الثلاثاء يناير 14, 2025

القرضاوي يقول لا يجوز منع الشيوعيين من تكوين أحزاب في الدول الإسلامية

نشرت مجلة البلد في عددها الخامس بتاريخ 13 ديسمبر 1999 كلامًا نسبته للقرضاوي فكتب على الغلاف وبالخط العريض:

«القرضاوي: من حق الشيوعيين إنشاء حزب في الدول الإسلامية»، وفي رأس المقال وبالخط العريض كتبت أيضًا نقلًا عنه:

«لا يجوز منع الشيوعيين من تكوين أحزاب في الدول الإسلامية».

تقول المجلة: فإن القرضاوي وضع شروطًا لتواجد الأحزاب وأبرزها شرطان أساسيان:

الأول: أن يحترم ثوابت الأمة وقطعيات الشريعة أي يؤمن بالله I وبالآخرة وبالقيم الأخلاقية ولا يستخف بأي دين من الأديان.

والثاني: أن يعمل لصالح الأمة وأن لا يكون عميلًا لأي جهة خارجية أو امتداد لحزب من دولة أخرى وهذا يكفي ليقوم حزب في ظل ثوابت الأمة وفي ظل دستورها.

ثم يقول القرضاوي:

«والتعددية الحزبية لا بد أن تكون مقيدة وليست مطلقة؛ لأنها يجب أن تحترم الثوابت والدستور».

ثم يقول:

«ولكن أن نطالب بالأحزاب الإسلامية ثم نمنع الآخرين من التواجد فهذا لا يليق حتى أخلاقيًّا ولا يجوز».

ويقول أيضًا:

«وعلي بن أبي طالب أقر في (أزمة الخوارج) بوجود حزب معارض له رؤية مخالفة لرؤيته وفكر مخالف لفكره ما دام لا يستعمل العنف ضد الدولة وكانت هذه أبرز تعددية وبإقرار علي بن أبي طالب ومن معه من المسلمين».

الرَّدُّ:

هذا الكلام من أعجب ما قرأت للقرضاوي حيث يموه ويحتال بشكل عجيب.

فابتداء يجيز للشيوعيين ويرى أن لهم الحق بتأليف حزب شيوعي بشرطين:

فالشرطان كما قال أن يحترم ثوابت الأمة وقطعيات الشريعة أي يؤمن بالله واليوم الآخر وبالقيم الأخلاقية ولا يستخف بأي دين من الأديان وأن يعمل لصالح الأمة وأن لا يكون عميلًا لأي جهة خارجية أو امتدادًا لحزب من دولة أخرى وهذا يكفي ليقوم حزب في ظل ثوابت الأمة وفي ظل دستورها.

هذه شروط خمسة دمجها في شرطين، فإذا ءامن الشيوعي بالله واليوم الآخر وثوابت الأمة وقطعيات الشريعة أي أن يؤمن بكل ما هو معلوم من الدين بالضرورة وإذا احترم القيم الأخلاقية ولم يكن عميلًا لجهة خارجية وعمل لمصلحة الأمة فمعنى ذلك أنه صار مسلمًا تقيًّا ولم يعد شيوعيًّا ولم يعد من دالع لإعطائه ترخيصًا للحزب الشيوعي؛ لأنّه لم يعد شيوعيًّا لماذا هذا اللف والدوران والتذاكي، لماذا تخجل من قول لا يجوز إعطاء الشيوعيين ترخيصًا مطلقًا لأن فكرهم لا ينسجم مع فكرنا وعقيدتنا.

وهنا نريد أن نسأل القرضاوي هل هذه الشروط تنطبق على الحزب الذي خرج من تحت عباءته، أعني: (حزب الإخوان) ومشتقاته.

فهل حزب الإخوان ومشتقاته ءامنوا بكل ثوابت الأمة وقطعيات الشريعة؟ الجواب: طبعًا لا، فإذا أردت أيها القارئ أن تعرف لماذا فراجع بحثًا خاصًّا لهذا الحزب ورموزه في هذا الكتاب.

