الْرَّقِيْبُ:
هوَ الحافظُ الذي لا يغيبُ عنهُ شىءٌ
ﭧﭐﭨﭐﱡﭐﱚ
ﱛ ﱜ ﱝ ﱞ ﱟﱠ([1])
ومَنْ كانَ مستحضرًا أَنَّ اللهَ مطلعٌ عليهِ لا يغيبُ عنهُ شىءٌ كانتِ المراقبةُ
لله عندَه أكثرَ مِنْ غيرِه، وَمَعْنَى الْمُرَاقَبَةِ اسْتِدَامَةُ خَوْفِ الله تَعَالَى بِالْقَلْبِ
بِتَجَنُّبِ مَا حَرَّمَهُ وَالْغَفْلَةِ عَنْ أَدَاءِ مَا أَوْجَبَهُ أَيْ تَجَنُّبِ
الْغَفْلَةِ عَنْ أَدَاءِ مَا أَوْجَبَهُ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ﱡﭐﱗ ﱘ ﱙ ﱚ ﱛ ﱜ ﱝﱠ([2]). يروى مِنْ
أخبارِ الفضيلِ بنِ عياضٍ([3])
رحمَهُ اللهُ أَنَّهُ كانَ شديدَ الخوفِ على نفسِهِ، وكانَ يقرأُ القرءانَ فيظهَرُ
مِنْ خلالِ قراءتِهِ الحزنُ والوجدُ وشدةُ الخوفِ مِنَ اللهِ عزَّ وجلَّ، فإذَا مَرَّ
بآيةٍ فيها ذِكْرُ الجنةِ سألَ اللهَ الجنةَ وإذا مَرَّ بآيةٍ فيها ذِكْرُ عذابٍ
استعاذَ باللهِ مِنَ النارَ ثُمَّ هوَ معَ ذلكَ كثيرُ الصلاةِ كانَ يُلقَى لهُ
الحصيرُ في مسجدِهِ فيصلِّي مِنْ أولِ الليلِ مدةً، ثُمَّ تغلِبُهُ عَيناهُ فيلقِي
على نفسِهِ الحصيرَ فينامُ قليلًا ثُمَّ يقومُ فإذَا غَلَبَهُ النومُ نامَ ثُمَّ
يقومُ وهكذا حتى يصبحَ فينصرفُ مِنْ عبادةٍ بالليلِ إلى عبادةٍ بالنهارِ([4]).اهـ
مَوْعِظَةٌ:
قالَ يزيدُ بنُ الكُميتِ: كانَ أبو
حنيفةَ شديدَ الخوفِ مِنَ اللهِ فقرأَ بنَا عليُّ بنُ الحسينِ المؤذنُ ليلةً في
العشاءِ سورةَ ﭐﱡﭐ ﱵ ﱶ ﱹ ﱠ([5])
وأبو حنيفةَ خلفَهُ فلمَّا قَضَى
الصلاةَ وخرجَ الناسُ نظرتُ إلى أبي حنيفةَ وهوَ جالسٌ يتفكرُ ويتنفسُ، فلمَّا
خرجتُ تركتُ القنديلَ فيهِ زيتٌ قليلٌ يكادُ ينطفئُ فجئتُ وقدْ طلعَ الفجرُ وهوَ
قائمٌ وقدْ أخذَ بلحيَتِهِ وهوَ يقولُ: يا مَنْ يجزي بمثقالِ ذرةِ خيرٍ خيرًا ويَا
مَنْ يجزي بمثقالِ ذرةِ شرٍّ شرًّا أَجِرِ النعمانَ عَبْدَكَ مِنَ النارِ ومِمَّا
يقربُ منها مِنَ السوءِ وأَدْخِلْهُ في سَعَةِ رَحْمَتِكَ قالَ: فَأَذَّنْتُ
والقنديلُ يُزْهِرُ فلمَّا دخلتُ قالَ لي: اكتُمْ عليَّ ما رأيتَ ورَكَعَ رَكْعَتَينِ
وجلسَ حتى أَقَمْتُ الصلاةَ وصلَّى معنا الغداةَ على وضوءِ أولِ الليلِ([6]).اهـ