الْحَقُّ:
هُوَ الثَابِتُ الوُجُودِ الذِيْ لَا
شَكَّ فِي وُجُودِهِ ﭧﭐﭨ ﭐﱡﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨﲩﱠ([1]).
إِثْبَاتُ
وُجُودِ الله تَعَالَى: وَرَدَ عَنْ رَسُولِ
اللهِ ﷺ
أَنَّهُ قَالَ عَنْ قَوْلِهِ تَعَالَى: ﭐﱡﭐﱹ ﱺ ﱻ ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁ ﲂ ﲃ ﲄﱠ([2]) ((ويلٌ لِمَنْ قَرَأَها ولم يَتَفَكَّر فيها))([3])اهـ.
فَإِنَّ النَّظَرَ فِي مَخْلُوقَاتِ اللهِ يَدُلُّ عَلَى وُجُودِ الخَالِقِ
وَوَحْدَانِيَّتِهِ، وَقَدْ قَالَ عُلَمَاءُ أَهْلِ السُّنَّةِ إِنَّهُ يَجِبُ
عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَكُونَ فِي قَلْبِهِ الدَّلِيلُ الإِجْمَالِيُّ عَلَى
وُجُودِ اللهِ، فَالوَاحِدُ مِنَّا يَعْرِفُ مِنْ نَفْسِهُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ
مَوْجُودًا فِي وَقْتٍ مِنَ الأَوْقَاتِ ثُمَّ وُجِدَ وَخُلِقَ وَمَنْ كَانَ
كَذَلِكَ لَا بُدَّ وَأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى مَنْ أَوجَدَهُ بَعْدَ أَنْ لَمْ
يَكُنْ لِأَنَّ العَقْلَ السَّلِيمَ يَحْكُمُ بِأَنَّ وُجُودَ الشىء بَعْدَ
عَدَمِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ مُحْتَاجٌ إِلَى مُوجِدٍ لَهُ وَهَذَا الموجِدُ
هُوَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فهَذَا العَالَمُ مُتَغَيِّرٌ مِنْ حَالٍ إِلَى
حَالٍ، الهَوَاءُ يَهُبُّ تارةً وَيَسْكُنُ تارةً وَيَسْخُنُ وَقْتًا وَيَبْرُدُ
فِي وَقْتٍ ءاخرَ وَتُشْرِقُ الشَّمْسُ مِنَ المشْرِقِ وَتَغْرُبُ مِنَ المغْرِبِ
وَتَكُونُ الشَّمْسُ فِي وَسَطِ النَّهَارَ بَيْضَاءَ وَفِيْ ءاخرِهِ صَفْرَاءَ
فَكُلُّ هَذِهِ التَّغَيُّرَاتِ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الأَشْيَاءَ حَادِثَةٌ
مَخْلُوقَةٌ لَهَا مُغَيِّرٌ غَيَّرَهَا وَطَوَّرَهَا، وَهَذِهِ الأَشْيَاءُ
أَجْزَاءُ مِنْ هَذَا العَالَمِ فَهَذَا العَالَمُ مَخْلُوقٌ حَادِثٌ مُحْتَاجٌ
إِلَى مَنْ خَلَقَهُ وَهُوَ اللهُ تَعَالَى فَلَوْ قَالَ مُلْحِدٌ لَا يُؤْمِنُ
بِوُجُودِ اللهِ نَحْنُ لَا نَرَى اللهَ فَكَيْفَ تُؤْمِنُونَ بِوُجُودِهِ؟
يُقَالُ لَهُ إِنْ لَمْ تَكُنْ تَرَاهُ فَانَّ ءاثارَ فِعْلِهِ كَثِيرَةٌ،
فَوُجُودُ هَذَا العَالَمِ وَمَا فِيهِ مِنَ المخْلُوقَاتِ دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِ
اللهِ فَالكِتَابُ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ كَاتِبٍ وَالبِنَاءُ لَا بُدَّ لَهُ مَنْ
بَنَّاءٍ وَكَذَلِكَ هَذَا العَالَمُ لاَ بُدَّ لَهُ مِنْ خَالِقٍ خَلَقَهُ
وَأَوْجَدَهُ، وَأَمَّا كَوْنكَ لَا تَرَاهُ فَلَيْسَ دَلِيلًا عَلَى عَدَمِ
وُجُودِهِ فَكَمْ مِنَ الأَشْيَاءِ الَّتِي تُؤْمِنُ بِوُجُودِهَا وَأَنْتَ لَا
تَرَاهَا وَمِنْ ذَلِكَ عَقْلُكَ وَرُوحُكَ وَأَلَمُكَ وَفَرَحُكَ.