وهل حزبك يا قرضاوي احترم القيم الأخلاقية؟

وهل أنه لم يكن عميلًا لجهة خارجية؟

وهل أنه عمل لمصلحة الأمة أم أنه أعمل الذبح في الأمة؟…

وأما قول القرضاوي في الشروط: (ولا يستخف بأي دين من الأديان) فهذه العبارة غير صحيحة أما إن كان يفهم منها الشرائع السماوية التي أنزلت على الأنبياء فهذا الفهم صحيح ولكن التعبير غلط؛ لأن الأنبياء دينهم واحد وشرائعهم مختلفة ما أوردنا ذلك في بحث مستقل في هذا الكتاب.

وأما إن كان يعتبر أنه لا يجوز أن يستخف بما حصل من تحريف وتزوير للشرائع وبديانات أخرى باطلة؛ كالبوذية وعباد الأوثان والشيطان و… .

فهذا كلام سخيف؛ لأن ما جاء به هؤلاء سواء الذين حرفوا الكلم عن مواضعه أو الذين اختلفوا أديان أخرى فهؤلاء جاءوا بعين الكفر والضلال، فكيف يا قرضاوي تحرّم الاستخفاف بهم؛ بل هو واجب الاستخفاف بكل ما هو مخالف للعقل والنقل.

وهناك تمويه ثالث بقوله: «ولكن أن نطالب بالأحزاب الإسلامية ثم نمنع الآخرين من التواجد فهذا لا يليق حتى أخلاقيًّا لا يجوز».

أوَّلًا: أتحداك أن تسميّ حزبًا إسلاميًّا واحدًا في الدنيا تنطبق عليه هذه الشروط التي شرطت وأنت بدلًا من أن تواجه الشيوعيين بحقيقة عقيدتك تجاههم قلت بهذا التمويه لئلا يقال عنك بأنك لست ديمقراطيًا أو أنك تقمع الحريات وأنت ماذا تقول للشيوعي لو قال: ما مَثَلُنا ومثَلُك إلا كما قال القائل:

ألقاه في اليم مكتوفًا وقال له

 

إياك إياك أن تبتل بالماء

وهناك تمويه رابع وهو قوله عن الشروط التي اشترطها وهذا يكفي ليقوم حزب في ظل ثوابت الأمة وفي ظل دستورها.

وهذا الدستور لم يفسره من أجل أن يبقى التمويه ظاهرًا، فالدستور يعني أكثر من معنى، فإن قصد تحكيم الشرع فهو يكون منسجمًا مع الشروط السليمة في أصل الكلام، وإن كان قصد الدستور، أي: قانون الدولة يكون قد عاد إلى معزوفة تناقضاته حيث مرة يدعو إلى محاربة القانون ومرة أخرى إلى احترامه وقد أفردنا بحثين خاصين بهذا الموضوع في هذا الكتاب.

وأما قولك عن سيدنا علي بأنه أقر بوجود حزب معارض (عن الخوارج) له رؤية مخالفة لرؤيته… .

فهذا تمويه خامس فهناك فرق بين من يقول فلان يقرُّ بالظلم أو يقرُّ بوجود الظلم وهذا فرق شاسع.

فإن كان قصدك أقَرَّ بهم، أي: أقر بشرعية وجودهم فنقول لك: فلماذا قاتلهم فلو أن عليًّا أضفى على وجودهم الشرعية وبأنهم أهل الحق لما قاتلهم؛ بل احترمهم واحترم ءاراءهم ولكن التاريخ يثبت العكس، كيف يقر بشرعية وجودهم وهم الذين شقوا عصا الطاعة وفارقوا الجماعة وكفروا عليًّا ومن معه وقاتلوه وقتلوه، وأيُّ عنف أشد من هذا العنف ضد الدولة والجماعة والإمام ومع ذلك تتشدق مدعيًا بأنه اعترف بهم حيث قلت: وهذه أبرز تعددية وبإقرار علي ومن معه من المسلمين، إنا لله وإنا إليه راجعون.