُ عَلَى يَدَيْهِ وَأَخْبَرْتُه بِـخَبَرِ الرَّاهِبِ فَسُرَّ سُرُوْرًا عَظِيْمًا بِذَلِكَ.
وَقَدْ شَهِدَ طَلْحَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الـمَشَاهِدَ كُلَّهَا مَعَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا بَدْرًا، وَذَلِكَ لِأَنَّ رَسُوْلَ اللهِ لَـمَّا وَصَلَتْهُ أَخْبَارٌ عَنْ عِيْرِ قُرَيْشٍ بَعَثَ طَلْحَةَ وَسَعِيْدَ بْنَ زَيْدٍ لِيَأْتِيَاهُ بِأَخْبَارِ العِيْرِ فَخَرَجَا حَتَّى بَلَغَا الـحَوْرَاءَ حَتَّى مَرَّتْ بِـهِمَا العِيْرُ فَرَجَعَا يُرِيْدَانِ الـمَدِيْنَةَ لِيُخْبِرَا رَسُوْلَ اللهِ بِـخَبَرِهَا لَكِنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ قَدْ خَرَجَ قَبْل مَـجِيْئِهِمَا، وَكَانَتْ وَقْعَةُ بَدْرٍ فِي اليَوْمِ الَّذِي دَخَلَ فِيْهِ طَلْحَةُ وَسَعِيْدٌ الـمَدِيْنَةَ فَلَمْ يَشْهَدَا الوَقْعَةَ، فَضَرَبَ لَـهُمَا رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِسَهْمِهِمَا وَأَجْرِهِمَا فَكَانَا كَمَنْ شَهِدَاهَا.
بَعْضُ مَنَاقِبِهِ:
وَرَدَ فِي “سِيَرِ أَعْلَامِ النُّبَلَاءِ” لِلْذَّهَبِيِّ أَنَّ طَلْحَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَتَاهُ مَالٌ مِنْ حَضْرَمَوْتَ مِقْدَارَ سَبْعِمِائَةِ أَلْفِ دِرْهَمٍ فَبَاتَ يَتَمَلْمَلُ فَقَالَتْ لَهُ زَوْجَتُهُ: مَا لَكَ؟ قَالَ: تَفَكَّرْتُ مُنْذُ اللَّيْلَةِ مَا ظَنُّ رَجُلٍ بِرَبِّهِ يَبِيْتُ وَهَذَا الـمَالُ فِي بَيْتِهِ؟ فَقَالَتْ لَهُ زَوْجُهُ وَهِيَ أُمُّ كُلْثُوْمٍ بِنْتُ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا: إِذَا أَصْبَحْتَ فَادْعُ بِـجِفَانٍ وَقِصَاعٍ فَقَسِّمْهُ فَقَالَ لَـهَا: رَحِمَكِ اللهُ أَنْتِ مُوَفَّقَةٌ بِنْتُ مُوَفَّقٍ. فَلَمَّا أَصْبَحَ قَسَّمَهُ بَيْنَ الـمُهَاجِرِيْنَ وَالأَنْصَارِ فَبَعَثَ إِلَى عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْهَا بِـجَفْنَةٍ، فَقَالَتْ لَهُ زَوْجُهُ: أَمَا كَانَ لَنَا فِي هَذَا الـمَالِ نَصِيْبٌ؟* قَالَ: فَشَأْنُكِ بِـمَا بَقِيَ* فَكَانَتْ صُرَّةٌ فِيْهَا نَـحْوُ أَلْفِ دِرْهَمٍ.
وَأَخْبَارُ بَذْلِ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ وَسَخَائِهِ كَثِيْرَةٌ فِي كُتُبِ التَّرَاجِمِ وَالسِّيَرِ مِنْهَا أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَهُ يَسْأَلُهُ فَتَقَرَّبَ إِلَيْهِ بِرَحِمٍ فَقَالَ: إِنَّ هَذِهِ لَرَحِمٌ مَا سَأَلَنِي بِـهَا أَحَدٌ قَبْلَكَ إِنَّ لِي أَرْضًا قَدْ أَعْطَانِي بِـهَا عُثْمَانُ ثَلَاثَمِائَةِ أَلْفٍ فَاقْبِضْهَا، وَإِنْ شِئْتَ بِعْتُهَا مِنْ عُثْمَانَ وَدَفَعْتُ إِلَيْكَ الثَّمَنَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: الثَّمَنُ، فَأَعْطَاهُ إِيَّاهُ.
وَعَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ بِالإِسْنَادِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيْمَ التَّيْمِيِّ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ طَلْحَةُ لَا يَدَعُ أَحَدًا مِنْ بَنِي تَيْمٍ عَائِلًا إِلَّا كَفَاهُ وَقَضَى دَيْنَهُ وَلَقَدْ كَانَ يُرْسِلُ إِلَى عَائِشَةَ كُلَّ سَنَةٍ بِعَشَرَةِ ءَالَافٍ وَلَقَدْ قَضَى عَنْ صُبَيْحَةَ التَّيْمِيِّ ثَلَاثِيْنَ أَلْفًا.
وَقَالَ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ: حَدَّثَنِي عُثْمَانُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ أَنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ قَضَى عَنْ عُبَيْدِ اللهِ بْنِ مَعْمَرٍ وَعَبْدِ اللهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ كُرَيْزٍ ثَمَانِيْنَ أَلْفَ دِرْهَمٍ.
وَأَثْنَى عَلَيْهِ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْرًا وَمَدَحَهُ فَسَمَّاهُ طَلْحَةَ الـخَيْرِ وَطَلْحَةَ الفَيَّاضِ وَطَلْحَةَ الـجُوْدِ وَذَلِكَ لِبَذْلِهِ وَسَخَائِهِ فِي سَبِيْلِ اللهِ، فَكَثِيْرًا مَا كَانَ يُعْطِي مِنْ غَيْرِ مَسْئَلَةٍ.
وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا عَنْ أَبِيْهَا الصِّدِّيْقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّهُ كُلَّمَا ذُكِرَ يَوْمُ وَقْعَةِ أُحُدٍ قَالَ: ذَلِكَ كُلُّهُ يَوْمُ طَلْحَةَ، كُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَاءَ يَوْمَ أُحُدٍ فَقَالَ لِي رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِأَبِي عُبَيْدَةَ الـجَرَّاحِ: “عَلَيْكُمَا صَاحِبَكُمَا” يُرِيْدُ طَلْحَةَ وَقَدْ نَزَفَ فَأَصْلَحْنَا مِنْ شَأْنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَتَيْنَا طَلْحَةَ فَإِذَا بِهِ بِضْعٌ وَسَبْعُوْنَ أَوْ أَقَلُّ أَوْ أَكْثَرُ بَيْنَ طَعْنَةٍ وَضَرْبَةٍ وَرَمْيَةٍ.
وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ طَلْحَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ حَمَى رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ أُحُدٍ، فَقَدْ أَخْرَجَ النَّسَائِيُّ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ كَانَ فِي نَاحِيَةٍ فِي اثْنَي عَشَرَ رَجُلًا مِنْهُمْ طَلْحَةُ، فَأَدْرَكَهُمُ الـمُشْرِكُوْنَ، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: “مَنْ لِلْقَوْمِ؟”، قَالَ طَلْحَةُ: أَنَا، قَالَ: “كَمَا أَنْتَ”، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ: أَنَا* فَقَالَ: “أَنْتَ” فَقَاتَلَ حَتَّى قُتِلَ فَلَمْ يَزَلْ كَذَلِكَ حَتَّى بَقِيَ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طَلْحَةُ، فَعِنْدَئِذٍ قَاتَلَهُمْ طَلْحَةُ قِتَالَ الأَحَدَ عَشَرَ حَتَّى قُطِعَتْ أَصَابِعُهُ، ثُمَّ رَدَّ اللهُ الـمُشْرِكِيْنَ.
وَأَخْرَجَ الـحَاكِمُ وَالتِّرْمِذِيُّ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ يَوْمَ أُحُدٍ: “أَوْجِبْ طَلْحَةَ”.
وَفِي طَبَقَاتِ ابْنِ سَعْدٍ بِالإِسْنَادِ عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ أَنَّهُ قَالَ: أُصِيْبَ أَنْفُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرُبَاعِيَتُهُ يَوْمَ أُحُدٍ، وَإِنَّ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ وَقَى رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِيَدِهِ فَضُرِبَتْ فَشُلَّتْ إِصْبَعُهُ.