يُرْوَى أَنَّ بَعْضَ الملَاحِدَةِ
دَخَلُوا عَلَى أَبِي حَنِيفَةَ وَأَرَادُوا
الفَتْكَ بِهِ لِأَنَّهُ كَانَ لَا يفتأُ يَرُدُّ ضَلَالَاتِهِمْ وَيَفْضَحُ زيغَهُم،
فَقَالَ لَهُمْ: أَجِيبُونِي عَلَى مَسْأَلَةٍ ثُمَّ افْعَلُوا مَا شِئْتُمْ،
فَقَالُوا لَهُ: هَاتِ فَقَالَ: مَا تَقُولُونَ فِي رَجُلٍ يَقُولُ لَكُمْ: إِنَّي
رَأَيْتُ سَفِينَةً مَشْحُونَةً بِالأَحْمَالِ مَمْلُوءَةً بِالأَثْقَالِ قَدِ
احْتَوَشَتْهَا فِي لُجَّةِ البَحْرِ أَمْوَاجٌ مُتَلَاطِمَةٌ وَرِيَاحٌ
مُخْتَلِفَةٌ وَهِيَ مِنْ بَيْنِهَا تَجْرِي مُسْتَوِيَةً لَيْسَ لَهَا مَلَّاحٌ
يُجْرِيْهَا وَلَا مُدَبِّرٌ يُدَبِّرُ أَمْرَهَا هَلْ يَجُوزُ ذَلِكَ فِي
العَقْلِ؟ قَالُوا لَا هَذَا شَىءٌ لَا يَقْبَلُهُ العَقْلُ. فَقَالَ أَبُو
حَنِيفَةَ: سُبْحَانَ اللهِ إِذَا لَمْ يُجِزِ العَقْلُ سَفِينَةً تَجري مِنْ
غَيْرِ مَلَّاحٍ يُدِيرُهَا فِي جَرَيَانِهَا، فَكَيْفَ يَجُوزُ قِيَامُ هَذِهِ
الدُّنْيَا عَلَى اخْتِلَافِ أَحْوَالِهَا وَتَغَيُّرِ أَعْمَالِهَا وَسَعَةِ
أَطْرَافِهَا مِنْ غَيْرِ صَانِعٍ وَحَافَظٍ؟! فَبَكَوا جَمِيعًا وَقَالُوا: صَدَقْتَ
وَأَغْمَدُوا سُيُوفَهُمْ وَتَابُوا بِالإِسْلَامِ([4]).اهـ
قالَ
تَعَالَى: ﭐﱡﭐﱲ ﱳ ﱴ ﱵ ﱶ ﱷ ﱸ ﱹﱺ ﱻ
ﱼ ﱽ ﱾ ﱿ ﲀ ﲁﲂ ﲃ ﲄ ﲅﲆ ﲇ ﲈ ﲉ ﲊ ﲋ ﲌ ﲍ ﲎ
ﲏ ﲐ ﲑ ﲒ ﲓ ﲔ ﲕ ﲖ ﲗ ﲘ ﲙ ﲚ ﲛ ﲜ ﲝ ﲞ ﲟ ﲠ ﲡ ﲢﲣ ﲤ ﲥ ﲦ ﲧ ﲨ ﲩ ﲪﱠ([5])،
فَتَأْمَّلْ تُرْبَةً تُسْقَى بِمَاءٍ وَاحِدٍ وَتَأْثِيرُ الشَّمْسِ فِيهَا
مُتَسَاوٍ، وَالثِّمَارُ الَّتِي تَجِيءُ مِنْهَا مُخْتَلِفَةٌ فِي الطَّعْمِ
وَاللَّوْنِ وَالطَّبِيعَةِ وَالشَّكْلِ وَالرَّائِحَةِ وَالمنَافِعِ
وَالخَاصِّيَّةِ مَعَ العِلْمِ أَنَّ الأَرْضَ وَاحِدَةٌ وَالماءَ وَاحِدٌ فَلَوْ
كَانَ حُدُوثُ الأَشْيَاءِ بِفِعْلِ الطَّبِيعَةِ كَمَا يَقُولُ الملْحِدُونَ
لَجَاءَتْ مُتَشَابِهَةً فَإِنَّ الطَّبِيعَةَ الوَاحِدَةَ تَفْعَلُ فِي الجِسْمِ
الوَاحِدِ فِعْلًا مُتَمَاثِلًا، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ حُدُوثَ الحَوَادِثِ
