السبت يوليو 27, 2024

حكم زوجة الغائب والمفقود ومعنى
الإحداد

درس ألقاه المحدث الفقيه الشيخ عبد الله بن محمد العبدريّ رحمه الله تعالى على النساء فِي بيان حكم زوجة الغائب والمفقود وفي معنى الإحداد على الزوج المتوفّى. قال رحمه الله تعالى رحمةً واسعةً:

الحمد لله ربّ العالمين والصلاة والسلام على رسول الله محمد وعلى ءاله وصحبه.

أمَّا بعدُ: فقد قال العلماء إنّ الغائب عن زوجته إن لم ينقطع خبره فنكاحه مستمر فينفق عليها الحاكم مِن ماله إن كان له فِي بلد الزوجة مالٌ، فإن لم يكن كتب إلى حاكم بلده ليطالبه بحقها فإن انقطع خبره فلم يُعلم حالُه حتى يُتوهم موته، فقال بعض الأئمة: لا يجوز لها أن تنكح غيره حتى يتحقق موته أو طلاقه ثم تعتد وقال ءاخرون من الأئمة: تنتظر أربعَ سنين ثم تعتد عدة الوفاة، أي: أربعة أشهر وعشرًا ثم تنكح. القول الأول: قول سيدنا عليّ، والقول الثاني: قول عمر بن الخطاب رضي الله عنهما.

المرأة التِي زوجها غائب ولم يترك لها نفقة إن كان يُعلم مكانُهُ ترفع الدعوى إلى القاضِي عليه فالقاضِي يأخذ من ماله إن كان ترك مالًا فِي هذا البلد ويُعطِي لزوجته من مال زوجها الغائب المصاريفَ وإن لم يكن له مال فِي هذا البلد يكتب هذا القاضي إلى قاضي البلد الذي هو فيه حتى يطالبَهُ ذلك القاضِي بحق زوجته ويبعثَ به إلى زوجته فإن لم يكن له مالٌ قاضِي البلد الذي هي فيه يقول لها اقترضِي مِنَ الناس خذِي القرض وأنفقِي على نفسك ثم نحن نُغَرِّمُهُ.

أما إن كان انقطع خبره وكان يحتمل أنه مات لا سيما كان فُقد فِي خلال أيام الحرب كهذه الأيام التي مضت، فالعلماء فِي هذا الأمر على مذهبين؛ قسم منهم قالوا: هذه امرأة ابْتُلِيَتْ فتصبر فتنتظر حتى يأتيها خبر موته أو حياتِه، فإذا تأكدت أنه مات تعتدُّ ثم بعد ذلك لها أن تتزوج أو أتاها خبر طلاقه لها تتزوج بعد العدة، هذه الفتوى من قال بها سيدُنا عليّ وقال ءاخرون تمكث أربعَ سنوات ثم بعد مُضِيّ أربع سنواتٍ تعتد عدة الوفاة أربعة أشهر وعشرة أيام ثم بعد ذلك لها أن تتزوج هذا مذهب عمر بن الخطاب t إن تزوجت بعدما انتظرت اربع سنوات ثم اعتدت عدة الوفاة وجاء زوجها زوجُها الثاني يكون أمره موقوفًا على رَأْيِ الزوج الأول فإن كان الزوج الأول لا يتركها له ترجع إليه هذا الثاني يتركها ليس له حق أن يقول أنا كيف أتركها أنا قد تزوجتها بزواج شرعيّ كيف أتركها، يتركها ويروح، وإن كان الزوج الأول يتركها له ويقول فلتعطنِي المهر الذي أمهرتُها إياه ووافق الزوج الثاني على هذا صحَّ وعندئذٍ تبقَى معه ويعطِي المهر للزوج الأول وتبقى مع الثاني.

أما الإحداد الذي فرضه الله فهو تَرْكُ الزينة وهو فرضٌ على الزوجة التي تُوُفِّي زوجها وهي فِي عصمته، تُحِدُّ بترك الزينة بالثياب والحلِيّ والطيب، لا تلبس ثيابًا فيها زينة ولو أسودَ لَمَّاعًا بَرَّاقًا، كذلك الأبيض كذلك الأزرق كذلك الأخضر أيُّ ثوب فيه زينة لا تلبسه، حرام عليها، كذلك الحُلِيّ حرامٌ عليها.

الحاصل: يجوز فِي الإحداد أن تلبس ما لا زينة فيه من الأسود والأبيض والأزرق والأخضر وغير ذلك من الألوان إنما الحرام عليها أن تلبس ما فيه زينة ولو «ساعة» فيها زينة. ولبس السواد ليس عادةَ النصارى الخاصةَ؛ بل هذا شيء مشترك بين المسلمين والنصارى بين المسلمات والنصرانيات لكن الأسود نوعان يوجد أسود لماع براق فيه زينة ويوجد أسود ما فيه زينة كذلك الأبيض منه ما فيه زينة ومنه ما ليس فيه زينة كذلك الأزرق منه ما فيه زينة ومنه ما ليس فيه زينة، تلبسُ الذي لا زينة فيه مِن أيّ الألوان إن كانت فِي البيت وإن كانت خارجةً فِي حاجة لا يجوز لها أن تلبس ثياب الزينة. الـمُحِدَّةُ التي تُوُفِّيَ عنها زوجها لا تلبس ضمن الأربعة أشهر وعشرة أيام ما فيه زينة لا تلبس الثياب التي فيها زينة ولا الحليَّ، حرام عليها. انتَهَى.

والله سبحانه وتعالى أعلم.