بيان أن حُلي النساء جائز لهن بالإجماع
تنطع الألباني فحرم على المرأة أن تلبس الذهب المحلق ويعني بذلك الخاتم والسوار والسلسلة من الذهب ويتبجح بتفاخره بهذا لأنه في نفسه يرى مقولة الوهابية: “هم رجال ونحن رجال”، كأنه ما سمع بحديث رسول الله عن الذهب: “وحل لإناثهم”، ولم يسمع بالإجماع الذي نقله الحافظ البيهقي وغيره.
فنقول له: هذا الكلام فيه مخالفة لإجماع المسلمين الذي نقله الحافظ البيهقي في سننه بعد أن أورد عدة أحاديث في ذلك تحت باب عنوانه: “باب سياق أخبار تدل على إباحته للنساء” ومنها حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: الحرير والذهب حرام على ذكور أمتي حِلٌّ لإناثهم” قال الحافظ البيهقي: “فهذه الأخبار أي في الإباحة وما ورد في معناها تدل على إباحة التحلي بالذهب للنساء، واستدللنا بحصول الإجماع على إباحته لهن على نسخ الأخبار الدالة على تحريمه فيهن خاصة” اهــ
وقوله: “على نسخ الأخبار الدالة على تحريمه فيهن خاصة” فيه إبطال لقول الألباني: “لأحاديث خاصة وردت فيهن”.
ونقل الإجماع أيضًا النووي الشافعي في كتابه المجموع ونص عبارته: “يجوز للنساء لبس الحرير والتحلي بالفضة وبالذهب بالإجماع للأحاديث الصحيحة” اهــ
وأيضًا نقله خاتمة الحفاظ الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني في كتابه فتح الباري شرح صحيح البخاري ونص عبارته: “وإذا تقرر هذا فالنهي عن خاتم الذهب أو التختم به مختص بالرجال دون النساء فقد نُقل الإجماع على إباحته للنساء، قلت: وقد أخرج ابن أبي شيبة من حديث عائشة أن النجاشي أهدى للنبي صلى الله عليه وسلم حلية فيها خاتم من ذهب فأخذه وأنه لمُعرض عنه ثم دعا أمامة بنت ابنته – يعني زينب – فقال: “تحلي به” انتهى كلام العسقلاني.
قلت: والحديث أيضًا أخرجه البيهقي في سننه.
ونقل الإجماع أيضًا إلكيا هراسي نقله عنه القرطبي في تفسيره ونص عبارته: “قال مجاهد: رخص للنساء في الذهب والحرير وقرأ هذه الآية – أي قرأ قوله تعالى أَوَمَن يُنَشَّأُ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصَامِ غَيْرُ مُبِينٍ {18} [سورة الزخرف] -.
قال إلكيا: فيه دلالة على إباحة الحُلي للنساء، والإجماع منعقد عليه والأخبار فيه لا تحصى” اهــ
ونقل أيضًا أبو بكر الجصَّاص الحنفي في أحكام القرءان تحت “فصل في إباحة لبس الحلي للنساء” ونص عبارته: “الأخبار الواردة في إباحته للنساء عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة أظهر وأشهر من أخبار الحظر، ودلالة الآية أيضًا ظاهرة في إباحته للنساء، وقد استفاض لبس الحلي للنساء منذ لدن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة إلى يومنا هذا من غير نكير من أحد عليهن، ومثل ذلك لا يُعترض عليه بأخبار الآحاد” اهــ
ونقل الجصاص أيضًا في كتابه المذكور ما نصه: “قال أبو العالية ومجاهد: رخص للنساء في الذهب” اهــ
فبعد هذا تبين أن فتوى الألباني شيطانية مخالفة للحديث النبوي الشريف ولإجماع هذه الأمة، ولا يستغرب صدور مثل هذه الفتوى منه فإنه الذي حرَّم الوضوء بأكثر من مد وحرم الاغتسال بأكثر من خمسة أمداد، فعلى مذهبه الباطل يا ويل الذين يزيدون على ذلك فهم عنده ءاثمون ضالون ففيما ذهب إليه تضييق لدين الله الواسع وحرج عظيم والله تعالى يقول: وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ {78} [سورة الحج].