قال الإمام أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه: “أوّل ما يجب على العبد العلم بالله ورسوله ودينه”، والعلم بالله هو اعتقاد وجوده بلا كيف ولا مكان والكيف معناه ما كان من صفات المخلوقين، فقولنا بلا كيف صريح في نفي الجسم والمكان والشكل والحركة والسكون والجلوس لأن الموجود الذي له مكان وكَيْفِيّة محتاج إلى من أوجده على تلك الكَيْفِيّة وعلى ذلك المكان والمحتاج إلى غيره مخلوق فوجب أن يكون خالق العالَم موجودا غير جسم لأن الجسم لا بُدّ أن يكون له مِقدار إما مقدار صغير وإما مقدار كبير وكل شىء له مقدار يحتاج إلى من خصّصه بذلك المقدار، والشىء لا يُخصِّص نفسه بمقدار من المقادير فالإنسان له مقدار والجبل له مِقدار كذلك السماء والعرش وكل ذي مقدار يَتّصف بكَيفيّة مثال لذلك الشمس لها مقدار ولها كيفية وهو الشكل المستدير فلا يصح في العقل أن تكون هي خصّصت نفسها بالوجود على هذا المقدار وعلى هذه الكيفية فلا يصح أن تكون إلها، فإذا كانت الشمس لا يصح عقلا أن تكون إلها فكيف يصح أن يكون شىء لم يُشاهد يظنه الوهابية أدعياء السلفية جسما مُستقرا على العرش إلها، هؤلاء أسخف عقلا من عابد الشمس مع كون كل من الفريقين فاسد العقل حيث إنهم اشتركوا في عبادة جسم له مقدار لكن عابد الشمس يعبد شيئا موجودا وله نفع محقق وهو نفعه للنبات والهواء والشجر وغير ذلك وأما الوهابية أدعياء السلفية تخيلوا الله جسما له حجم وشكل فهؤلاء ما عبدوا الله الذي لا يشبه شيئا من خلقه إنما عبدوا شيئا من نسج خيالهم فلو فُرضت مناظرة بين عابد الشمس وبين وهابي يعبد جسما مُتوهَّما وجوده فوق العرش لقطع عابد الشمس الوهابي وأسكته، يقول عابد الشمس للوهابي: أنا أعبد جسما محقق الوجود نحن نراه وأنت تراه ونحن نشاهد منفعته وأنت تشاهد منفعته وأما أنت تقول إلهي شىء موجود فوق العرش لم تره ولا نحن رأيناه ثم الوهابي يقول: أنا عندي دليل من القرءان: “أفي الله شكّ” فيقول له عابد الشمس: أنا لا أؤمن بكتابك أعطني دليلا عقليا، فالوهابي ليس عنده دليل عقلي فيقطعه عابد الشمس ويُسكته. أما المسلم الذي يعتقد أن الله ليس جسما ولا يوصف بصفات الجسم يقول لعابد الشمس: الشمس جسم له مقدار خاص وكيفية خاصة ولون خاص وصفة خاصة فيحتاج إلى من خصّصه بالوجود على هذا المقدار وهذه الكيفية وهذه الصفة لأنه كان جائزا في العقل أن يكون حجمها أكبر من هذا أو أصغر وأن يكون لونها الحمرة بدل البياض وأن تكون صفتها البرودة بدل الحرارة ولا يصح في العقل أن تكون الشمس هي خصصت نفسها بالوجود بدل العدم وبهذا المقدار وهذه الصفة دون غيرها وتخصّصها بالوجود على هذا المقدار وعلى هذه الصفة وعلى هذه الكيفية لا بُدّ لها من مُوجِد أوجدها لا يُشبهها بأي وجه من الوجوه ليس مُتّصفا بالمقدار والكيفية والحجم وهو وحده الذي يستحق أن يُعبد فيكون المسلم كسر عابد الشمس من غير أن يذكر له ءاية قرءانية، اكتفى بالدليل العقلي، وعابد الشمس وهذا الوهابي الذي يعتقد أن الله فوق العرش جسما بقدر العرش أو أكبر منه مخالف للعقل ومخالف لِما جاء به الأنبياء لأن الأنبياء كلهم جاؤوا بإثبات موجود ليس له مقدار ولا شكل ولا كيفية ولا تَحَيُّز في جهة ومكان وهو الله.