يقول خالد الجندي في شريطه المسمّى «الفصل ما بين أولياء الرحمـٰن وشياطين الجان»: «يروح يزور إيه وقبور إيه ويلف على المقامات ليه لأنّو بقى محرّك من قبل مجموعة من الجن دمروا عقيدته ويفسدوا التوحيد إللي جواه».
الرَّدُّ: جاء في الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: «كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور ألا فزوروها فإنها تذكر الآخرة»، فزيارة قبور المسلمين للتذكر والاعتبار، وزيارة قبور الأولياء للتبرك والاعتبار. فالأولياء سببٌ اللهُ يعطي بعض عباده سؤلهم بجاههم عند الله لأنهم مكرمون عند الله لهم الدرجات العلى عند الله. فالله الخالق وحده لا أحد سواه يخلق شيئًا. عقيدة المسلم أنّ الولي أو النبيّ لا يخلق ضرًّا ولا نفعًا. فما المانع من زيارة قبور الأولياء والعارفين. فتوسل المسلم بالأولياء والصالحين بعد موتهم لا يقدح في عقيدته ولا إيمانه كما افتريت يا خالد الجندي. وأما زعمك أن مجموعة من الجن دمروا عقيدته ويفسدوا التوحيد إللي جواه هذا افتراء منك.
ومن الروايات التي تثبت جواز زيارة قبور الأولياء وتسهيل حاجات زائريها وقضاء حوائجهم ما أورده الحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي وهو الذي قيل فيه إنّ المؤلفين في كتب الحديث دراية عيال على كتبه قال: «قال أحمد بن جعفر قال سمعت الحسن بن إبراهيم يقول: ما همني أمر فقصدت قبر موسى بن جعفر فتوسلت به إلا سهّل الله تعالى لي ما أحب». وهذا الحافظ ابن الجوزي الحنبلي وابن عقيل الذي هو أحد أصحاب الوجوه في المذهب الحنبلي لم يحرما زيارة القبور للدعاء. والحافظ ابن عساكر قال عن الحافظ عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي دفن بنيسابور وقبره يزار وتجاب الدعوة عنده. وهذا الحافظ الخطيب البغدادي قال: «قبر معروف الكرخي الترياق المجرب» ذكر ذلك عن بعض أكابر السّلف ممّن كان في زمن الإمام أحمد بن حنبل واسمه إبراهيم الحربي الذي كان يشبّه بأحمد بن حنبل.
وقال الحافظ شمس الدين بن الجزري في كتابه «الحصن الحصين» إن من مواضع إجابة الدعاء قبور الصالحين، وهو من أقران الحافظ ابن حجر. وقال الشيخ مرعي الحنبلي: «ولا بأس بلمس قبر بيد لا سيما من ترجى بركته». فهل نأخذ بقول هؤلاء العلماء الأكابر أم بقولك يا من تهرف بما لا تعرف. فليس صحيحًا أنّ مجموعة من الجن حركته، إنما حبه الولي الصالح ورجاء تحقيق غرضه وقضاء حاجته بإذن الله تعالى هو الذي حرّكه.