الثلاثاء أكتوبر 29, 2024

أكمل غسل الميت

 

  • وأكلمه أن يغسل في خلوة لا يدخلها إلا الغاسل ومن يعينه ولاولي (أقرب الورثة إليه).
  • وقد تولى غسل النبي صلى الله عليه وسلم علي والفضل بن العباس وأسامة بن زيد يناول الماء والعباس واقف ثم (رواه ابن ماجه وغيره).

– فيستر كما كان يستتر حياً عند اغتساله وقد يكون ببدنه ما يكره ظهوره.

– والأولى أن يكون تحت سقف لأنه أستر.

– وفي قميص بال (حتى لا يمنع الماء لأن القوي يحبس الماء) لأنه أستر له وأليق.

  • وقد غسل صلى الله عليه وسلم في قميص رواه أبو داود وغيره.

– ويدخل الغاسل يده من كُمه إن كان واسعاً ويغسله من تحته.

– وإن كان ضيقاً فتق رؤوس الدّخاريص (أي الخياطة التي في أسفل الكم) وأدخل يده في موضع الفتق.

– فإن لم يوجد قميص أو لم يتأت غسله فيه، ستر منه ما بين السرة والركبة.

– على مرتفع كلوح لئلا يصيبه الرشاش وليكن محل رأسه أعلى لينحدر الماء عنه، ورجلاه إلى القبلة.

– بماء بارد لأنه يشد البدن، (والمالح كماء البحر أولى) بخلاف المسخن إنه يرخيه إلا لحاجة إليه كوسخ وبرد.

– وأن يكون الماء في إناء كبير ويبعد عن المغتسل بحيث لا يصيبه رشاشهُ.

1- وأن يجلسه الغاسل على المرتفع برفق مائلاً إلى ورائه.

2- ويضع يمينه على كتفه وإبهامه بنقرة قفاه لئلا يميل رأسه.

3- ويسند ظهره بركبته اليمنى.

4- ويمر يساره على بطنه بمبالغة ليخرج ما فيه من الفضلات.

– ويكون عنده حينئذ مجمرة متقدة فائحة بالطيب، بل ويندب التبخير عنده من وقت موته وما بعده.

– والمعين يصب عليه ماء كثيراً لئلا تظهر رائحته مما يخرج.

– ثم يضعه مستلقياً كما كان أولاً، ويغسل بخرقة ملفوفة على يساره سوأتيه (أي دبره وقبله وما حولهما كما يستنجي الحي).

– ويغسل ما على بدنه من قذر ونحوه.

ثم بعد إلقاء الخرقة وغسل يده بماء وأشنان.

– يلف خرقة أخرى على اليد.

– وينظف أسنانه (بسبابة يسراه) ومنخريه (بخنصرها) بأن يزيل ما بهما من أذى بأصبعه مع شيء من الماء كما في سواك الحي، ولا يفتح فاه.

– ثم يوضئه كحي ثلاثاً ثلاثاً بمضمضة واستنشاق، بلا مبالغة ولا يغني عنهما (أي المضمضة والاستنشاق) ما مر (أي من تنظيف أسنانه ومنخريه) بل ذاك سواك وتنظيف.

– ويميل رأسه فيهما (أي المضمضة والاستنشاق) لئلا يصل الماء باطنه.

– ثم يغسل رأسه فلحيته بنحو سدر كخطمي، والسدر أولى منه للنص عليه في الحديث ولأنه أمسك للبدن.

– ويسرحهما أي شعرهما إن تلبد بمشط واسع الأسنان، برفق ليقل الانتتاف ويرد الساقط من شعرهما وكذا من شعر غيرهما إليه بوضعه معه في كفنه.

– ثم يغسل شقه الأيمن ثم الأيسر المقبلين من عنقه إلى قدمه.

– ثم يحرفه إليه أي إلى شقه الأيسر فيغسل شقه الأيمن مما يلي قفاه وظهره إلى قدمه.

– ثم يحرفه إلى شقه الأيمن فيغسل الأيسر كذلك أي مما يلي قفاه وظهره إلى قدمه.

– مستعيناً في ذلك كله بنحو سدر ثم يزيله بماء من رأسه إلى قدمه.

– ثم يعمّه كذلك بماء قراح (أي خالص) فيه قليل كافور بحيث لا يضر الماء لأن رائحته تطرد الهوام، ويكره تركه.

