الجمعة أكتوبر 25, 2024

استدلال الإمام الشافعيّ رضي الله عنه (ت 204هـ)

قال الإمام الشافعيّ([1]): «واعلموا أن الحدّ والنهاية لا يجوز على الله تعالى، ومعنى الحدّ طرف الشىء ونهايته. والدليل عليه هو أن من لا يكون محدود البداية لا يكون محدود الذات والنهاية، ومعناه من لا يكون لوجوده ابتداء لا يكون لذاته انتهاء، وأنَّ كل ما كان محدودًا متناهيًا صحَّ أن يُتوهم فيه الزيادة والنقصان وأن يوجد مثله، فكان لاختصاصه بنوع من النهاية والتحديد الذي يصحّ أن يكون أكبر منه أو أصغر يقتضي أن يكون له مخصّص خصّصه على حدّ ونهاية وخلقه على قدره وذلك دلالة الحدوث، تعالى الله عن ذلك علوًّا كبيرًا» اهـ.

ويُساعد في فهم هذا الاستدلال استحضار قاعدة كلاميَّة مهمَّة وهي تقسيم الحكم العقلي إلى ثلاثة أقسام: الوجوب والاستحالة والجواز.

فالوجوب: ما لا يُتَصوَّر في العقل عدمه وهو الله وصفاته، فالله تعالى ذاته واجب الوجود، ويقال له واجب عقليّ، وكذلك صفاته، أي أن العقل يُحَتّم وجوده ولا يقبل انتفاءَهُ.

والمستحيل: ما لا يُتصوَّر في العقل وجوده، وقد يعبّرون عنه بالممتنع، وهو كوجود الشريك لله تعالى والعجز والجهل بالنسبة إلى الله، فكل ما لا يجوز على الله فهو مستحيل عقليّ. ومن المستحيل العقليّ كون الحادث أزليًّا. أما المستحيل العادي فيصحّ وجوده عقلًا لكن عادة لا يحصل كوجود جبل من زئبق، فهذا لا يحصل في الدنيا على حسب العادة.

والجائز: ما يُتصوَّر في العقل وجوده وعدمه ويقال له الممكن العقليّ، أي يمكن وجوده بعد عدمه وإعدامه بعد وجوده بالنظر لذاته في حكم العقل وهو هذا العالَم.

[1] ) رسالة الفقه الأكبر، تنسب للإمام الشافعيّ، ص 11.