الثلاثاء مارس 18, 2025

ذُو الْجَلَاْلِ وَالْإِكْرَاْمِ: أيْ أَنَّ اللهَ مستحِقٌّ أنْ يُجَلَّ فلا يُجحَدَ ولا يُكفَرَ بِهِ، وهوَ المكرِمُ أهلَ ولايتِهِ بالفوزِ والنورِ التَّامِ يومَ القيامةِ قالَ تعالى: ﭐﱡﭐ   ([1])، ورُوِيَ عنْ أنسِ بنِ مالكٍ  أَنَّ النَّبيَّ قَالَ: ((أَلِظُّوا بِيَاذَا الْجَلاَلِ والإِكْرَامِ))([2])، قالَ ابنُ منظورٍ: “أَلِظُّوا أَيِ الزَمُوا هذا واثْبُتُوا عليهِ وأَكثِرُوا مِنْ قولِهِ والتلفُّظِ بهِ في دعائِكُم”([3]).اهـ وعنْ معاذِ بنِ جبلٍ  قالَ: مَرَّ النبيُّ برجلٍ وهوَ يقولُ: يا ذا الجلالِ والإكرامِ، قالَ: ((قَدِ اسْتُجِيبَ لَكَ فَسَلْ))([4]).

وقدْ جاءَ عنْ أَنَسِ بنِ مالكٍ : ((أَنَّهُ كَانَ مع رَسُولِ الله جَالِسًا وَرَجُلٌ يُصَلِّي، ثُمَّ دَعَا: اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِأَنَّ لَكَ الْحَمْدَ، لَا إِلهَ إِلَّاأَنْتَ المنّانُ بَدِيعُ السَّمواتِ وَاْلأَرْضِ، يَاذَا الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ يَاحَيُّ يَاقَيُّومُ، فَقَالَ النَّبيُّ : لَقَدْ دَعَا اللهَ باسْمِهِ العَظِيمِ الَّذي إِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِلَ بِهِ أَعْطَى))([5]).

دُعَاءٌ: اللهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ يَا ذَا الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ أَنْ تَجْعَلَنَا مِنَ المقْبُولِينَ يَا اللهُ.

الْمُقْسِطُ: هوَ العادِلُ في حُكمِهِ المنزَّهُ عنِ الظُّلمِ والجَورِ لا يُسألُ عمَّا يَفعَلُ، قالَ اللهُ تعالى: ﱡﭐ    ﱟﱠ  ([6]) فاللهُ تعالى عادلٌ في حكمِه سبحانَه لا يظلمُ، قالَ اللهُ تعالى: ﱡﭐ   ﱫﱬ   ([7]).

