الحمد لله حمدًا يرضاه لذاته والصلاة والسلام على سيدِ مخلوقاتِه ورضي الله عن الصحابة والآل وأتْباعِهم مِن أهلِ الشرعِ والحال والسلام علينا وعلى عباد الله الصالحين.
أشهد أنْ لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأنّ محمدًا عبدُه ورسولُه وأنّ عيسى عبدُ الله وابنُ أمَتِه وكلمتُه ألقاها إلى مريمَ وروحٌ منه وأنّ الجنةَ حق وأنّ النارَ حق.
اللهم صلِّ صلاةً كاملة وسلِّم سلامًا تامًّا على سيدِنا محمد الذي تنحلُّ به العقد وتنفرجُ به الكرب وتُقضى به الحوائج وتُنالُ به الرغائبُ وحُسنُ الخواتيم ويُستسقى الغمامُ بوجهِه الكريم وعلى آلهِ وصحبِه وسلِّم.
اللهم اجعل نيّاتِنا وأعمالَنا خالصةً لوجهِك الكريم.
يقول السيد أحمدُ الرفاعي الكبير رضي الله عنه في برهانِه المؤيد “أي سادة”
نلاحظُ أنّ السيد أحمدَ الرفاعي كثيرًا ما كان يردِّدُ هذه العبارة في خطابِه طلابَه وأحبابَه ومريديه “أي سادة” لأنه رضي الله عنه كان شديدَ التواضع كان يرى قدْرًا لمَن يحضُرُ مجلسَ العلم ويتواضعُ لهم وهو شيخُهم وسيّدُهم وإمامُهم ورئيسُهم وغوثُهم ومع ذلك يخاطبُ الفردَ منهم أي سيدي ويخاطب الجمعَ أي سادة، ما كان يرى نفسَه فوقَهم كان منكسِرًا لهم متواضعًا لهم يخدُمهم رضي الله تعالى عنه، كان آيةً في الزهد في اتّباعِ أحوالِ المصطفى صلى الله عليه وسلم.
ولذلك كان كلامُه رضي الله عنه يقعُ موقعًا كبيرًا في النفوس، وبإخلاصِه وصدقِه وأدبِه جعلَ اللهُ تعالى سرَّه قويًّا، جعل اللهُ للرفاعيِّ سرًّا كبيرا وللرفاعيةِ أسرارًا، وجعلَ اللهُ له طلابًا ومريدينَ ملَأوا الدنيا.
عرَفَ الرفاعيةَ مَن عرَف وجهِلَ مَن جهل، نواحٍ في الدنيا اليوم بأكملِها رفاعية يعرفون الإمامَ الرفاعي وتجدُ بعضًا ممن يدّعي العلم لا يعرفُ الرفاعي أو يُنكرُ كراماتِ الإمام الرفاعي.
وإنما حرصُنا على ذكر الرفاعيِّ والرفاعية وعبدِ القادرِ الجيلانيِّ رضي الله عنه والقادرية وذكرِ أصحابِ الطرق الصوفية لأنّهم يدلّونَ على طريقِ رسول الله صلى الله عليه وسلم.
يقول الرفاعي في البرهان “أي سادة، مَن ردَّ أخبارَه الصادقةَ صلى الله عليه وسلم كمنْ ردَّ كلامَ اللهِ تعالى.
الذي يكذّبُ محمدًا عليه الصلاة والسلام فهو مُكذِّبٌ لله. اللهُ تعالى يقول حكايةً عن نبيِّه محمدٍ صلى الله عليه وسلم {قل إنْ كنتم تحبّونَ اللهَ فاتّبعوني يُحْبِبْكمُ الله ويغفرْ لكم ذنوبَكم واللهُ غفورٌ رحيم}[آل عمران/٣١]
الذي يرُدُّ حديثًا واحدًا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم -أي وقد علمَ أنّ الرسولَ قد قالَه لكنه كذّبَ به فقد كذّبَ بمحمد ومَن كذّبَ بمحمد فقد كذّب باللهِ عز وجل.
