الْنُّـوْرُ: أيِ الذي بنورِهِ أي بهدايَتِهِ
يَهتدِي ذو الغَوَايَةِ فيرشَدُ، قالَ تعالى: ﱡﭐ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﳐ ﱠ([1]) أي أَنَّ اللهَ تعالى هادي أهلِ
السمواتِ وَمَنْ آمَنَ مِنْ أهلِ الأرضِ لنورِ الإيمانِ، فاللهُ تعالى ليسَ نورًا
بمعنى الضوءِ بلْ هوَ الذي خلقَ الضوءَ والظلامَ. قالَ الطبريُّ: “اللّهُ
نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ هادي مَنْ في السمواتِ والأرضِ، فَهُمْ
بنورِه إلى الحقِّ يهتدونَ وبهداهُ مِنْ حيرةِ الضلالةِ يعتصمونَ([2]).اهـ
ونقلَ عنِ ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما أيضًا: اللهُ نُورُ السَّمَوَاتِ والأرْضِ
يقولُ: اللهُ سبحانَه هادي أهلِ السمواتِ والأرضِ”([3]).
قالَ
القرطبيُّ: “النورُ في كلامِ العربِ: الأضواءُ المدركةُ بالبصرِ، واستُعملَ
مجازًا فيمَا صحَّ مِنَ المعاني ولاحَ فيقالُ: منهُ كلامٌ لهُ نورٌ، ومنهُ الكتابُ
المنيرُ، فيجوزُ أنْ يقالَ: للهِ تعالى نورٌ مِنْ جهةِ المدحِ لأَنَّه أوجدَ
الأشياءَ، وهوَ سبحانَه ليسَ مِنَ الأضواءِ المدركةِ جلَّ وتعالى عمَّا يقولُ
الظالمونَ عُلُوًّا كبيرًا([4]).اهـ
فَائِدَةٌ: عنِ ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهما خَرَجَ
النبيُّ ﷺ إِلَى الصَلاةِ وَهُوَ يَقُولُ: ((اللَّهُمَّ
اجْعَلْ فِي قَلْبِي نُورًا وَفِي لِسَانِي نُورًا وَاجْعَل فِي سَمْعِي نُورًا
وَاجْعَلْ فِي بَصَرِي نُورًا وَاجْعَلْ مِنْ خَلْفِي نُورًا وَمِنْ أَمَامِي نُورًا
وَاجْعَلْ مِنْ فَوْقِي نُورًا وَمِنْ تَحْتِي نُورًا اللهُمَّ أَعْطِنِي نُورًا))([5])،
فاللهُ ليسَ نورًا بمعنى الضوءِ الذي ينبثُّ في الأجسامِ فلا يجوزُ عليهِ ذلكَ.
تَحْذِيْرٌ: بعضُ العصريينَ يترجمونَ كلماتِ
المصحفِ الشريفِ حرفيًّا، فيخلِطُونَ في بعضِ الآياتِ، فيَنتَقُونَ لها معانيَ مخالفةً
للشرعِ، كقولِ بعضِهم في تفسيرِ آيةِ: ﱡﭐ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﳐ ﱠ أَنَّهُ نورٌ على معنى الضوءِ،
فيترجمونَ كلمةَ: “نُوْرُ”: light
،
والعياذُ باللهِ تعالى فينسِبون إلى اللهِ ما لا يليقُ ويعارضُ الآيةَ المحكمةَ
الصريحةَ في تنزيهِ اللهِ أنْ يكونَ ضوءًا أو جسمًا.
بَيَانٌ
مُهِمٌ:
اعلمْ أَنَّهُ لا يجوزُ ترجمةُ القرءانِ إلى غيرِ اللغةِ العربيةِ، وإِنَّما يترجمُ
معانيهِ، قالَ النوويُّ: “مذهبُنا أَنَّهُ لا يجوزُ قراءةُ القرآنِ بغيرِ
لسانِ العربِ سواءٌ أَمْكَنَه العربيةَ أو عجزَ عنهَا، وسواءٌ كانَ في الصلاةِ أو
غيرِهَا، فإنْ أتَى بترجمتِهِ في صلاةٍ بدلًا عنِ القراءةِ لم تصحَّ صلاتُه سواءٌ
أحسنَ القراءةَ أم لا هذا مذهبُنا، وبهِ قالَ جماهيرُ العلماءِ منهمْ مالكٌ وأحمدُ
وأبو داودَ”([6])
وعَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ كَانَ إِذَا قَامَ إِلَى الصَّلاَةِ
مِنْ جَوْفِ اللَّيْلِ يَقُولُ: ((اللَّهُمَّ لَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ نُورُ
السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ قَيَّامُ السَّمَوَاتِ
وَالأَرْضِ، وَلَكَ الْحَمْدُ أَنْتَ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ
فِيهِنَّ، أَنْتَ الْحَقُّ وَقَوْلُكَ الْحَقُّ وَوَعْدُكَ الْحَقُّ وَلِقَاؤُكَ
حَقٌّ، وَالْجَنَّةُ حَقٌّ وَالنَّارُ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللهُمَّ لَكَ
أَسْلَمْتُ وَبِكَ ءَامَنْتُ وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْكَ أَنَبْتُ وَبِكَ
خَاصَمْتُ وَإِلَيْكَ حَاكَمْتُ، فَاغْفِرْ لِي مَا قَدَّمْتُ وَمَا أَخَّرْتُ
وَمَا أَسْرَرْتُ وَمَا أَعْلَنْتُ، وَمَا أَنْتَ أَعْلَمُ بِهِ مِنِّي أَنْتَ
إِلَهِي لَا إِلهَ إِلَّاأَنْتَ))([7])
دُعَاءٌ:
اللَّهُمَّ اجْعَلْ لَنَاْ نُوْرًا فِي قُلُوْبِنَا وَقُبُوْرِنَا يَا أَرْحَمَ
الرَّاحِمِيْنَ يَا اللهُ.