الأحد نوفمبر 3, 2024

الْقَوِيُّ: هُوَ التَامُّ القُدْرَةِ الَّذِي لَا يُعْجِزُهُ شَىءٌ وَلَا يُقَالُ اللهُ قُوَّةٌ أَوْ قُدْرَةٌ إِنَّمَا هُوَ ذُو القُوَّةِ وَالقُدْرَةِ، وَالقُوَّةُ بِمَعْنَى القُدْرَةِ، ﭧﭐﭨ  ﭐﱡﭐ      ﱭﱮ         ([1]).

تَنْبِيْهٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُقَالَ عَنِ اللهِ تَعَالَى قُوَّةٌ وَلَكِنْ نُقُولُ بِمَا وَرَدَ فِي الكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مِنْ تَسْمِيَةِ اللهِ القَوِيَّ، فَأَسْمَاءُ اللهِ تَوْقِيْفِيَّةٌ، وَرُوِيَ أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ ﷺ قَالَ: ((إِنَّ للهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا([2])))، وَذَكَرَ مِنْهَا: القَادِرَ وَالمقْتَدِرَ وَالقَوِيَّ وَالمتِينَ. فَالقَادِرُ هُوَ الموْصُوفُ بِالقُدْرَةِ الأَزَلِيَّةِ الأَبَدِيَّةِ، وَالمقْتَدِرُ هُوَ الْتَامُّ القُدْرَةِ الَّذِي لَا تَخَلُّفَ لِمُرَادِهِ، وَالقِوِيُّ هُوَ القَادِرُ الَّذِي لَا يَلْحَقُهُ ضَعْفٌ، وَالمتِينُ هُوَ تَامُّ القُوَّةِ([3]).

ومِمَّا يدلُّ على أنَّ اللهَ قادرٌ على كلِّ شيءٍ وما يعبدُهُ الكفارُ مِنْ دونِ اللهِ لا يقدرُ على خلقِ شيءٍ مَا قَالَ تَعَالَى:ﱡﭐ ﱆﱇ   ﱓﱔ  ﱛﱜ        ﱥﱦ          ([4]).

فَائِدَةٌ: “لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّابِاللهِ العَلِيِّ العَظِيْمِ “: ثَبَتَ عَنْ رَسُولِ اللهِ  أَنَّه رَغَّبَ فِيهِ وَوَرَدَ عَنْهُ هَذَا اللفظُ بِكَمَالِهِ([5])، وَثَبَتَ عَنهُ دُونَ زِيَادَةِ “الْعَلِيِّ الْعَظِيْمِ([6])“، فَمَنْ شَاءَ ذَكَرَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّابِاللهِ، وَمَنْ شَاءَ ذَكَرَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّابِاللهِ العَلِيّ العَظِيْمِ، وَقَدْ وَرَدَ أَيضًا بِزِيَادَةِ “الْعَزِيْزِ الْحَكِيْمِ([7]). وَوَرَدَ فِي حَدِيْثٍ رَوَاهُ الحَاكِمُ  عَنْ أبي هريرةَ  عَنْ رسولِ اللهِ ﷺ قالَ: ((مَنْ قالَ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِالله كَانَ دَواءً مِنْ تِسْعَةٍ وَتِسْعِينَ داءً أَيْسَرُها الهَمُّ([8]))). ومعنى لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّابِاللهِ ([9]): أيْ لَا حَولَ عَنْ مَعصِيةِ اللهِ إِلَّابِعِصْمَةِ اللهِ وَلَا قُوَّةَ عَلَى طَاعَةِ اللهِ إِلَّابِعَوْنِ اللهِ، كَمَا وَرَدَ ذَلكَ فِي الحدِيثِ الصَّحِيحِ([10])، فَاللهُ تَعَالَى هُوَ الذي يحفَظُ مِنَ الشَّرِّ مَنْ شَاءَ مِنْ عِبَادِهِ فَالذِي يَعْمَلُ الشَّرَّ فَبِمَشِيئَةِ اللهِ وَالذيْ يَعْمَلُ الخيرَ فَبِمَشِيئَةِ اللهِ لَكنْ مَنْ عَمِلَ خَيرًا فَإِنَّ اللهَ تَعَالَى يُحِبُّ عَمَلَهُ وَأَمَّا مَنْ يَعْمَلْ شَرًّا فَلَا يُحِبُّ اللهُ عَمَلَهُ. ورُوَي عَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ  أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ لَيْلَةَ أُسْرِيَ بِهِ مَرَّ عَلَى إِبْرَاهِيمَ عليهِ الصلاةُ والسلامُ فَقَالَ لَهُ إِبْرَاهِيمُ عليهِ السلامُ: “مُرْ أُمَّتَكَ فَلْيُكْثِرُوا مِنْ غِرَاسِ الْجَنَّةِ فَإِنَّ تُرْبَتَهَا طَيِّبَةٌ وَأَرْضَهَا وَاسِعَةٌ، قَالَ: ((وَمَا غِرَاسُ الْجَنَّةِ؟)) قَالَ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّابِاللهِ”([11]) قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: “حَدِيثٌ حَسَنٌ([12])، وكذلك رُويَ عَنْ صُهَيْبٍ  قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللهِ ﷺ يُحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بَعْدَ صَلَاةِ الْفَجْرِ بِشَىءٍ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا هَذَا الَّذِي تَقُولُهُ؟ قَالَ: ((اللهُمَّ بِكَ أُحَاوِلُ([13]) وَبِكَ أُصَاوِلُ([14]) وَبِكَ أُقَاتِلُ))([15]) وَعَنْ أَبِي مُوسَى  أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ لَهُ: ((يَا عَبْدَاللهِ بنَ قَيْسٍ أَلَا أَدُلُّكَ عَلَى كَلِمَةٍ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ([16])، قُلْ: لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّابِاللهِ))([17]).