كلُّ الأخبارِ التي جاء بها نبيُّنا عليه الصلاة والسلم حقُّها عندنا والقَبول، وكلُّ ما أتى به الرسولُ فحقُّه التسليمُ والقبول.
كلُّ ما أخبرَ به نبيُّنا عليه الصلاة والسلام من أخبارِ الأنبياء والمرسلين من أخبارِ بدءِ الخلق، أليس صلى الله عليه وسلم هو الذي علّمَ أنّ أولَ خلقِ الله الماء؟
أليس النبي هو علّمَ ذلك؟ نزلَ عليه صلى الله عليه وسلم “وكان عرشُه على الماء” إذًا الماءُ قبل العرش، وهو عليه الصلاة والسلام كما صحّ عند البخاري قال “كان اللهُ ولم يكنْ شىءٌ غيرُه وكان عرشُه على الماء وكتبَ في الذكر كلَّ شىء”
هو عليه الصلاة والسلام علّم أنّ أولَ مخلوقاتِ الله الماء، فمَن علِمَ أنّ النبيَّ عليه الصلاة والسلام قال ذلك ثم ردَّه يكونُ كذّبَ النبيَّ عليه الصلاة والسلام ومَن كذّبَ النبيّ كذّب الله لأنّ اللهَ تعالى أخبرَنا أنّ نبيَّه عليه الصلاة والسلام لا ينطقُ عن الهوى، فهو عليه الصلاة والسلام أخبرَ عن بدءِ الخلق وأنّ أولَ المخلوقات الماء ثم العرش ثم خلقَ اللهُ القلم ثم خلق الله اللوح المحفوظ ثم بعد خلقِ هؤلاء الأربعة خلق اللهُ السموات والأرض في ستة أيام، هو صلى الله عليه وسلم الذي علّمَ أنّ اللهَ تعالى موجودٌ قبلَ خلقِ الزمانِ وقبل خلقِ المكان {هو الأولُ والآخرُ والظاهرُ والباطن وهو بكلِّ شىءٍ عليم}[الحديد/٣] فمَن نسبَ إلى اللهِ تعالى جهةً أو حيّزًا أو استقرارًا أو قعودًا أو جلوسًا شتمَ اللهَ تعالى وكذّبَ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم.
النبيُّ عليه الصلاة والسلام هو الذي علّم أنّ اللهَ موجودٌ بلا مكان وإلا فما معنى “كان اللهُ ولم يكنْ شىءٌ غيرُه”؟
بعضُ الناس يقول هذه الكلمة من أين؟ نقول من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ما معنى كان اللهُ ولم يكن شىءٌ غيرُه؟ العرشُ غيرُه والماءُ غيرُه والسماءُ غيرُه والزمانُ غيرُه والمكانُ غيرُه، ما معنى قولِه عليه الصلاة والسلام “كان الله ولم يكن شىءٌ غيرُه”؟
هذا علّمه النبيُّ عليه الصلاة والسلام، مَن ردّ أخبارَه الصادقة صلى الله عليه وسلم نسبَ إلى الله تعالى نقصًا، نسبَ إلى الله صفةً حادثة، كذّبَ النبيَّ عليه الصلاة والسلام.
مَن كذّبَ رسولَ الله كذّبَ الله، مَن ردَّ أخبارَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم الصادقة كان كمَن ردّ كلامَ الله عز وجل.
نبيُّنا عليه الصلاة والسلام الذي أخبرَ عن إخوانِه النبيين والمرسلين، أخبرَ عن أمَمٍ تقدّمَت وأمَمٍ قد هلَكَت وهو عليه الصلاة والسلام الذي علّمَ الأحكامَ والشرائع، وهو عليه الصلاة والسلام الذي أخبرَ عن علاماتِ الساعة وعن علاماتِ نهايةِ هذه الدنيا، هذا النبيُّ الكريم عليه الصلاة والسلام الذي أخبرَ عن بعضِ الأمورِ الغيبية والأمرُ كما قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.
