هذا حديث حسَنٌ صحيحٌ أخرجَه ابنُ حبّان. ووقع عنده في أوّلِه السّؤالُ والجوابُ بـ«لا أَدْرِي»، وأصلُ الحديث عند مُسلمٍ مِن حديثِ أبِي هريرة بِغَيرِ نَصِّه.
[1])) قال ابن الأثير في النّهاية (5/71): «نَضَرهُ ونَضَّرَهُ وأنضَرَهُ، أي: نَعَّمَه، ويُروَى بالتَّخفِيف والتَّشدِيد مِن النَّضارةِ وهي في الأصلِ حُسنُ الوَجهِ والبَرِيقُ، وإنَّما أرادَ حُسنَ خُلُقِه وقَدرْه».
[2])) أي: لَم يَزِدْ علَيه ما ليسَ مِن مَعناهُ. قال الملّا عليّ في المرقاة (1/306): «أي: مِن غَيرِ تَغييرٍ لِلَفظِها ولا مَعناها، فيكون تَنبِيهًا على الوَجهِ الأكمَلِ، فلا يُنافِي جَوازَ الرِّوايةِ بالمعنَى على ما علَيه الجُمهورُ».
[3])) قال ابن الأثير في النّهاية (3/381): «ثَلاثٌ لا يُغِلُّ عَليهِنَّ قَلْبُ مُؤْمِنٍ» هو مِن الإغْلالِ الخِيانةُ في كُلِّ شيءٍ، ويُروَى «يَغِلُّ» بفَتح الياء مِن الغِلّ وهو الحِقْدُ والشَّحْناءُ، أيك لا يَدْخُلُه حِقْدٌ يُزِيلُه عن الحَقِّ. ورُوِي «يَغِلُ» بالتَّخفِيف مِن الوُغولِ الدُّخولُ في الشَّرِّ، والمعنَى أنّ هذِه الخِلالَ الثَّلاثَ تُسْتَصْلَحُ بها القُلوبُ، فمَن تَمسَّكَ بها طَهُر قَلْبُه مِن الخِيانةِ والدَّغَل (أي: الفَسادِ) والشَّرِّ. و(عَلَيْهِنَّ) في مَوضِع الحالِ تَقدِيرُه: لا يَغِلُّ كائِنًا علَيهِنَّ قَلْبُ مُؤمِنٍ».
[4])) قال شيخنا رحمه الله: «(ثَلَاثٌ لَا يَغِلُّ)، أي: لا يَحقِدُ (عَلَيهِنُّ قَلْبُ امرِئٍ مُسلِمٍ) معناهُ: لا يَصِيرُ فِيه حِقدٌ بهذِه الثَّلاثةِ، لا يكونُ في قَلبِه معَها حِقدٌ بل يَكُونُ قَليُه مُطمئِنًّان ومعناهُ أيضًا: قَلبُ الـمُؤمِن الكامِل لا يَقبَلُ تَركَ هذِه الأشياءِ».
[5])) قال شيخنا رحمه الله: «الرّسولُ علَيه السّلام أَوصَى في هذا الحديثِ بثَلاثَةِ أشياء: الأوّلُ إخلاصُ العمَلِ لله، معناه: الحسَناتُ الّتِي يَعمَلُها الـمُسلِمُ لا بُدّ أن يَقصِدَ بها طاعةَ اللهِ لا يَقصِدُ بذلكَ مَحْمَدةَ النّاسِ، لأنّ مَن قَصَدَ بعمَلِ خَيرٍ مَحمَدةً النّاس أو قصَدَ مَحمَدةَ النّاسِ والأَجرَ مِن اللهِ ليسَ لهُ شيءٌ بل علَيه ذنبٌ، فيجِبُ على الـمُسلِم إذا عَمِلَ حسَنةً مِنَ الحسَناتِ مِن صَلاةٍ أو صِامٍ أو حَجٍّ أو زَكاةٍ أو صَدَقةٍ أو قِراءةِ قُرءانٍ أو غَيرِ ذلكَ مِن الحسَناتِ أنْ لا يَنويَ بذلكَ إلّا طاعةً اللهِ، إلّا التّقَرُّبَ إلى اللهِ، يقولُ في قلبِه: أنا أفعَل تلكَ الحَسَنَةَ لأنّ اللهَ يُحِبّ ذلكَ، لأنّ اللهَ أَمَر بذلكَ، ولا يضُمُّ إلى ذلك قَصْدَ أنْ يَمدَحَه النّاسُ. فأَيُّ حَسَنةٍ يَعمَلُها الـمُسلِمُ علَى هذه النِّيةِ الخالِصةِ القَلِيلُ مِنها عِندَ اللهِ كَثيرٌ، أمّا الّتي لا يَنوِي بها النِّيّةَ الخالِصةَ فلَيسَ لهُ ثَوابُها مَهما كَثُرَ عمَلُه. كثِيرٌ مِن النّاسِ يَعمَلُون حسَناتٍ هذا يحُجُّ وهذَا يَبنِي مَسجِدًا وهذَا يتَصدَّقُ وهذَا يَقرَأُ القُرءانَ جَهرًا حتى يَمدَحَه النّاسُ وبَعضُهم يَنوُون معَ هذا طلَبَ الأجرِ مِن اللهِ فلا ثوابَ لَهُم بل يَستَحِقُّون العذابَ، اللهُ لا يَقبَلُ مِن الحسَناتِ ما إذَا كانَت نِيّةُ العَبدِ فيها مَحبّةَ أنْ يَمدَحَه النّاسُ. إخلاصُ العمَلِ مِن أَعمالِ القلُوبِ الواجِبةِ. (وَمُناصَحةُ وُلَاةِ الأَمْرِ) مَعناه: طاعَتُهم. ولزُومُ جَماعةِ الـمُسلمِين يعنِي ما اتّفَق علَيه جُمهورُ الأُمُّة، حُكمُه يَشمل كُلَّ الـمُؤمنِينَ ومَن ثَبتَتْ بَيعَتُه الشّرعِيّة يَثبُت حُكمُ بَيعَتِه علَى الّذِين بايَعُوه وعلَى الّذِين لَم يُبايِعُوه. (فَإِنَّ دَعْوَتَهُم تُحِيطُ مَن وَراءَهُم) مَعناه: ما اتّفَقَ علَيه جُمهورُ الأُمّةِ حُكمُه يَشمَلُ كُلَّ المؤمنِينَ، والخلِيفةُ الّذي تَثبُت خِلافَتُه تَثبُت خِلافتُه على كُلِّ المؤمنِينَ الّذينَ كانُوا في ذلكَ الوَقتِ. أبو بَكرٍ بايعَه أهلُ مكّةَ والمدِينةِ فثَبتَتْ خِلافَتُه على كلِّ المؤمنِين في الأرضِ، وعَليٌّ بايَعَه المهاجِرُون والأنصارُ فثبَتَت لهُ الخِلافةُ على كلِّ المؤمنِينَ في ذلك الوَقتِ، لا يَجُوز لأَحَدٍ مِن المؤمنينَ الخُروجُ علَيه».
[6])) قال ابن الأثير في النّهاية (3/361): «أي: غَرِقَتا بالدُّموع».
[7])) قال ابن الأثير في النّهاية (5/165): «هي ما أحاطَ بالعُنُقِ مِن العُروقِ الّتي يَقطَعُها الذّابحُ، واحِدُها وَدَجٌ بالتَّحريكِ. وقِيلَ: الوَدَجانِ عِرْقانِ غَلِيظانِ عن جانِبَي ثُغْرةِ النَّحْرِ».
[8])) قال شيخنا رحمه الله: «أي: شَرُّ الأرضِ الأسواقُ، وفي رِوايةٍ: «شرُّ البِقاعِ». مِن هنا قال العُلَماء: يَجوزُ على الأنبياءِ عليهِم الصّلاةُ والسّلامُ أنْ يَقُولوا في بعضِ الـمَسائلِ لا أَدرِي أي غَيرِ الضَّرُوريِّات، هذه ليسَتْ مِن الضَّرُورِيّات».
[9])) قال شيخنا رحمه الله: «القَرِينُ مِن الشّياطِين الموكَّلُ بالشّخصِ واحٍدٌ، أمّا القُرَناء الآخَرُون فغيرُ ملازمِين للشّخص، يَنتقِلُون من واحدٍ إلى ءاخَر. هؤلاء الذين هُم غيرُ مُلازمِين للشّخصِ يُدورُون في الأسواقِ فيَشتغِلُون فيها بإيقاع الناسِ في المعاصي، في المعامَلات المحرَّمة والغَشّ والكذبِ والرِّبا وغيرِ ذلك، يَكثُرون في الأسواقِ لأنّهم يَعتبِرون الأسواق مَصْيَدةً للبشَر لإغراقِهم في المعاصي».
[10])) قال شيخنا رحمه الله: «(أُصِيبَتْ مَقاتِلُهُ)، أي: هَلَكَ».
[11])) وفي روايةٍ مشهُورةٍ: «وَسُنّةٌ ماضِيةٌ». قال شيخُنا رحمه الله: «كِتابٌ ناطِقٌ، أي: القُرءانُ، وسُنّةٌ ماضيةٌ، أي: حدِيثٌ ثابتٌ». وقال المناويّ في فيض القَدِير (4/387): «(وَسُنَّةٌ مَاضيَةٌ)، أي: جاريةٌ مُستَمِرّةٌ ظاهِرةٌ».