– (وخرج بقليله كثيره فقد يغير الماء تغيراً كثيراً إلا أن يكون صلباً فلا يضر مطلقاً).

  • فهذه الأغسال المذكورة غسله، وسن ثانية وثالثة كذلك أي أولى كل منهما بسدر أو نخوه والثانية مزيلة له والثالثة بماء قراح فيه قليل كافور وهو في الأخيرة آكد.

– فإن لم يحصل التنظيف بالغسلات المذكورة زيد عليها حتى يحصل.

– فإن حصل بشفع سن الايتار بواحدة (أي الزيادة في غسله السدر ومزيلته بأن يكررا معا ويكون وتراً).

– ولا تحسب الأولى والثانية من كل الثلاث لتغير الماء بما معه تغيراً كثيراً وإنما تحسب منها غسلة الماء القراح فتكون الأولى من الثلاث به هي المسقطة للواجب.

– ويلين مفاصله بعد الغسل ثم ينشف تنشيفاً بليغاً لئلا تبتل أكفانه فيسرع إليه الفساد.

 

  • والأصل فيما ذكر خبر الشيخين أنه صلى الله عليه وسلم قال لغاسلات ابنته زينب رضي الله عنها: ابدأن بميامينها، ومواضع الوضوء منها، واغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أكثر من ذلك إن رأيتن ذلك بماء وسدر، واجعلن في الأخيرة كافوراً أو شيئاً من كافور، قالت أم عطية منهن (أي من الغلاسلات): فمشطناها ثلاثة قرون وفي رواية فضفرنا شعرها ثلاثة قرون وألقيناها خلفها.

– وقوله: أو خمساً إلى آخره هو بحسب الحاجة في النظافة إلى زيادة على الثلاث مع رعاية الوتر لا للتخيير.

– وقوله: إن رأيتن أي اجتجنّ.

– ومشطنا وضفرنا بالتخفيف.

– وقرون أي ضفائر، والضفر القتل بأطراف الأصابع.

– ولو خرج بعد الغسل نجس وجب إزالته فقط وإن خرج من الفرج لسقوط الفرض بما وُجد.

  • فائدة: السدر شجر له ورق يطلع منه ثمر يؤكل، وهو نافع جداً لفك السحر إذا أخذ منه سبع ورقات صحاح خضر وقدت بين حجرين جيداً ثم وضعت في ماء ثم قرئ عليه سورة الإخلاص والمعوذتان وآية الكرسي وشرب المسحور منه ثلاث جرعات واغتسل بالباقي ينفك السحر عنه بإذن الله.
  • وأما الخطمي فهو شجر من الأشجار التي هي صغيرة الحجم يؤخذ أصلها أو ورقها ينظف مثل الصابون، زهرة إلى البياض.

– وأن لا ينظر غاسل (فإن نظر كره) من غير عورته  إلا قدر حاجة بأن يريد معرفة المغسول من غيره.

– ولا ينظر المعين من ذلك إلا لضرورة.

– أما عورته (أي ما بين السرة والركبة) فيحرم النظر إليها (على أحد الزوجين وغيرهما) عند بعض العلماء، ومنهم شيخنا رحمه الله، ذكره في كتابه البغية.

– وقال بعضهم: يحرم النظر إليها (على غير احد الزوجين مطلقاً، وعلى أحدهما مع الشهوة).

– وسنّ أن يغطى وجهه بخرقة من أول وضعه على المغتسل.

– وأن لا يمس شيئاً من غير عورته إلا بخرقة.

– وأن يكون أميناً ليوثق في تكميل الغسل وغيره.

– فإن رأى خيراً سن ذكره ليكون أدعى لكثرة المصلين عليه والدعاء له.

  • ولخبر ابن حبان والحاكم اذكروا محاسن موتاكم وكفّوا عن مساويهم.

– أو ضده حرم ذكره لأن غيبة وللخبر السابق إلا لمصلحة كبدعة ظاهرة فيذكره لينزجر الناس عنه.