وَفِي الطَّبَقَاتِ أَيْضًا عَنْ عَائِشَةَ رضي وَأُمِّ إِسْحَاقَ ابْنَتَي طَلْحَةَ (أَنَّهُمَا) قَالَتَا: جُرِحَ أَبُوْنَا يَوْمَ أُحُدٍ أَرْبَعًا وَعِشْرِيْنَ بَيْنَ جِرَاحَةٍ وَقَعَ مِنْهَا فِي رَأْسِهِ شَجَّةٌ مُرَبَّعَةٌ وَقُطِعَ نَسَاهُ (يَعْنِي عِرْقَ النَّسَا) وَشُلَّتْ إِصْبَعُهُ وَسَائِرُ الـجِرَاحِ فِي سَائِرِ جَسَدِهِ وَقَدْ غَلَبَهُ الغَشْيُ وَرَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَكْسُوْرَةٌ رُبَاعِيَتَاهُ مَشْجُوْجٌ فِي وَجْهِهِ قَدْ عَلَاهُ الغَشْيُ وَطَلْحَةُ مُحْتَمِلُهُ يَرْجِعُ بِهِ القَهْقَرَى كُلَّمَا أَدْرَكَهُ أَحَدٌ مِنَ الـمِشْرِكِيْنَ قَاتَلَ دُوْنَهُ حَتَّى أَسْنَدَهُ إِلَى الشُّعَبِ.
وَفَاتُهُ:
كَانَتْ وَفَاةُ سَيِّدِنَا طَلْحَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَوْمَ الـجَمَلِ يَوْمَ التَقَى جَيْشَا عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَمُعَاوِيَةَ بْنِ أَبِي سُفْيَانَ وَذَلِكَ فِي جَمَادَى الآخِرَةِ مِنَ السَّنَةِ السَّادِسَةِ وَالثَّلَاثِيْنَ لِلْهِجْرَةِ بَعْدَ أَنْ رَمَاهُ مَرْوَانُ بْنُ الـحَكَمِ بِسَهْمٍ وَهُوَ مُنْصَرِفٌ مِنْ مُعَسْكَرِ مُعَاوِيَةَ تَائِبًا مِنْ قِتَالِهِ لِأَمِيْرِ الـمُؤْمِنِيْنَ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ.
وَقَدْ رَوَى الـحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ أَنَّ أَمِيْرَ الـمُؤْمِنِيْنَ عَلِيًّا رَضِيَ اللهُ عَنْهُ بَعَثَ إِلَى طَلْحَةَ أَنِ القِنِي فَأَتَاهُ طَلْحَةُ فَقَالَ لَهُ: نَشَدْتُكَ اللهَ هَلْ سَمِعْتَ رَسُوْلَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُوْلُ: “مَنْ كُنْتُ مَوْلَاهُ فَعَلِيٌّ مَوْلَاهُ، اللَّهُمَّ وَالِ مَنْ وَالَاهُ وَعَادِ مَنْ عَادَاهُ” فَقَالَ طَلْحَةُ: نَعَمْ، قَالَ: فَلِمَ تُقَاتِلُنِي؟ قَالَ: لَـمْ أَذْكُرْ، فَانْصَرَفَ طَلْحَةُ تَائِبًا.
وَيَذْكُرُ صَاحِبُ الـمُسْتَدْرَكِ فِي تِتِمَّةِ هَذِهِ القِصَّةِ عَنْ ثَوْرِ بْنِ مُجْزَأَةَ أَنَّهُ قَالَ: “مَرَرْتُ بِطَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللهِ يَوْمَ الـجَمَلِ وَهُوَ صَرِيْعٌ فِي ءَاخِرِ رَمَقٍ فَوَقَفْتُ عَلَيْهِ فَرَفَعَ رَأْسَهُ فَقَالَ: إِنِّي لَأَرَى وَجْهَ رَجُلٍ كَأَنَّهُ القَمَرُ، مِمَّنْ أَنْتَ؟، فَقُلْتُ: مِنْ أَصْحَابِ أَمِيْرِ الـمُؤْمِنِيْنَ عَلِيٍّ فَقَالَ: ابْسُطْ يَدَكَ أُبَايِعُكَ فَبَسَطْتُ يَدِي وَبَايَعَنِي فَفَاضَتْ نَفْسُهُ فَأَتَيْتُ عَلِيًّا فَأَخْبَرْتُهُ بِقَوْلِ طَلْحَةَ فَقَالَ: اللهُ أَكْبَرُ اللهُ أَكْبَرُ صَدَقَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَبَى اللهُ أَنْ يُدْخِلَ طَلْحَةَ الـجَنَّةَ إِلَّا وَبَيْعَتِي فِي عُنُقِهِ.
رَحِمَ اللهُ طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللهِ صَاحِبَ رَسُوْلِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.