الثلاثاء أكتوبر 29, 2024

الإخلاص في العبادة

   الإِخْلاصُ فِى الْعِبَادَةِ مِنْ أَعْمَالِ الْقُلُوبِ الْوَاجِبَةِ وَهُوَ مِنَ الأَخْلاقِ الْحَسَنَةِ.

   وَمَعْنَى الإِخْلاصِ فِى الْعِبَادَةِ إِخْلاصُ الْعَمَلِ بِالطَّاعَةِ لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ أَىْ أَنْ لا يَقْصِدَ بِعَمَلِ الطَّاعَةِ مَحْمَدَةَ النَّاسِ وَالنَّظَرَ إِلَيْهِ بِعَيْنِ الِاحْتِرَامِ وَالتَّعْظِيمِ وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ تَعَالَى الإِخْلاصَ شَرْطًا لِقَبُولِ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ.

   قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [سُورَةَ الْكَهْف/110]

   وَالْمُخْلِصُ هُوَ الَّذِى يَقُومُ بِأَعْمَالِ الطَّاعَةِ مِنْ صَلاةٍ وَصِيَامٍ وَحَجٍّ وَزَكَاةٍ وَقِرَاءَةٍ لِلْقُرْءَانِ وَغَيْرِهَا ابْتِغَاءَ الثَّوَابِ مِنَ اللَّهِ وَلَيْسَ لِأَنْ يَمْدَحَهُ النَّاسُ وَيَذْكُرُوهُ فَالْمُصَلِّى يَجِبُ أَنْ تَكُونَ نِيَّتُهُ خَالِصَةً لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ فَقَطْ لا لِيَقُولَ عَنْهُ النَّاسُ فُلانٌ مُصَلٍ لا يَتْرُكُ الْفَرَائِضَ وَالصَّائِمُ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ صِيَامُهُ لِلَّهِ تَعَالَى وَحْدَهُ فَقَطْ وَكَذَلِكَ الأَمْرُ بِالنِّسْبَةِ لِلْمُزَكِّى وَالْمُتَصَدِّقِ وَقَارِئِ الْقُرْءَانِ وَلِكُلِّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يَعْمَلَ عَمَلَ بِرٍ وَإِحْسَانٍ قَالَ النَّبِىُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ إِذَا عَمِلَ عَمَلًا أَنْ يُتْقِنَهُ» قِيلَ وَمَا إِتْقَانُهُ يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ «يُخْلِصُهُ مِنَ الرِّيَاءِ وَالْبِدْعَةِ» رَوَاهُ الْحَافِظُ السُّيُوطِىُّ.

   الرِّيَاءُ وَيُقَابِلُ الإِخْلاصَ

   الرِّيَاءُ وَمَعْنَاهُ أَنْ يَقْصِدَ الإِنْسَانُ بِأَعْمَالِ الْبِرِّ كَالصَّوْمِ وَالصَّلاةِ وَغَيْرِهِمَا مَدْحَ النَّاسِ وَإِجْلالَهُمْ لَهُ.

   وَالرِّيَاءُ يُحْبِطُ ثَوَابَ الْعَمَلِ الَّذِى قَارَنَهُ فَأَىُّ عَمَلٍ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ يَدْخُلُهُ الرِّيَاءُ لا ثَوَابَ فِيهِ سَوَاءٌ كَانَ مُجَرَّدَ قَصْدِهِ الرِّيَاءُ أَوْ قَرَنَ بِهِ قَصْدَ طَلَبِ الأَجْرِ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى.

   العُجْبُ بِطَاعَةِ اللَّهِ

   أَمَّا العُجْبُ بِطَاعَةِ اللَّهِ فَهُوَ شُهُودُ الْعِبَادَةِ صَادِرَةً مِنَ النَّفْسِ غَائِبًا عَنِ الْمِنَّةِ أَىْ أَنْ يَشْهَدَ الْعَبْدُ عِبَادَتَهُ مَحَاسِنَ أَعْمَالِهِ صَادِرَةً مِنْ نَفْسِهِ غَائِبًا عَنْ شُهُودِ أَنَّهَا نِعْمَةٌ مِنَ اللَّهِ عَلَيْهِ أَىْ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الَّذِى تَفَضَّلَ عَلَيْهِ بِهَا فَأَقْدَرَهُ عَلَيْهَا وَأَلْهَمَهُ أَنْ يَقُومَ بِهَا.

   وَالرِّيَاءُ بِأَعْمَالِ الْبِرِّ وَالْعُجْبُ بِطَاعَةِ اللَّهِ مَعْصِيَتَانِ مِنْ مَعَاصِى الْقُلُوبِ وَخَصْلَتَانِ رَدِيئَتَانِ يَجِبُ عَلَى الْمُكَلَّفِ أَنْ يَجْتَنِبَهُمَا وَيَكُونَ مُخْلِصًا فِى عِبَادَتِهِ للَّهِ تَعَالَى حَتَّى يَنَالَ الثَّوَابَ.