الجمعة يوليو 26, 2024
    • الألباني يعتقد في الله التجسيم في مسألة النزول:

    قال الألباني الـمُجَسّم في كتابه المسمّى «مختصر العلوّ» ما نصّه([1]): «النزول نزول حقيقي كما يليق بجلاله وكماله، وهو صفة فعل لله تعالى».اهـ. وقال أيضًا في كتابه المسمّى «سلسلة الأحاديث الصحيحة» ما نصّه([2]): «فنزوله حقيقي يليق بجلاله لا يشبه نزول المخلوقين، وكذلك دنوّه تعالى دنوّ حقيقي يليق بعظمته، وخاص بعباده المتقربين إليه بطاعته… فهذا هو مذهب السلف في النزول والدنو، فكن على علم بذلك حتى لا تنحرف مع المنحرفين عن مذهبهم، وتجد تفصيل هذا الإجمال وتحقيق القول في كتب شيخ الإسلام ابن تيمية، وبخاصة منها «مجموعة الفتاوى»، فراجع مثلًا (ج5/464 – 478)، وقد أورد الحديث ـ يعني: حديث الدنو – فيها (ص373) واستدل به على نزوله تعالى بذاته عشية عرفة».اهـ.

    الرَّدُّ:

    لقد صرّح الألبانيُّ عن عقيدته في مسألة النزول حيث وافق ابن تيمية في تجسيمه وتشبيهه لله بخلقه، وما قوله مؤيّدًا وموافقًا لما نقله عن ابن تيمية وهو: «نزوله تعالى بذاته عشية عرفة» إلا شاهد على سوء اعتقاده في الله تعالى، وهل النزول بالذات إلا بالحركة والانتقال، لذلك ترى الحافظ ابن الجوزي الحنبلي يرد على المجسّمة الذين نسبوا أنفسهم إلى مذهب الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى، وهو بريء منهم، وهم شرّ سلَف لابن تيمية وأتباعه، وعبارة ابن الجوزي في تشنيعه على من قال من المجسمة بنزول الله بذاته هي([3]): «وهذا الكلام في ذاته تعالى بمقتضى الحسّ كما يتكلم في الأجسام».اهـ. وقال الشيخ بدر الدين بن جماعة في كتابه «إيضاح الدليل» ما نصّه([4]): «لو كان النزول لذاته حقيقة لتجددت له في كل يوم وليلة حركات عديدة تستوعب الليل كلَّه، وتنقلات كثيرة، لأن ثلث الليل يتجدد على أهل الأرض مع اللحظات شيئًا فشيئًا، فيلزم انتقاله في السماء الدنيا ليلًا ونهارًا من قوم إلى قوم وعوده إلى العرش في كل لحظة – على قولهم – ونزوله فيها إلى سماء الدنيا، ولا يقول ذلك ذو لبّ وتحصيل».اهـ.

    وأما قول الألباني: «على ما يليق بالله» تمويه على الناس وتدليس لأنه لا يتماشى مع موافقته لقول ابن تيمية: إن نزول الله بالذات، فكأن الألبانيَّ يقول نشبّه الله تشبيهًا يليق به، وسلفه في ذلك قول المجسمة: الله جسم لا كالأجسام، فهم سواء في التشبيه والتجسيم، فلا يجتمع التنزيه مع التشبيه ولا الإيمان مع الكفر، فالحذر الحذر من أناس من جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا، تعرف منهم وتُنكر، دعاة على أبواب جهنم، من استجاب لهم قذفوه فيها.

    فمعنى النزول الوارد في الحديث على ما قاله بعض العلماء: نزول رحمة([5])، لا نزول نقلة([6])، وقال بعضهم: ينزل الملَكُ بأمر ربّه. وأما النزول الانتقال والحركة من مكان لآخر فهذا لا يليق بالله.


    [1]() الألباني، الكتاب المسمّى مختصر العلو (ص7 و156 و285).

    [2]() الألباني، الكتاب المسمّى سلسلة الأحاديث الصحيحة (6/108، 109، رقم 2551).

    [3]() ابن الجوزي، دفع شبه التشبيه (ص141).

    [4]() بدر الدين ابن جماعة، إيضاح الدليل في قطع حجج أهل التعطيل (ص164).

    [5]() البيهقي، السنن الكبرى (3/3).

    [6]() البيهقي، الاعتقاد (ص72).