الجمعة يوليو 26, 2024

حديث جابر لم يصحّحه أحد من الحفاظ

ثم إن هذا الحديث، أعني: حديث جابر، لم يصحّحه أحد من الحفّاظ؛ بل قال الحافظ السيوطيّ: «إنه لا يثبت»([1]).اهـ. وأمّا إيراد الزرقاني([2]) وابن حجر الهيتميّ وغيرهما كمحمد بن أبي بكر الأشخر([3]) في «شرح بهجة المحافل»، والقسطلاني([4]) صاحب المواهب اللدنية([5]) ونسبتهم هذا الحديث إلى عبد الرزّاق([6]) فلا يفيد ذلك أن هذا الحديث صحيح أو حسن، على أنه لم يقل أحد من هؤلاء إن الحديث صحيح أو حسن، إنما أوردوه ناسبين له إلى «مصنف عبد الرزّاق» فليس في ذلك حجة، ثم عبد الرزّاق قال في تفسيره عند قول الله تعالى: {وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ} [هود: 7] هما بدء الخلق قبل خلق السموات والأرض([7]).اهـ. وهذا يبعد أن يكون عبد الرزّاق ذكر في «المصنف» هذا الحديث الركيك، وهؤلاء: صاحب «المواهب اللدنية» ومن ذكر معه ليس فيهم من هو في رتبة الحافظ، فلا يبنى الحكم بصحته أو قبوله بمجرد أن يذكره من له مشاركة في علم الحديث لأن العبرة في التصحيح والتضعيف أن يكون من حافظٍ، أي: أن ينصَّ حافظ على أن هذا الحديث صحيح، أو أن يذكر حافظ في كتابه أنه يقتصر فيه على الصحيح، كالحافظ سعيد بن السكن([8]) الذي ألَّف كتابًا اشترط فيه الاقتصار على الصحيح([9]).

[1])) الحاوي للفتاوى، السيوطيّ، (1/325) في تفسير سورة المدثر، وقد ذكر السيوطيّ كذلك في قوت المغتذي على جامع الترمذي بعد أن ذكر الحديث: أوّل ما خلق الله تعالى القلم فقال: «أما حديث أولية العقل فليس له أصل، وأمّا حديث أولية النور المحمديّ فلا يثبت».اهـ. قوت المغتذي على جامع الترمذي، السيوطي.

[2])) محمد بن عبد الباقي بن يوسف بن أحمد بن علوان الزرقان المصري الأزهري المالكي، أبو عبد الله، مولده ووفاته بالقاهرة، ونسبته إلى زرقان (من قرى منوف بمصر) من كتبه: (تلخيص المقاصد الحسنة) في الحديث، و(شرح البيقونية). الأعلام، الزركلي، (6/184).

[3])) محمد بن أبي بكر الأشخر، جمال الدين، فقيه شافعي يمني. مولده ووفاته في قرية (بيت الشيخ) بقرب الضحى (في اليمن) تفقه في زبيد. له: (شرح بهجة المحافل وبغية الأماثل)، وألفية في النحو. الأعلام، الزركلي، (6/59).

[4])) أحمد بن محمد بن أبي بكر بن عبد الملك القسطلاني أبو العباس شهاب الدين من علماء الحديث، مولده ووفاته في القاهرة، له: (إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري)، و(لطائف الإشارات في علم القراءات)، توفي سنة 923هـ. الأعلام، الزركلي، (1/232).

[5])) المواهب اللدنية في المنح المحمدية، القسطلاني، (1/71).

[6])) عبد الرزاق بن همام بن نافع الصنعانيّ الحميريّ (ت211هـ)، أبو بكر، من حفاظ الحديث الثقات، من أهل صنعاء. له: (الجامع الكبير) في الحديث، وكتاب في (تفسير القرآن)، و(المصنف في الحديث) ويقال له: الجامع الكبير. الأعلام، الزركلي، (3/353).

[7])) تفسير عبد الرزاق الصنعاني، عبد الرزاق، (2/301).

[8])) سعيد بن عثمان بن سعيد بن السكن البغداديّ (ت353هـ)، أبو علي، من حفاظ الحديث. نزل بمصر وتوفي بها. قال ابن ناصر الدين: «كان أحد الأئمة الحفاظ، والمصنفين الأيقاظ، رحل وطوّف، وجمع وصنّف».اهـ. الأعلام، الزركلي، (3/98).

[9])) الصحيح المنتقى، سعيد بن السكن، المقدمة.