هُوَ بِفِعْلِ قَادِرٍ مُخْتَارٍ عَالِمٍ. وَبِمثْلِ هَذَا اسْتَدَلَّ الإِمَامُ
الشَّافِعِي فِيمَا يُرْوَى عَنْهُ
أَنَّهُ قَالَ: “وَرَقَةُ التُّوتِ رِيحُهَا وَطَعْمُهَا وَلَوْنُهَا وَاحَدٌ
تَأْكُلُ مِنْهَا الغَزَالَةُ فَيَخْرُجُ مِنْهَا المسْكُ وَتَأْكُلُ مِنْهَا
دُودَةُ القَزِّ فَيَخْرُجُ مِنْهَا الحَرِيرُ وَيَأْكُلُ مِنْهَا الجَمَلُ فَيَخْرُجُ
مِنْهُ البَعَرُ وَيَأْكُلُ مِنْهَا الماعِزُ فَيَخْرُجُ مِنْهُ اللَّبَنُ أَيِ
الحَلِيبُ”([6])اهـ.
وَسُئِلَ أعرابيٌ عَنْ وُجُودِ اللهِ فَقَالَ: البعرةُ تَدُلُّ عَلَى البَعِيرِ
وءاثارُ الأَقْدَامِ تَدُلُّ عَلَى المسِيرِ أَفَلَا يَدُلُّ هَذَا العَالَمُ
عَلَى وُجُودِ اللَّطِيفَ الخَبِيرِ([7])اهـ.
بَلَىْ تَبَاْرَكَ اللهُ الخَلَّاقُ العَظِيْمُ، ثُمَّ إِنَّ العَقْلَ يُدْرِكُ
بِالنَّظَرِ السَّلِيمِ فِي مَخْلُوقَاتِ اللهِ تَعَالَى أَنَّ خَالِقَهَا لَا يُشْبِهُهَا
بِوَجْهٍ، لِأَنَّهُ لَوْ كَانَ خَالِقُ العَالَمِ يَشْبِهُهُ بَأَيِّ وَجْهٍ مِنَ
الوُجُوهِ لِجَازَ عَلَيْهِ مَا يَجُوزُ عَلَى هَذَا العَالِمِ مِنَ الحُدُوثِ وَالحَاجَةِ
وَالافْتِقَارِ وَالتَّغَيُّرِ، لِأَنَّ المتَشَابِهَاتِ يَجُوزُ عَلَيْهَا مَا
يَجُوزُ عَلَى بَعْضِهَا، وَلاحْتَاجَ إِلَى مُوجِدٍ أَوجَدَهُ وَمُحدِثٍ
أَحْدَثَهُ، فَإِنَّ الحَادِثَ مُحْتَاجٌ إِلَى مَنْ أَوْجَدَهُ وَخَصَّصَهُ بِمَا
هُوَ عَلَيْهِ مِنَ الهَيْئَةِ وَالصُّورَةِ وَالمتَغَيِّرُ مِنْ حَالٍ إِلَى
حَالٍ مُحْتَاجٌ إِلَى مَنْ يُغَيِّرُهُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ وَالمتَحَيِّزُ
فِي المكَانِ وَالجِهَةِ لاَ بُدَّ أَنْ يَكُونَ جِسْمًا وَافْتِقَارُ الجِسْمِ
إِلَى مَنْ حَدَّهِ بِهَذَا المِقْدَارِ مِنْ طُولٍ وَعَرْضٍ وَسَمْكٍ وَاضِحٌ لَا
لبْسَ فِيهِ لِصَاحِبِ عَقْلٍ سَلِيمٍ، وَاللهُ مُنَزَّهٌ عَنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ
لَوْ كَانَ مُحْتَاجًا لشىءٍ مِنَ الأَشْيَاءِ لَكَانَ مَخْلُوقًا حَادِثًا وَلَمْ
يَكُنْ إلَهًا أزليًا.