مَن آمنَ بمحمدٍ عليه الصلاة والسلام يجبُ عليه أنْ يؤمنَ بكلِّ ما جاءَ به عليه الصلاة والسلام.
لذلك يجبُ الإيمانُ بالله وبرسولِ الله وبأنبياءِ الله وبكتبِ الله وبكلِّ ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، يجبُ أنْ نؤمنَ باليومِ الآخر وما أخبرَ عنه صلى الله عليه وسلم من أمرِ القيامة، يجب أنْ نؤمنَ بنعيمِ القبر للمتقين ولمَن شاءَ اللهُ من المؤمنين، ويجبُ أنْ نؤمنَ بعذابِ القبرِ للكافرين ولمَن شاءَ اللهُ له من عصاةِ المسلمين.
نعيمُ القبر حقّ وعذابُ القبرِ حق وسؤال الملكينِ منكر ونكير حق، البعثُ حق الحشرُ حق الميزانُ حق الحسابُ حق السؤالُ حق الصراطُ حق الحوضُ حق وعدُ اللهِ الجنةَ حق وعيدُ اللهِ النار حق، مَن ردّ شيئًا من ذلك نقضَ الحقّ وانتقلَ إلى الباطل، مَن علِمَ أنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أثبتَ عذابَ القبرِ وقد أثْبتَه عليه الصلاة والسلام وجاءت الأحاديثُ المتواترة التي ليست مجرد أحاديث آحاد بإثباتِ عذابِ القبر، هذا أخبرَ به عليه الصلاة والسلام وكلُّه جاء به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم، وليس مجردَ شىءٍ معنويّ وليس مجردَ تخويف بل هذا حق العذاب أو النعيم في القبر بالروحِ والجسد حسًّا ومعنًى، يُحسُّ به يشعرُ به.
أليس ورد بأنّه يسمعُ قرعَ نعالِهم؟ إذًا يسمع، وهذا أخبرَ عنه النبيُّ عليه الصلاة والسلام يجبُ الإيمانُ به، كذلك يجبُ الإيمانُ بالقدرِ خيرِه وشرّه وأنه كلُّ ما يجري بتقديرِ اللهِ عز وجل ومشيئتِه وخلقِه.
مَن كذّبَ بقدَرِ الله أو كذّبَ بما جاء به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم لو كذّبَ أمرًا واحدًا ولو حكمًا واحدًا خبرًا واحدًا، مَن ردَّ نصًّا واحدًا من كلامِ المصطفى صلى الله عليه وسلم أي واعتقدَ أنّ الرسولَ قد قالَ هذا ثم ردّه هذا كمَن ردَّ كلامَ الله عز وجل.
الويْلُ ثم الويل لهؤلاء الطاعنينَ في حديثِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، قد ابتُلِينا بهم لقد طُبِعَ على قلوبِهم وطُمِسَت أعيُنُهم وصُمَّتْ آذانُهم وانطلَقتْ بالباطل ألسنتُهم فصاروا يقولون نحن نأخذُ من القرآنِ فقط لا نأخذُ من أحاديثِ الرسول.