فاللهُ عزَّ وجلَّ ما ظلمَ العبادَ ولكنْ مَنْ عَصَى اللهَ مِنْهُمْ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ، فوكَّلَ اللهُ بهمُ الملكينِ يسجِّلون أعمالَهم، فمَا تركَ الملكانِ صغيرةً ولا كبيرةً إِلَّاسجَّلوها على هذا العبدِ، وتوضعُ الموازينُ يومَ القيامةِ، والوزنُ يومئذٍ الحقُّ، فيجِدون ما عمِلوا حاضرًا ولا يَظلمُ ربُّنا أحدًا، فَمِنْ عَدْلِ اللهِ تعالى مَا وردَ في حديثِ أَبي هُرَيْرَةَ  أَنَّ رَسُولَ اللهِ قالَ: ((لَتُؤَدَّنَّ الْحُقُوقُ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ القِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الْجَلحَاءِ مِنَ الشَّاةِ القَرْنَاءِ))([8])، وقالَ تعالى: ﱡﭐ     ﱷﱸ   ([9])، فاللهُ تعالى أمرَ بالعدلِ ويحبُّ العدلَ في الأمورِ كلِّها فقدْ نُهينَا عنِ الغلوِّ في الدينِ، قالَ رسولُ اللهِ : ((وإيَّاكُمْ والغُلُوَّ، فإِنَّمَا أَهْلَكَ مَنْ كانَ قَبْلَكُمُ الغُلُوُّ في الدِّينِ))([10])، قالَ : ((إِنَّ الْمُقْسِطِيْنَ عِنْدَ([11]) اللهِ عَلَىْ مَنَاْبِرَ مِنْ نُوْرٍ، الَّذينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا))([12])، وقولُه : “إِنَّ الْمُقْسِطِيْنَ” قالَ النوويُّ: همُ العادلونَ([13]).اهـ  “عَلَىْ مَنَاْبِرَ مِنْ نُوْرٍ ” قالَ العاقوليُّ: هذا يحتملُ الحقيقةَ وهيَ جمعُ منبرٍ سميَ بهِ لارتفاعِه ، ويحتملُ أنْ يكونَ كنايةً عنِ المنازلِ الرفيعةِ والمرادُ بذلكَ كرامَتُهُم([14]).اهـ “الَّذينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا” صفةُ المقسطينَ، قالَ العاقوليُّ: أيْ إِنَّ هذا الفضلَ إنما هوَ لِذِي العدلِ فيما قلَّدَه مِنْ دنيويٍّ أو أخرويٍّ كليٍّ أو جزئيٍّ في أهلِه وغيرِه([15]).اهـ وفي روايةٍ عندَ مسلمٍ: “ إِنَّ الْمُقْسِطِينَ عِنْدَ اللهِ عَلَى مَنَابِرَ مِنْ نُورٍ عَنْ يَمِينِ الرَّحْمَـنِ عَزَّ وَجَلَّ وَكِلْتَا يَدَيْهِ يَمِينٌ الَّذينَ يَعْدِلُونَ فِي حُكْمِهِمْ وَأَهْلِيهِمْ وَمَا وَلُوا“، المرادُ بكونِهم عنِ اليمينِ الحالةُ الحسنةُ والمنزلةُ الرفيعةُ، والعربُ تنسبُ الفعلَ المحمودَ إلى اليمينِ وضدَّه إلى اليسارِ وقولُه: “وَكِلْتَاْ يَدَيْهِ يَمِيْنٌ” تنبيهٌ على أَنَّه ليسَ المرادُ باليمينِ جارحةً والمعنى أَنَّ صفةَ اللهِ لا نقصَ فيها ([16]).اهـ وَعَنْ عِيَاضِ بْنِ حِمارٍ  قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَقُولُ: ((أَهْلُ الجَنَّةِ ثَلاَثَةٌ ذُو سُلْطَانٍ مُقْسِطٌ مُوَفَّقٌ وَرَجُلٌ رَحِيمٌ رَقِيقُ الْقَلْبِ لِكُلِّ ذِي قُرْبَى مُسْلِمٍ وَعَفِيفٌ مُتَعَفِّفٌ ذُو عِيَالٍ))([17]).

فَائِدَةٌ: ليسَ ظلمًا مِنَ اللهِ تعالى أنْ قَدَّرَ عذابًا لا آخرَ لهُ للكافرينَ الذينَ كفروا باللهِ ورسلِه فاللهُ تعالى يحكُم بما يشاءُ ولا يوصفُ بالظلمِ.

دُعَاءٌ: اللهم أَجِرْنَا مِنَ النَّارِ وَمِنْ عَذَابِهَا وَهَوِّنَ عَلَيْنَا فِي قُبُوْرِنَا يَا اللهُ.



 سورة الرحمن / 27.([1])

 مسند أحمد ج 5 ص 189.([2])

 لسان العرب لابن منظور ج 7 ص 459.([3])

 سنن الترمذي ج 9 ص 408.([4])

 سنن أبي داوود ج 4 ص 363.([5])

 سورة آل عمران / 18.([6])

 سورة النساء / 40.([7])

 صحيح مسلم كتاب البر والصلة والآداب باب تحريم الظلم.([8])

 سورة النحل / 90.([9])

 السنن الكبرى للبيهقي ج 7 ص 279.([10])

 ([11]) قال المناوي: عندية تعظيم وتكريم لا عندية مكان تعالى الله عما يقول الظالمون.اهـ فيض القدير للمناوي ج 5 ص 408.

([12]) صحيح مسلم كتاب الإمارة باب فضيلة الإمام العادل. وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية.

 المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج للنووي ج 12 ص 166.([13])

 دليل الفالحين لابن علان ج 5 ص 123.([14])

 المرجع السابق. ([15])

 الديباج على صحيح مسلم للسيوطي ج 4 ص 444.([16])

صحيح مسلم كتاب الجنة وصفة نعيمها باب الصفات التي يعرف بها في الدنيا أهل الجنة وأهل النار. ([17]