بيان أن صلاة أحد عن أحد غير جائزة وأنه لا يُدفع عن تلك الصلوات مال
فرض الله تعالى على كل مسلم مكلَّف خمس صلوات في اليوم والليلة فقال تعالى: إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا {103} [سورة النساء]، وقال تعالى: وَأَقِيمُواْ الصَّلاَةَ {77} [سورة النساء] أي حافظوا عليها، والأخبار النبوية في ذلك كثيرة، فمن تركها كلها أو بعضها استحق العذاب يوم القيامة، ومن مات وعليه صلاة كان تركها في الدنيا تهاونًا وكسلًا لا تبرأ ذمته ولا تسقط عنه ولا تصلى عنه ولا يُدفع عن تلك الصلوات مالٌ، ويدل على ذلك حديث أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “من نَسي صلاة فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك”، وفي رواية عنه أيضًا قال: قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: “من نسي صلاة أو نام عنها فكفّارتها أن يصليها إذا ذكرها” رواهما مسلم.
قال ابن حبان في صحيحه بعد أن روى هذا الحديث ما نصه: “في قوله صلى الله عليه وسلم: “فليصلها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك” دليل على أن الصلاة لو أداها عنه غيره لم يجز عنه، إذ المصطفى صلى الله عليه وسلم قال: “لا كفارة لها إلا ذلك” يريد إلا أن يصليها إذا ذكرها.
وفيه دليلٌ على أن الميت إذا مات وعليه صلوات لم يقدر على أدائها في عِلَّته لم يجز أن يُعطى الفقراء عن تلك الصلوات الحنطة ولا غيرها من سائر الأطعمة والأشياء” اهــ
وقال الشيخ زكريا الأنصاري الشافعي في “أسنى المطالب” ممزوجًا بالمتن ما نصه: “(ولو مات وعليه صلاة أو اعتكاف لم يقض ولم يفد) عنه لعدم ورودهما، بل نقل القاضي عياض الإجماع على أنه لا يُصلى عنه” اهــ
وقال الشيخ منصور البُهوتي الحنبلي في “كشاف القناع” ممزوجًا بالمتن ما نصه: “(وأما صلاة الفرض فلا تفعل عنه) ذكر القاضي عياض إجماعًا أنه لا يصلى عنه فائتة” اهــ
فتبين بهذا أن ما يفعله بعض أهالي نواحي ماردين من إخراج قمح أو نحوه يوزع للفقراء عن الشخص الذي توفي وعليه صلوات لم يؤدها في حال حياته، ويقولون: “هذا بدل الصلاة التي لم يؤدها في حياته” ويفهمون بذلك أن ذلك كفارة فهو باطل وهو خلاف الحديث الذي فيه: “لا كفارة لها إلا ذلك”.