الجمعة ديسمبر 13, 2024

الفصاحة

ولْيُعلَم أن كلّ الأنبياء فصحاء، فليس فيهم من يكون في لسانه عقدة وحبْسَةٌ ويعجل في كلامه فلا يطاوعه لسانه، ولا تأتاء ولا ألثغ ولا أرتّ، وأما الألثغ فهو الذي يُصَيّرُ السينَ ثاءً، وأما الأرتّ فهو الذي لا يُفصح الكلام ولا يبيّنه. وأما ما حصل مع نبيّ الله موسى عليه السلام الذي تأثر لسانه بالجمرة التي تناولها ووضعها في فمه حين كان طفلًا أمام فرعون لحكمة، فما تركت تلك الجمرة في لسانه عَيْبًا أو أثرًا فاحشًا بحيث يكون كلامه غير مفهم للناس إنما كانت عقدة خفيفة، أي: بطأً من أثر تلك الجمرة، وكان كلامه مفهمًا بيّنًا لا يبدل حرفًا بحرف؛ بل يتكلم على الصواب، ثمّ دعا الله تعالى لــمَّا نزل عليه الوحي فأذهبها الله عنه.

وليعلم أنه يستحيل على الأنبياء سبق اللسان في الشرعيات والعاديّات لأنه لو جاز عليهم لارتفعت الثقة في صحة ما يقولونه، ولقال قائل عندما يبلغه كلامٌ عن النبيّ: ما يدرينا لعله قاله على وجه سبق اللسان، فلا يحصل من النبيّ أن يصدر منه كلام غيرُ الذي أراد قوله، أو أن يصدرَ منه كلامٌ ما أراد قوله بالمرة كما يحصل لمن يتكلّم وهو نائم.