بعد أن قدّمناه من فساد معتقد هذه الفرقة الوهابية، فهل سيسكت مشايخ أهل السُّنَّة عن ردع مخطط هذه الفرقة العميلة للدول التي تريد كيدًا بالمسلمين؟ ويتركونها تنفذ ما أسِّست لأجله، وهو هدم الدين وتفرقة المسلمين، واستباحة دمائهم وأموالهم وأعراضهم؟ أم يتكاتفون جميعًا، ويلمّون شملهم، للدفاع عن هذا الدين، وحماية المسلمين ممن يترصد لهم؟
ونصيحتي للجميع، لا تبتعدوا عن منهج النبي ﷺ، فإن هدي نبينا ﷺ أحسن الهدي، وإرشاده أحسن الإرشاد، لمَ لا نطبّق تعاليمه الحكيمة الكريمة الخالية عن الشوائب؟ فإن النبيَّ ﷺ قال: «مَثَلُ المُؤمنينَ في توادِّهِمْ وتراحُمِهِمْ وتَعَاطُفهِمْ مَثَلُ الجَسَد، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الجَسَدِ بالسَّهَرِ والحُمَّى»([1]). فالرسول ﷺ هنا يعلّمنا ويرشدنا أن نكون نحن المسلمين كالجسد الواحد، فإنه ﷺ قرب لنا الصورة حيث شبَّه المسلمين بالجسد الواحد الذي إذا اشتكى منه عضو تتداعى له سائر أعضاء الجسد بالسهر والحمى.
ما أعظمَ هذهِ النصيحةَ التي فيها لمُّ شمل المؤمنين، واجتماعُهم لمواجهة الأعاصير العاتية بهم التي تريد قلع كل ما تجده أمامها؛ فلنكن أيها المسلمون جميعًا كالبنان المرصوص، يشدّ بعضه بعضًا جميعًا في وجهها، لأن هذه الفرق التي نشأت لهدم أصولنا وشريعتنا مسلحة بالخبث المخلوط بالشُّبه، ولنتماسك يدًا بيد، ونواجهها بالسلاح المناسب، ألا وهو تعليم الناس الحق، وتحذيرهم مما يخالف أصولنا الشرعية، وليس هذا تفريقًا لوحدة الصف؛ بل هذا هو الحق، أليس قال سيدنا محمد صلوات ربي وسلامه عليه: «الدّينُ النّصيحةُ»([2]) الحديث. وقال: «أَتَرِعُونَ عَنْ ذِكْرِ الفَاجِر، اذكُرُوه بِمَا فيهِ كَيْ يَعْرِفَهُ الناسُ ويحذَرَهُ الناسُ»([3])، وقال أيضًا: «إنَّ الناسَ إذا رأوُا المنكرَ فلم يُغيِّرُوهُ، أوشكَ أنْ يَعمَّهُمْ اللهُ بعاقبِهِ»([4]).
وما يحصل هذه الأيام سَبَبُهُ البعدُ عن العلم وأهله، وترك التناصح في ما بيننا، وترك التحذير من شر من يتربص بنا، ويكيدُ لنا. وإذا لم نتدارك هذا الموقف الآن، وفي أسرع وقت، فإنا ذاهبون إلى الهاوية والخراب والمزيد من سفك دماء البُرَءاء. وتذكَّروا قوله ﷺ: «كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْؤولٌ عَنْ رَعيَّتهِ»([5]) الحديث. فإنكم مسؤولون يوم القيامة، فهل أعددتم الجواب ليوم الصعاب؟ وهل ضمائركم مرتاحة في تأديتكم مسؤوليتكم على أكمل وجه؟
وما هذا الكتاب إلا قُلّ من كُلّ، من فضائح الوهابية، ولو أردنا بسط الكلام، وسرد كل ما قيل ويُقال، لاحتجنا مجلَّدات، فعسى – إن شاء الله تعالى – في قابل الأيام.
وأسأل الله أن يرزقني حسن النية في القول والعمل، وأن يبارك بكل من ساعد في هذا الكتاب ليخرج إلى العلن، والله الموفق لذلك، وهو المستعان، وعليه الاعتماد والتكلان.
والحمد لله أولًا وآخرًا، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.
[1])) مسلم، صحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب: تراحم المؤمنين وتعاطفهم وتعاضدهم، ج4، ص1999.
[2])) مسلم، صحيح مسلم، كتاب الإيمان، باب: بيان أن الدين النصيحة، ج1، ص74.
[3])) البيهقي، السنن الكبرى، باب: الرجل من أهل الفقه يسأل عن الرجل من أهل الحديث…، ج10، ص166.
[4])) أحمد، مسند أحمد، ج1، ص178.
[5])) مالك، موطأ مالك، كتاب جامع الكلام، باب: ما يكره من الصدقة، ج2، ص182.