فَائِدَةٌ :
قَالَ النَّبِيُّ ﷺ:
((مَنْ قَالَ فِي كُل يَوْمٍ مِائَةَ مَرَّةٍ: لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ
الْمَلِكُ الْحَقُّ الْمُبِينُ كَانَ لَهُ أَمَانًا مِنَ الْفَقْرِ وَأُنْسًا مِنْ
وَحْشَةِ الْقَبْرِ وَاسْتَجْلَبَ الْغِنَىٰ وَاسْتَقْرَعَ بِهَا بَابَ الْجَنَّةِ)) ([8])
وَرُوِيَ عَنْ أَحَدِ الصَّالِحَيْنَ
قَالَ: “رَأَيْتُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَلَامُ فِي النَّوْمِ
فِي جَمَاعَةٍ فَكَلَّمْتُهُ: إِنَّي أُرِيدُ أَنْ أَنْقشَ عَلَى خَاتِمِي شَيْئًا
فَمُرْنِي شَيْئًا أَنْقُشُهُ فَقَالَ: اكْتُبُ عَلَيْهِ لَا إلَهَ إلَّا اللهُ الْملِكُ
الْحَقُّ المبينُ فَإِنَّهَا تُذْهِبُ الَهَمَّ وَالحُزْنَ، قَالَ: فَكَانَ هَذَا
نَقْشَ خَاتمِي”([9])اهـ
لَطَائِفُ:
سُئلَ سُفيانُ الثوريُّ: بمَ عَرَفْتَ رَبَّكَ؟ قَالَ: “بِفَسْخِ العَزْمِ وَنَقْضِ
الهِمَّةِ” ([10]).اهـ
وَسُئِلَ
أبو نُواسٍ([11])
عَنْ وُجُودِ اللهِ فَقَالَ: (الوافر)
تَأَمَّلْ فِي رِيَاضِ الأَرْضِ
وَانْظُرْ |
¯¯ |
إِلَى ءَاثَارِ مَا صَنَعَ
الْمَلِيكُ |
عُيُونٌ مِــنْ لُجَــــيْنٍ
شَاخِصَـــاتٌ |
¯¯ |
وَأَحْدَاقٌ لَهَا ذَهَبٌ سَبِيكُ |
عَلَى قُضُــبِ الزَّبَرْجَــدِ
شَاهِــدَاتٌ |
¯¯ |
بِأَنَّ اللهَ لَيْسَ لَهُ شَرِيـكُ
|
وَسُئلَ أَعْرَابيٌّ بمَ عَرَفْتَ
رَبَّكَ؟ فَقَالَ:”عَرَفْتُهُ بِنَحْلَةٍ بِأَحَدِ طَرَفَيهَا تَعْسِلُ وَالآخَرِ
تَلْسَعُ وَالعَسَلُ مَقْلُوبُ اللَّسْعِ”([12]).اهـ
وَالوَاجِبُ
عَلَيْنَا أَنْ نَعْتَقِدَ بِوُجُودِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ عَلَى مَا يَلِيقُ بِهِ
مَعَ تَنْزِيهِهِ عَنْ مُشَابَهَةِ خَلْقِهِ وَعَدَمِ تَصَوُّرِهِ وَتَخَيُّلِهِ
بِالفِكْرِ وَلَا بِالقَلْبِ فَمَعْرِفَةُ
اللهِ لَا تُطْلَبُ
بِالتَّصَوُّرِ، فَقَدْ قَالَ ذُو النونِ المِصْرِيُّ ([13])
رَحِمَهُ
اللهُ: “مَهْمَا تَصَوَّرْتَ بِبَالِكَ فَالله
بِخِلَافِ ذَلِكَ”([14])،
وَذَلِكَ
لِأَنَّ كُلَّ مَا تَتَصَوَّرُهُ بِبَالِكَ فَهُوَ
