تكلم عن فضل العشر الأول من ذي الحجة
اعلم أن العشر الأول من ذى الحجة لها فضل عظيم عند الله ويدل على فضلها أن الله تعالى أقسم بها فى القرءان قال الله تعالى ﴿والفجر وليال عشر﴾ وقال رسول الله ﷺ ما من أيام أفضل عند الله من أيام عشر ذى الحجة رواه ابن حبان. والعمل الصالح فيها أفضل وأحب إلى الله من العمل فى غيرها لقوله ﷺ ما من أيام العمل فيهن أفضل من أيام العشر فأكثروا فيهن التسبيح والتهليل والتكبير رواه الحافظ الطبرانى، فينبغى الإكثار فيها من الطاعات والعبادات كالصلاة والذكر وصلة الأرحام لقوله تعالى ﴿وافعلوا الخير لعلكم تفلحون﴾. ويستحب الصيام فى الأيام التسع من ذى الحجة لا سيما التاسع منها وهو يوم عرفة. ويوم عرفة هو أفضل أيام العام لحديث ابن حبان أفضل الأيام يوم عرفة، وهو يوم عيد للمسلمين فيه نزل قول الله تعالى ﴿اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينا﴾. ويوم عرفة يستحب فيه الغسل قال سيدنا على رضى الله عنه يستحب الغسل يوم الفطر ويوم النحر ويوم الجمعة ويوم عرفة. ويوم عرفة هو يوم يغفر الله فيه الذنوب ويعتق من النار من شاء لقوله ﷺ ما من يوم أكثر أن يعتق الله فيه عبدا من النار من يوم عرفة. وصيامه سنة لغير الحاج وسبب لتكفير ذنوب عامين لقوله ﷺ أحتسب على الله عز وجل أن يكفر السنة الماضية والباقية. أما من كان فى الحج فلا يسن له صوم يوم عرفة لأن المطلوب منه الاجتهاد فى العبادات والصيام قد يضعفه عن ذلك. قال الحافظ النووى فى شرح مسلم إن صيام الأيام التسعة من أول ذى الحجة مستحب استحبابا شديدا. والأصل فى صوم يوم عرفة أنه مستحب إلا لمن كان بعرفات حاجا فلا يستحب له لأن الصيام يضعفه عن اغتنام وقت الوقوف بعرفة قال الخطابى وهذا نهى استحباب لا نهى إيجاب فإنما نهى المحرم عن ذلك خوفا عليه أن يضعف عن الدعاء والابتهال فى ذلك المقام. وإذا صامت المرأة يوم عرفة وكان عليها قضاء أيام فاتتها بعذر فلها ثواب. ولا يجمع الشخص بين صوم يوم عرفة وصوم القضاء بنية واحدة. والدعاء فى يوم عرفة ليس كالدعاء فى غيره لحديث الترمذى خير الدعاء دعاء يوم عرفة. لذلك ينبغى للمسلم أن يجتهد فى عمل الخير فى هذا اليوم وأن يحرص على صيامه وأن يكثر فيه من التهليل والتكبير والتحميد فعن سيدنا على رضى الله عنه أنه قال قال رسول الله ﷺ أفضل ما قلت أنا والنبيون عشية عرفة لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شىء قدير وقد أحدث العلماء فى الماضى بدعة حسنة فكانوا يجتمعون فى المساجد فى يوم عرفة ويذكرون الله كثيرا بنية أن يكسبوا أجرا بعمل شبيه بعمل الحجاج فى عرفات.