منهم مَن بلغَ أنْ تجرأَ على رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وقال إنما هو بشر، فأنا أقول له وهو سيدُ البشر وكيف تدّعي أنك تأخذُ من القرآن والقرآنُ يأمرُنا بأنْ نتّبِعَ محمدًا عليه الصلاة والسلام؟
فالذي يكذِّبُ محمدًا عليه الصلاة والسلام هو مكذِّبٌ للقرآنِ الكريم، آيات القرآنِ الكريم التي جاءت في الأمرِ باتّباعِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم كثيرة، فالذي يقولُ أنا أرجِعُ إلى القرآنِ وآخذَ منه نقولُ له القرآنُ يأمرُك أنْ تأخذَ منْ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
ثم إنْ سألَ وكيف آخذُ مِن رسولِ الله؟ نقول له وهل أنتَ سمعتَ القرآنَ من فمِ رسولِ الله؟ يقول لا إنما وجدتُه مطبوعًا مقروءًا، ونقولُ له وأحاديثُ النبيِّ عليه الصلاة والسلام كيف بلَغَتْنا؟ فينتقلُ إلى الطعنِ في أئمةِ الحديث في البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي والترمذي وابنِ ماجه ويطعنُ في أئمةِ الفقه في الشافعي وأحمد وأبي حنيفة ويطعن في الإمام أبي الحسنِ الأشعري وفي الإمام أبي منصورٍ الماتريدي وفي أئمةِ الصوفية الصادقينَ الصالحين، فماذا يبقى بعد ذلك إلا رأيُه وهواه؟
وإلا هذا حقيقةً يا سادة ليس راجعًا إلى القرآنِ الكريم وليس مُتَّبِعًا ولا عاملًا بالقرآنِ الكريم وإن ادّعى ذلك، إنما هذا إنسان يفتحُ المصحفَ ثم يتكلمُ برأيِه يُشَقْشِقُ له الشيطانُ ويُزَيِّنُ فيظنّ أنه قد فُتِحَ عليه ففَهِمَ فهمًا ما أحد فهِمَه فيخرجُ إلى الناس يقول لهم ما تقولون في هذه الآية؟ فيقول له فلان ابنُ عباس قال كذا فيقول خطأ، يقولون له قال ابنُ مسعود كذا فيقول خطأ، يأتيه مَن يقول الرسول قال هذا معناه كذا ورواه فلان يقول له لا الرسول ما قال، وهذا لا يكونُ له علم بالحديث ولا بالرجال ولا عندَه علم باللغة، تقول له أنت كيف تُخَطّىءُ كلَّ هؤلاء؟ يقول أنا بعقلي نظرتُ فرأيت أنّ هذا لا يستقيم، وإنما هذا لِما في عقلِه من الداء لأنّ فهمَه سقيم نعوذُ بالله تعالى من ذلك.
فليَعلمْ هؤلاء إذا كانوا على هذه الحال فنقول لهم ولو أنكم تقولونَ صباحَ مساء لا إله إلا الله محمدٌ رسولُ الله ولكنّكم ترفضونَ الأخذَ بحديثِ النبيِّ عليه الصلاة والسلام أنتم تكذّبونَ كلامَ الله.
هؤلاء انبُذوهم ولا تجالسوهم وانْهَروهم ليسوا أهلَ فهم ليسوا أهلَ عافية، هؤلاء بلاء وباء داء مرض يصيب هذه الأمة في هذا الوقت.
آمنوا بكلِّ ما جاء به النبيُّ الكريم عليه الصلاة والسلام.
لذلك الرفاعي يقول “مَن ردَّ أخبارَه الصادقةَ صلى الله عليه وسلم كمَن ردّ كلامَ اللهِ تعالى. آمنّا بالله وبكتابِ الله وبكلِّ ما جاء به نبيُّنا محمدٌ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم”
تسليم للنبيّ عليه الصلاة والسلام.
كان رسولُ الله صلى الله عليه وسلم في مجلس فجاء مَنْ يُجادلُه في أمرِه ويقولُ له مَن يشهدُ لك يا محمد في ذلك؟ فرسولُ الله صلى الله عليه وسلم يبيّنُ له الحق ولكنْ ذاك يقولُ له مَن يشهدُ لك؟ كان في المجلس صحابي جليل يقال له خُزيْمة قال أنا أشهدُ بهذه الحادثة كما قال رسولُ الله، فنظرَ النبيّ عليه الصلاة والسلام إلى خُزَيمة رضي الله عنه قال لكنْ أنتَ كنتَ شاهدًا على تلك الحادثة؟ قال يا رسولَ الله أنا ما كنتُ ولكنْ أنتَ قلتَ وأنا أشهدُ لك لأنّ اللهَ شهدَ لك بأنّك صادق، ألسنا آمنّا بالله؟ أليس اللهُ أمرَنا أنْ نصَدِّقَك وأنْ نشهدَ لك أنك تقول الصدق؟ فإذا أنتَ قلتَ يا رسولَ الله فقولُك حق فأنا أشهدُ لك يا رسولَ الله بأنّك صادق ولو لم أكنْ أنا موجودًا في تلك الحادثة.
