الإثنين يوليو 14, 2025

روى مسلم في صحيحه في كتاب المساجد ومواضع الزكاة، بَاب فضلِ إخفاء الصدقة[(290)]: حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ المُثَنَّى جَمِيعًا عَنْ يَحْيَى القَطَّانِ قَالَ زُهَيْرٌ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ أَخْبَرَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمْ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلاَّ ظِلُّهُ الإِمَامُ العَادِلُ وَشَابٌّ نَشَأَ بِعِبَادَةِ اللَّهِ وَرَجُلٌ قَلبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِدِ وَرَجُلاَنِ تَحَابَّا فِي اللَّهِ اجْتَمَعَا عَلَيْهِ وَتَفَرَّقَا عَلَيْهِ وَرَجُلٌ دَعَتْهُ امْرَأَةٌ ذَاتُ مَنْصِبٍ وَجَمَالٍ فَقَالَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ وَرَجُلٌ ذَكَرَ اللَّهَ خَالِيًا فَفَاضَتْ عَيْنَاهُ» .

قال القاضي عياض اليحصبي المالكي (544هـ) في كتابه «إكمال المعلم بفوائد مسلم» في شرحه على صحيح مسلم[(291)]: وقوله «وَرَجُلٌ تَصَدَّقَ بِصَدَقَةٍ فَأَخْفَاهَا حَتَّى لاَ تَعْلَمَ يَمِينُهُ مَا تُنْفِقُ شِمَالُهُ» . كذا روي عن مسلم هنا في جميع النسخ الواصلة إلينا، والمعروف الصحيح (حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) وكذا وقع في الموطأ والبخاري وهو وجه الكلام، لأن النفقة المعهود فيها باليمين ويشبه أن يكون الوهم فيها من الناقلين عن مسلم، بدليل إدخاله بعده حديث مالك. وقال بمثل حديث عبيد الله وتحرّى الخلاف فيه في قوله» وقال[(292)]: وقد ترجم البخاري على الحديث الصدقة باليمين» اهـ.

ومثله قال الحافظ النووي الشافعي (676هـ) ونقل قول القاضي عياض، في «صحيح مسلم بشرح النووي»[(293)].

وقال الحافظ السخاوي (902هـ) في كتابه «فتح المغيث شرح ألفية الحديث» بتعليق صلاح محمد عويضة[(294)]: وأمثلته في المتن قليله كحديث «حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» فإنه جاء مقلوبًا بلفظ (حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله)» وفي الحاشية: ونص الحديث كما في صحيح البخاري:… ورجل تصدق أخفى حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» اهـ.

وقال الحافظ جلال الدين السيوطي (911هـ) في كتابه «تدريب الراوي» تحقيق الدكتور بديع اللحام[(295)]: وفي المتن بحديث مسلم في السبعة الذين يظلهم الله (رجل تصدق بصدقة أخفاها حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله) قال: فهذا مما انقلب على أحد الرواة وإنما هو: (حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه) كما في الصحيحين».

وقال السيوطي أيضًا في كتابه «الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج»[(296)]: «لا تعلم يمينه ما تنفق شماله» كذا وقع في جميع روايات مسلم والمعروف في غيره «لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» وهو وجه الكلام، لأن المعروف في النفقة أن محلها اليمين».

وقال الشيخ زكريا الأنصاري (926هـ) في كتابه «فتح الباقي بشرح ألفية العراقي»[(297)]: وأما المقلوبُ مَتنًا وهو قليل، فهو أن يُعطي أحدُ الشيئين ما اشتهر للآخر، كحديث «حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه» ، فإنه جاء مقلوبًا بلفظ «حتى لا تعلم يمينه ما تنفق شماله»» اهـ.

ـ[290]   كتاب المساجد ومواضع الزكاة، بَاب فضلِ إخفاء الصدقة (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1421هـ، ص370 رقم الحديث 1031).

ـ[291]   إكمال المعلم بفوائد مسلم (الطبعة الأولى 1427هـ، الجزء الثالث ص491).

ـ[292]   إكمال المعلم بفوائد مسلم (ص/492).

ـ[293]   صحيح مسلم بشرح النووي» (دار الكتاب العربي طبعة 1407هـ، الجزء السابع ص122).

ـ[294]   فتح المغيث شرح ألفية الحديث (دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1414هـ، الجزء الأول ص305).

ـ[295]   تدريب الراوي» (دار الكلم الطيب، الطبعة الأولى 1426هـ الجزء الأول ص339).

ـ[296]   الديباج على صحيح مسلم بن الحجاج (دار الأرقم بن أبي الأرقم، المجلد الثاني ص/598 – 599).

ـ[297]   فتح الباقي بشرح ألفية العراقي» دار الكتب العلمية، الطبعة الأولى 1422هـ، الجزء الأول ص301).