الأحد نوفمبر 9, 2025

قال المؤلف رحمه الله: [الواحدُ].

(الشرحُ): أنَّ صانع العالم واحدٌ. قال الإمام أبو حنيفة رَضِيَ الله عنه في الفقه الأكبر والله تعالى واحد لا من طريق العدد ولكن من طريق أنه لا شريك له لا يُشبه شيئًا من الأشياء من خلقِهِ ولا يُشبهه شيءٌ مِن خلقه اهـ.

واشتهر عند أهل الحق الاستدلال على إثبات الوحدة لله تعالى ببرهان التمانع المأخوذ من قوله تعالى: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا ءَالِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسِدَتَا} [الأنبياء: 22] وتقريره أن يقال لو أكمن إلٰهانِ لَأَمْكَنَ بينهما تمانعٌ بأن يريدَ أحدُهما حركةَ زيدٍ والآخرُ سكونَه وحينئذٍ إمَّا أن لا يحصلَ الأمرانِ فيلزم عجزُهُما والعاجزُ ليس إلٰهًا وإما أن يحصلَ الأمران فيجتمع الضدانِ وهو محالٌ أو يحصلَ أمرٌ منهما فيلزم عجزُ أحدِهما وهو أمارةُ حدوثِهِ وإمكانِهِ لِمَا فيه من الاحتياج، فالتعدُّدُ مستلزمٌ لإمكان التمانع المستلزم للمحال فيكون محالًا.

قال المؤلف رحمه الله: [القديمُ].

(الشرحُ): أن واجب الوجود لا يكون إلا قديمًا أيْ لا ابتداء لوجوده إذ لو كان حادثًا مسبوقًا بالعدم لكان وجودُهُ بغيرِهِ كما سبقَ تقريرُهُ.

فإن قيل لم يثبت أنَّ القديم اسم لله تعالى قرءانًا ولا حديثًا فالجواب أنَّ الأمةَ أجمعتْ على جواز إطلاقهما على الله فلا وجْهَ للاعتراض في ذلك. وقد صحَّ في حديثِ أبي داود قولُهُ صلى الله عليه وسلم إذا أراد دخولَ المسجد أعُوذُ باللّٰهِ العظيمِ وبوجهِهِ الكريمِ وَسُلْطَانِهِ القَدِيمِ مِنَ الشَّيطَانِ الرَّجِيمِ اهـ. فإذا جاز إطلاقُ القديمِ على صفةِ الذاتِ المقدَّسِ لم يكنْ إلَّا بمعنَى ما لا بدايةَ له فيجوزُ إطلاقُهُ على الذاتِ وهو يشهدُ لِمَا أجمعتِ الأمةُ عليه.

ومعنى القِدَم المُراد في هذا الباب هو القِدَمُ الذَّاتِيُّ وليس القدمَ الزمانِيَّ.

قال المؤلف رحمه الله [الحيُّ القادرُ العليمُ السميعُ البصيرُ الشَّاِي المُرِيدُ].

(الشرحُ): أنَّ الله تبارك وتعالى متّصف بالحياة والقدرة والعلم والسمع والبصر والمشيئة وهِيَ الإرادة فهو تبارك وتعالى حيٌّ بحياةٍ أزلية أبدية وقادرٌ بقدرة أزلية أبدية وعليمٌ بعلم أزليٍّ أبديٍّ وسميعٌ بسمع أزليٍّ أبديٍّ وبصيرٌ ببصر أيْ رؤية ثابتة له في الأزل وشاءٍ بمشيئة أزلية أبدية. فهذه الألفاظ لا تُطلق على غير الله تعالى بالمعنَى الذي تُطلق إذا وصفَ الله تعالى بمعانيها فليس هناك إلا الاتفاقُ في اللفظ فإنَّ الحياةَ التي وَصف اللهُ بها نَفْسَهُ مثلًا حياةٌ أزليةٌ أبديةٌ والحياةَ التي وَصف بها غيرَه حياةٌ حادثةٌ قابلةٌ من حيثُ ذاتُها للفناءِ بعد الوجودِ لأنها مسبوقةٌ بالعدم، وكذلك عِلمُ غيرِه وسمعُه وبصرُه ومشيئتُه وإرادتُه فإنها حادثةٌ تَقبل العدمَ بعد وجودِها كما أنها حدثتْ بعد عدمٍ فلا اشتراكَ بين الله وبين غيره فيها.