هذا التسليم للنبيّ عليه الصلاة والسلام، النبيّ صلى الله عليه وسلم استبشرَ به وقال للصحابة “شهادةُ خُزَيْمة بشهادةِ رجليْن”
بعض الشهادات تحتاج إلى رجلين فكان إذا وُجِدَ خزيمة بعد ذلك في زمن الصديق في زمن عمر رضي الله عنهما إذا جاء خزيمة يقولون كما قال رسولُ الله “شهادة خزيمة بشهادةِ رجلين”، خصوصية، حتى هذه الخصوصية التي قد تحصل لأصحابِ النبيّ عليه الصلاة والسلام هي من رسولِ الله صلى الله عليه وسلم.
ينزلُ حكمٌ عام فنمضي بالحكمِ العام، جاء حكمٌ خاصٌ لنساء النبيِّ عليه الصلاة والسلام قلنا لهنّ حكمٌ خاص {يا نسآءَ النبيِّ لستُنَّ كأحدٍ من النسآء}[الأحزاب/٣٢]
جعلَ اللهُ تعالى فرضًا عليهنّ تغطيةُ الوجه سترُ وجوههنَّ رضي اللهُ تعالى عنهنّ، على غيرِهنّ من نساء المسلمين ليس فرضًا تغطيةُ الوجهِ بل مستحبٌّ اقتِداءً بنساءِ النبيِّ عليه الصلاة والسلام، إنما الواجبُ على المرأة سترُ العورة والمرأة كلُّها عورة إلا الوجهُ والكفين.
أما نساءُ النبيِّ عليه الصلاة والسلام خصوصية لهن ولهنّ خصوصيات أخرى.
العموميات والخصوصيات الأحكامُ العامة والأحكامُ الخاصة الأحكامُ المطلَقة الأحكامُ المُقيّدة كلّ ذلك مَن جاء به؟ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم.
لماذا الصيامُ في شهرِ رمضان؟ لأنّ النبيَّ عليه الصلاة والسلام نزلَ عليه الوحيُ بذلك في القرآنِ الكريم
لماذا الصلواتِ الخمس فرضٌ في اليومِ الليلة؟ لأنّه عليه الصلاة والسلام أخبرَ بذلك.
لماذا نجمع الصلاة ونَقصُرُها في بعض الأحوال؟ لأنّ النبيَّ عليه الصلاة والسلام أخبرَ عن ذلك.
لماذا آلةُ الطهارة الماء؟ لأنّ النبيَّ عليه الصلاة والسلام أخبرَ عن ذلك.
لماذا لا يقبَلُ اللهُ تعالى صلاةً من غيرِ طهارة؟ لأنّ النبيَّ عليه الصلاة والسلام أخبرَ عن ذلك، فإنْ فقَدْنا الماءَ فالتيمم، لماذا؟ لأنّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم أخبرَ عن ذلك وهكذا كلّ ما جاء به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم
لذلك الإمامُ الرفاعي يقول “آمنّا بالله وبكتابِ الله”
لا نجحدُ حرفًا واحدًا من كتاب الله، مَن جحدَ حرفًا واحدًا من كتابِ الله تعالى كمَن جحدَ القرآنَ الكريمَ كلَّه، كما أنّ مَن كذّبَ خبرًا واحدًا لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم كمَن كذّبَ ذاتَه الشريفة عليه الصلاة والسلام.
“آمنّا بالله وبكتابِ الله وبكلِّ ما جاءَ به نبيُّنا محمدٌ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم”
وبعضُ الأشياء التي جاء به نبيُّنا عليه الصلاة والسلام عقِلْنا حكمَتها وبعضُ الأشياء ما عرفنا الحكمةَ فيها أُخْفِيَت عنا، فيقولُ العلماء هذا نعملُ به تعبُّدًا لأننا ما عرَفنا الحكمةَ فيه لكنّ اللهَ تعالى أمرَ بذلك، أمرَ نبيُّنا صلى الله عليه وسلم بذلك.