مَخْلُوقٌ وَالخَالِقُ لَا يُشْبِهُ مَخْلُوقَهُ، كَمَا قَالَ إِمَامُنَا الشَّافِعِيُّ
رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: “مِنِ انْتَهَضَ لِمَعْرِفَةِ مُدَبِّرِهُ فَاطْمَأَنَّ
إِلَى مَوْجُودٍ يَنْتَهِي
إِلَيْهِ فِكْرُهُ فَهُوَ مُشَبِّهٌ وَإِنِ
اطْمَأَنَّ إِلَى العَدَمِ الصّرْفِ فَهُوَ مُعَطِّلٌ وَإِنِ اطْمَأَنَّ إِلَى
مَوْجُودٍ وَاعْتَرَفَ
بِالعَجْزِ عَنْ إِدْرَاكِهِ فَهُوَ مُوَحِّدٌ”.([15])اهـ
لِذَلِكَ نَهى السَّلَفُ عَنِ التَّفَكُّرِ فِي ذَاتِ اللهِ تَعَالَى لِلوُصُولِ إِلَى حَقِيقَتِهِ لِأَنَّهُ لَا
يَعرفُ اللهَ عَلَى الحَقِيقَةِ إِلَّا اللهُ
إِنَّمَا مَعْرِفَتُنَا بِاللهِ هِيَ بِمَعْرِفَةِ مَا يَجِبُ لَهُ تَعَالَى وَمَا يَسْتَحِيلُ فِي
حَقِّهِ وَمَا يَجُوزُ فِي حَقِّهِ، قَالَ ابْنُ
عَبَّاسٍ رَضِيَ
اللهُ عَنْهُمَا: “تَفَكَّرُوا فِي خَلْقِ
اللهِ وَلا تَفَكَّرُوا فِي اللهِ “([16]).
وَكَلُّ مَنْ
يَتَفَكَّرُ فِي ذَاتِهِ تَعَالَى
فَيَتَخَيَّلُ بِخَيَالِهِ صُورَةً وَيَعْتَقِدُ أَنَّ مَا تَخَيَّلَهُ هُوَ اللهُ فَهُوَ لَيْسَ مُسْلِمًا مُوَحِّدًا
إِذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهِ وَبِينَ عَابِدِ الصَّنَمِ، فَعَابِدُ
الصَّنَمِ عَبَدَ صُورَةً نَحَتَهَا وَهَذَا عَبَدَ صُورَةً تَخَيَّلَهَا
وَأَمَّا المؤْمِنُ المصَدِّقُ فَيَعْبُدُ مَنْ لَا شَبِيهَ لَهُ وَلَا مَثِيلَ، كَمَا قَالَ الإِمَامُ أَحْمَدُ
الرفاعيُّ : “غَايَةُ المعْرَفَةِ بِاللهِ الإِيقَانُ بِوُجُودِهِ
تَعَالَى بِلَا كَيْفٍ وَلَا مَكَانٍ”([17])،
وَهَذَا كُلُّهُ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى فِي الآيَةِ المحْكَمَةِ الجَامِعَةِ:
ﱡﭐﱐ ﱑ ﱒﱓ ﱔ ﱕ ﱖﱗﱠ([18]).
([11]) الحسن بن هانئ الحكميّ بالولاء، أبو نواس، شاعر العراق في عصره
ولد سنة 146هـ في الأهواز من بلاد خوزستان
ونشأ بالبصرة، ورحل إلى بغداد فاتصل فيها بالخلفاء من بني العباس ومدح بعضهم، وخرج
إلى دمشق ومنها إلى مصر، فمدح أميرها الخصيب، وعاد إلى بغداد فأقام إلى أن توفي
فيها سنة 198هـ.اهـ الأعلام للزركلي ج2 ص225.