الْوَهَّاْبُ:
هوَ الذي يجودُ بالعطاءِ مِنْ غيرِ استِثَابةٍ أي يثيبُ الطائعينَ فَضلًا منهُ
وكَرَمًا ﭧﭐﭨ ﭐﱡﭐﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠﲡﱠ([1]).
فاللهُ تعالى وهابٌ وهوَ مِنَ الفعلِ
يَهَبُ، و”وَهَّابُ” صيغةُ مبالغةٍ. وقالَ اللهُ تعالى: ﭐﱡﭐﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅﳆ ﳇ ﳈ ﳉ ﳊﱠ([2])
فاللهُ
تعالى يثيبُ الطائعينَ فضلًا منهُ وكرمًا، لا دافعَ لما قضى ولا مانِعَ لما أعطى،
يفعلُ فى مُلْكِهِ ما يريدُ، ويحكمُ فى خلقِهِ بما يشاءُ، لا يرجو ثوابًا ولا يخاف
عقابًا، والمعنى أَنَّ اللهَ سبحانَهُ وتعالى لا يرجو مِنْ عبادِهِ ثوابًا أو
منفعةً ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱪ ﱫ ﱬ ﱭ ﱮ ﱯ ﱰ ﱱ ﱲﱳﱠ([3]) فاللهُ ما كَلَّفَهُمْ بالعبادةِ لأَنَّهُ يلحقُهُ نَفْعٌ
مِنْ ذلكَ، ولا نهاهُمْ عنْ شىءٍ لأَنَّهُ يخافُ ضررًا أو عقابًا مِنْ أحدٍ منهُمْ.
وكيفَ يرجو ثوابًا مِنْ عبادِهِ أو يخافُ عقابًا وهوَ خالقُهم وخالقُ أعمالِهِم.
قالَ الرازيُّ في معنى قولِهِ تعالى: ﱡﭐ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠﲡﱠ([4]): منصبُ النبوةِ منصبٌ عظيمٌ ودرجةٌ عاليةٌ والقادرُ على
هِبَتِهَا لا بُدَّ أنْ يكونَ عزيزًا أيْ كاملَ القدرةِ ووهابًا أيْ عظيمَ الجودِ
وذلكَ المنصبُ هوَ للهِ سبحانَهُ وتعالى، وإذا كانَ هوَ تعالى كاملَ القدرةِ وكاملَ
الجودِ، لم يتوقفْ كونُهُ واهبًا لهذهِ النعمةِ على كونِ الموهوبِ منهُ غنيًا أو
فقيرًا، ولم يختلفْ ذلكَ أيضًا بسببِ أَنَّ أعداءَهُ يحبونَهُ أو يكرهونَهُ.([5])اهـ فاللهُ تعالى يَهَبُ مَنْ يشاءُ ما يشاءُ، دعا سيدُنَا
سليمانُ ربَّهُ بأنْ يرزُقَهُ ملكًا لا ينبغي لأحدٍ مِنْ بعدِهِ كما أخبرَ اللهُ
تعالى: ﭐﱡﭐ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢ ﲣ ﲤ ﲥﲦ ﲧ ﲨ ﲩﲪ ﲫ ﲬ ﲭ ﲮ ﲯ ﲰ ﲱ ﲲ ﲳ ﲴ
ﲵ ﲶ ﲷ ﲸ ﲹ ﲺ ﲻ ﲼ ﲽ ﲾ ﲿ ﳀ ﳁ ﳂ ﳃ ﳄ ﳅﱠ([6]) فأعطاه
إياه، قالَ القرطبيُّ:
“وحاشا سليمانَ عليهِ السلامُ أنْ يكونَ سؤالُه طلبًا لنفسِ الدنيا؛ لأَنَّهُ
هوَ والأنبياءُ أزهدُ خلقِ اللهِ فيها، وإنما سألَ مملكَتَهَا للهِ، كما سألَ نوحٌ
دمارَهَا وهلاكَهَا للهِ؛ فكانَا محمودينِ مجابينِ إلى ذلكَ، فأجيبَ نوحٌ فأهلكَ مَنْ
عليها، وأعطيَ سليمانُ المملكةَ. وقدْ قيلَ: إِنَّ ذلكَ كانَ بأمرٍ مِنَ اللهِ جلَّ
وعزَّ على الصفةِ التي علمَ اللهُ أَنَّهُ لا يضبطُهُ إلَّا هوَ وحدَهُ دونَ سائرِ
عبادِهِ” ([7]).
اهـ
قالَ اللهُ تعالى: ﭐﱡﭐﲧ ﲨ ﲩ ﲪﲫ ﲬ ﲭ ﲮﲯ ﲰ ﲱ
ﲲ ﲳ ﲴ ﲵ ﲶ ﲷﲸﱠ([8])، وقالَ
زكريا عليهِ السلامُ ما أخبرَ
عنهُ سبحانَهُ: ﭐ ﱡﭐﱁ ﱂ ﱃ ﱄﱅ ﱆ ﱇ ﱈ ﱉ ﱊ
ﱋ ﱌ ﱍﱎ ﱏ ﱐ ﱑﱒﱠ([9])، فاستجابَ اللهُ دعاءَ نبيهِ زكريا ووَهَبَهُ يحيى عليهِ
السلامُ، فهوَ الوهابُ الذي يَهَبُ مَنْ يشاءُ ما يشاءُ، وقد قيلَ إِنَّ زكريا
عليهِ السلامُ كانَ عُمُرُهُ آنذاك تسعًا وتسعينَ سنةً وكانَ عمرُ زوجتِهِ ثمانيًا
وتسعينَ سنةً واسمُهَا إشياع وكانتْ عاقرًا لا تَلِدُ، وهكذا أُجيبَ زكريا عليهِ
الصلاةُ والسلامُ بقدرةِ اللهِ تعالى الوهابِ.
فَائِدَةٌ:
رُويَ مِنْ حديثِ إياسِ بنِ سلمةَ بنِ الأكوعِ الأسلميِّ عنْ أبيهِ قالَ:((مَا
سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ يَسْتَفْتِحُ دُعَاءً إِلَّااسْتَفْتَحَهُ بِسُبْحَانَ رَبِّيَ
العَلِيِّ الأَعْلَى الوَهَّابِ))([10])
فَاْئِدَةٌ
أُخْرَىْ: وردَ عنْ
أمِّ المؤمنينَ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ إِذَا اسْتَيْقَظَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَ: ((لَا
إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ، اللَّهُمَّ أَسْتَغْفِرُكَ لِذَنْبِي
وَأَسْأَلُكَ رَحْمَتَكَ، اللَّهُمَّ زِدْنِي عِلْمًا وَلاَ تُزِغْ قَلْبِي بَعْدَ
إِذْ هَدَيْتَنِي وَهَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ))([11]).