الحدودُ كلُّها حدُّ السرقة حدّ الزنا حدّ شارب الخمر، كلُّ هذه الحدود كيف عرفناه؟ بما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ثم كيف عرَفنا أنّ إجماعَ محمدٍ عليه الصلاة والسلام حجةٌ في الدين؟ من نَصِّ القرآنِ الكريم الآية التي ذكرَها الإمام الرفاعي في البرهان المؤيد، قال الله تعالى {ومَن يُشاقِقِ الرسولَ مِن بعدِ ما تبيّنَ له الهدى ويتّبِعْ غيرَ سبيلِ المؤمنين نُوَلِّه ما توَلّى ونُصْلِه جهنمَ وسآءتْ مصيرًا}[النساء/١١٥]
فعلِمنا أنّ إجماعَ أمةِ محمد صلى الله عليه وسلم حجةٌ في الدين {ومَن يشاققِ الرسولَ من بعدِ ما تبيّنَ له الهدى} إذًا هذا معناه لازمٌ علينا أنْ نتّبعَ نبيُّنا عليه الصلاة والسلام في كلّ ما جاء به {ومَن يشاققِ الرسولَ من بعدِ ما تبيّنَ له الهدى ويتّبِعْ غيرَ سبيلِ المؤمنين نوَلِّهِ ما توَلّى} فإذًا لازمٌ أنْ نتّبِعَ سبيلَ المؤمنين الذي هو إجماعُهم لأنّ اللهَ لا يجمعُ أمةَ محمدٍ على ضلالة، ولمّا كان لازمًا اتّباعُ جماعتِهم كان إجماعُهم حجةً في دينِ الله، ولمّا كان كذلك اتّباعُ غيرِ سبيلِهم سببًا لعذابِ جهنم فإذًا اتّباعُهم لازم، لذلك الإجماعُ حجةٌ في دينِ الله.
وإمامُنا الشافعيُّ رضي الله تعالى عنه وأرضاه عندما سُئلَ عن دليلٍ من القرآنِ الكريم على أنّ الإجماعَ حُجة استدلَّ بهذه الآيةِ الكريمة من سورة النساء.
ولذلك من جملةِ ما يقال في تسمية أهلِ السنة والجماعة بذلك لأنهم يؤمنونَ بالإجماع، أهلُ السنة والجماعة يؤمنونَ بسنةِ النبيّ صلى الله عليه وسلم ويؤمنون بالقرآن ويؤمنونَ بلزومِ جماعةِ المسلمين، لذلك يقال أهلُ السنة والجماعة أي جماعة المسلمين.
الإجماعُ حجةٌ في دينِ الله فيَلزَمُنا أنْ نعملَ بهذه الحجة إنّ اللهَ لا يجمعُ أمةَ محمدٍ صلى الله عليه وسلم على ضلالة.
فمَن ضلَّلَ أئمةَ الفقه الذين قدّموا، وأئمةَ التوحيد وأئمة الحديث وأئمةَ التصوف خرقَ إجماع المسلمين
فهذا يَصْدُقُ فيه والعياذ بالله أنه اتّبعَ غيرَ سبيلِ المؤمنين.
نسألُ اللهَ تعالى أنْ يجعلَنا على السنةِ والجماعة على لزومِ سنةِ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم وعلى ما عليه إجماعُ أمتِه عليه الصلاة والسلام
ربّنا تقبّل منا إنك أنتَ السميعُ العليم وتُب علينا إنك أنت التوابُ الرحيم
ربّنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار وأدخلْنا الجنةَ مع الأبرار برحمتِك يا عزيزُ يا غفار
سبحانك اللهم وبحمدك نشهدُ أنْ لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوبُ إليك
سبحانَ ربِّك ربِّ العزةِ عما يصفون وسلامٌ على المرسلين والحمد لله رب العالمين
وصلى الله على سيدِنا محمد وعلى أله وأصحابه الطيبين الطاهرين.