  • ومن تعذر غسله لفقد ماء أو لغيره كاحتراق ولو غسل تهرى قبل الدفن، يمم (بلا نية) كما في غسل الجنابة.
  • ولو كان به قروح وخيف من غسله تسارع البلى إليه بعد الدفن، غسل ولا مبالاة بما يكون بعده فالكل صائر إلى البلى (أي كل أجزائه).
  • ولا يكره لنحو جنب كحائض غسله لأنهما طاهران كغيرهما.
  • والرجل أولى بغسل الرجل والمرأة أولى بالمرأة.
  • ولو غسل حليلته ولو كتابية (أما المطلقة ولو رجيعة فلا يغسلها من طلقها).
  • ولزوجة غسل زوجها ولو نكحت غيره (كان انقضت عدتها بالوضع فتزوجت).

– والزوجية لا تنقطع حقوقها بالموت بدليل التوارث.

  • وقد قال صلى الله عليه وسلم لعائشة: لو مت قبلي لغسلتك وكفنتك رواه ابن ماجة وغيره.
  • (أما المطلقة ولو رجعية فلا تغسل من طلقها).
  • بلا مس منها له ولا من الزوج لها، كأن كان الغسل من كل وعلى يده خرقة لئلا ينتقض وضوءه.
  • فإن لم يحضر إلا أجنبي في الميت المرأة أو أجنبية في الرجل، يمم (بحائل) أي الميت إلحاقاً لفقد الغاسل بفقد الماء.
  • والصغير (ذكراً أو أنثى) الذي لم يبلغ حد الشهوة يغسله الرجال والنساء.
  • ومثله الخنثى الكبير عند فقد المحرم، فغيسل فوق ثوب ويحتاط الغاسل في غض البصر والمس.
  • والأولى به أي بالرجل في غسله هم:
  1. رجال العصبة من النسب (الأب فأبو الأب).

– ويقدم ذوو الأرحام على الرجال والأجانب.

– ويقدم الرجال الأجانب على الزوجة.

– وتقدم الزوجة على النساء المحارم.

  • والأولى بالمرأة في غسلها قريباتها فيقدمن حتى على الزوج.

1- وأولاهن ذات محرمية وهي من لو قدرت ذكراً لم يحل له نكاحها (كالأم، والبنت).

2- فالقريبات اللواتي لا محرمية لهن.

– وتقدم الأجنبية على الزواج لأنها أليق.

– ويقدم الزوج لأن منظوره أكثر على الرجال المحارم.

  • وشرط المقدم إسلام إن كان الميت مسلماً.
  • وعدم قتل ولو بحق.
  • والكافر أحق بقريبه الكافر من قريبه المسلم في غسله وتكفينه ودفنه لقوله تعالى: (والذين كفروا بعضهم أولياء بعض).
  • وتطيب جوازاً محدة (أي من ماتت في الإحداد) لزوال المعنى المرتب عليه تحريم الطيب وهو التفجع على زوجها والتحرر عن الرجال.
  • وكره أخذ شعر غير محرم وظفره لن أجزاء الميت محترمة فلا تنتهك بذلك (لكن يجب أن يدفن ما أخذ).
  • ووجب إبقاء أثر إحرام في محرم (قبل التحلل الأول) فلا يؤخذ شعره وظفره ولا يطيب ولا يلبس المحرم الذكر مخيطاً ولا يستر رأسه ولا وجه محرمة ولا كفاها بقفازين.
  • قال صلى الله عليه وسلم في المحرم الذي مات وهو واقف معه بعرفة: (لا تمسوه بطيب ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبياً) رواه الشيخان.
  • ولنحو أهل ميت كأصدقائه تقبيل وجهه.
  • لأنه صلى الله عليه وسلم قبل عثمان بن مظعون بعد موته رواه الترمذي وغيره وصححوه.
  • ولأن أبا بكر رضي الله عنه قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد موته رواه البخاري.
  • ولا بأس بإعلام بموته للصلاة عليه وغيرها، وصحح في المجموع أنه مستحب إذا قصد الإعلام لكثرة المصلين.
  • لما روى البخاري أنه صلى الله عليه وسلم قال في إنسان كان يقم المسجد أي يكنسه فمات فدفن ليلاً: أفلا كنتم آذنتموني به وفي رواية ما منعكم أن تعلموني.

– بخلاف نعي الجاهلية وهو النداء بموت الشخص وذكر مآثره ومفاخره فإنه يكره لأنه صلى الله عليه سلم نهى عن النعي رواه الترمذي وحسنه والمراد نعي الجاهلية.