المُعاملةٌ الحُسْنى والقُدوةٌ المُثْلَى في مُعاشَرةِ وتَعامُلِ النّبيّ الأعظمِ ﷺ مع زوجاتِهِ الطّاهراتِ
لقد وضعت الشريعة الإسلامية الأسس والقواعد في آداب المعاشرة الزوجية بين الزوجين، بدف حماية بيت الزوجية من الانهيار ليبقى هذا البيت سعيداً، ثابت الدعائم قوي البنيان غير مهدد بالسقوط والضياع والانهيار.
إن العلاقة الزوجية بين الرجل والمرأة في الشريعة الإسلامية جعلها الله عزّ وجلّ قائمة على المودّة والعطف والسكينة والرحمة بين كلا الزوجين ليسكن كل منهما للآخر، ولتتوطد أواصر المحبة والرحمة والعطف بينهما، وليتعاون الزوجان في الحياة الزوجية فيما يرضي الله تعالى ورسوله. يقول الله تبارك وتعالى: { وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)} [سورة الروم].
وقال سبحانه وتعالى: { وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجاً وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ (72)} [سورة النحل].
لقد أوصى النبيّ الأعظم ﷺ في حياته بحسن معاشرة الزوجات فقال عليه الصلاة والسلام: “استوصوا بالنساء خيراً” متفق عليه. وقال ﷺ: “أكملُ المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً وألطفُهم لأهله” رواه الترمذي والنسائي.
وقال عليه الصلاة والسلام: “أكملُ المؤمنين إيماناً أحسنهم خُلقاً وخياركم خياركم لنسائهم” رواه الترمذي. إن حسن معاشرة الزوجة وحسن توجيهها تتطلب سياسة حكيمة من جانب الزوج تتناسب مع طبيعة المرأة والفطرة التي خلقها الله تبارك وتعالى عليها. فالزوجة تحتاج إلى السياسة الحكيمة وحس التصرف من جانب الزوج، لتستقيم الحياة الزوجية معهما ولتستقر بالسعادة والهناء، ولتتوطد أواصر المحبة والرحمة والسكينة بينهما، وبذلك تدوم الألفة والمحبة بين الزوجين وتؤتي ثمارها على مر الأيام والسنين. وقد حضّ الله تبارك وتعالى عباده المؤمنين على حسن معاشرة النساء فقال سبحانه وتعالى في حقّ وشأن النساء: {وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ (19)} [سورة النساء].
وقيل في تفسيرها: أي طيّبوا أقوالكم لهنَّ، وحسّنوا أفعالكم معهنّ.
ولقد كان النبي الأعظم ﷺ يعامل زوجاته بالحسنى وكان معهنَّ كما وصفته السيدة عائشة رضي الله عنها: “كان إذا خلا بنسائه ألين النّاس وأكرم الناس ضحّاكاً بسّاماً”.
لقد تزوج نبيّنا الأعظم ﷺ وعدّد الزوجات لحكمٍ جليلة وعظيمة تعود لمصلحة الدّعوة الإسلاميّة.
لقد تزوّج النبيّ المصطفى ﷺ لحكم جليلة وسامية تعود لمصلحة الدعوة بأكثر من امرأة وأحسن معاشرتهن جميعاً، ومع فارق السن بين زوجاته ومع اختلاف أحوالهن لم تشكُ واحدة منهن منه ﷺ سُوء العشرة والخُلُق، حاشاه ﷺ من ذلك وهو صاحب الخلق العظيم والأدب الرفيع كما وصفه ربّه في القرآن الكريم: { وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} [سورة القلم].
ولقد ذكرت زوجاته الطاهرات الزكيات في كثير من المواضع والمناسبات بعض خصاله الحميدة التي يُعلّم ﷺ فيها أمّته كيف تكون صحبة الرجل لزوجته.
لقد ضرب لنا النبي الأعظم ﷺ أروع الأمثال وأسمى المعاني في تعامله ومعاشرته وسيرته ﷺ مع زوجاته الطاهرات أمهات المؤمنين، وذلك من نواح كثيرة وجوانب متعددة سواء النواحي الخُلقية أو الإنسانية أو العاطفية مما أكسبه ﷺ بسبب حسن معاملته وعشرته لهن مودة ومحبة زوجاته له ﷺ طوال مكثه معهن ﷺ في حياته الزوجية، وبذلك يكون ﷺ خير قدوة ومثال لأمّته في تعاملهم ومعاشرتهم مع زوجاتهم في حياتهم الزوجية، حتى يسيروا على منهاجه وسلوكه وطريقته ﷺ في تعاملهم ومعاشرتهم لزوجاتهم اقتداء به ﷺ كما قال الله تبارك وتعالى: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً (21)} [سورة الأحزاب].
لقد حضّ النبي المصطفى ﷺ أمته على حسن معاملة ومعاشرة زوجاتهم فقال عليه الصلاة والسلام: “خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي” رواه الترمذي.
ومعنى هذا الحديث الشريف أن الذي يحسنُ معاملة زوجته، فيعاملها بالتواضع والعطف والرحمة والإحسان والعفو إذا هي أساءت هو من أفضل الرجال، لأن الرجل الذي يكون مع امرأته يكون مع غيرها هكذا.