دُعَاءٌ: اللهُمَّ يَا قَوِيُّ يَا مَنْ لَا يُعْجِزُهُ شَىءٌ عَلَيْكَ بِمَنْ يَكِيدُونَ لِلمُسْلِمِينَ يَا اللهُ.



 سورة الحج / 40.([1])

 سبق تخريجه.([2])

 الاعتقاد للبيهقي ص 59.([3])

 سورة الحج / 73-74.([4])

 المعجم الأوسط للطبراني ج 7 ص 25.([5])

صحيح البخاري كتاب الأذان باب ما يقولُ إذا سمعَ المنادِي. ([6])

 صحيح مسلم كتاب الذكر والدعاء والتوبة باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء. ([7])

المستدرك على الصحيحين للحاكم النيسابوري ج 1 ص 726. ([8])

 ([9]) قال الحافظ ابن حجر: معنى لاحول لاتحويل للعبد عن معصية الله إلا بعصمة الله ولاقوة له على طاعة الله إلا بتوفيق الله، وقيل: معنى لاحول لاحيلة، وقال النووي: هي كلمة استسلام وتفويض وأن العبد لا يملك من أمره شيئًا وليس له حيلة في دفع شر ولا قوة في جلب خير إلا بارادة الله تعالى.اهـ فتح الباري ج 13 ص 340.

مسند البزار ج 5 ص 373. ([10])

مسند أحمد ج 6 ص 581. ([11])

  ([12])فتح الباري لابن حجر العسقلاني ج 13 ص 340.

أي أصرف كيدَ العدو. ([13])

أي أحمل على العدو فأغلبه. ([14])

مسند أحمد ج 5 ص 435. ([15])

([16]) قال ابن حجر: قوله: ((مِنْ كُنُوْزِ الْجَنَّةِ)) تقدم القول فيه، وحاصله أن المراد أنها من ذخائر الجنة أو من محصلات نفائس الجنة، قال النووي: المعنى أن قولها يحصل ثوابًا نفيسًا يدخر لصاحبه في الجنة.اهـ فتح الباري ج 13 ص 340.

صحيح البخاري كتاب المغازي باب غزوة خيبر. ([17]