السبت يوليو 27, 2024

– تفسير قوله تعالى: {وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَـهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ}[سورة المائدة/١١٦] قال القرطبي: اختلف أهل التأويل في معنى هذا السؤال -وليس هو باستفهام وإن خّرج مخرج الاستفهام- على قولين:

أحدهما: أنه سأله عن ذلك توبيخًا لمن ادّعى عليه ليكون إنكاره بعد السؤال أبلغَ في التكذيب وأشدَّ في التوبيخ والتقريع.

الثاني: قصد بهذا السؤال تعريفَه أن قومه غيروا بعده وادعوا عليه ما لم يقله.

فإن قيل: فالنصارى لم يتخذوا مريم إلهًا فكيف قال ذلك فيهم؟

فقيل: لما كان من قولهم أنها لم تلد بشرًا وإنما ولدت إلهًا لزمهم أن يقولوا إنها لأجل البعضية بمثابة من ولدته، فصاروا حين لزمهم ذلك بمثابة القائلين له. اهـ.

قال بعض المفسرين: وقوله تعالى إخبارًا عن عيسى عليه السلام: {قَالَ سُبحَانَكَ} يعني تنزيهًا لك عن النقائص وبراءة لك من العيوب، وقوله: {مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ} أي لا أدعي لنفسي ما ليس من حقها، يعني أنني مربوب ولست بربَ وعابدٌ ولست بمعبود، ثم قال: {تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلاَ أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ} أي تعلم ما في غيبي ولا أعلم ما في غيبك وقيل المعنى تعلم ما أعلم ولا أعلم ما تعلم.

ليس المعنى أن الله له نفس بمعنى الروح بل الله هو خالق الروح وخالق الجسد، الله ليس روحًا وجسدًا ولا هو روح فقط ولا هو جسدٌ بلا روح: {إِنَّكَ أَنتَ عَلاَّمُ الْغُيُوبِ} ما كان وما يكون وما لم يكن وما هو كائن.