الجمعة أكتوبر 11, 2024

أشجار الجنة وثمارها وظلالها

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين الملك الجبار خالق الجنة والنار والصلاة والسلام على نبي الهدى من بهديه طريقنا أنار سيدنا محمد وعلى جميع إخوانه من النبيين والمرسلين وءال بيته الطيبين وصحابته الغر الميامين أما بعد…

قال الله تعالى {تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين}( سورة القصص/ ءاية 83).
وقال تعالى {تِلْكَ الْجَنَّةُ الَّتِي نُورِثُ مِنْ عِبَادِنَا مَن كَانَ تَقِيّاً} (سورة مريم/ ءاية 63).

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه [هل مشمر للجنة فإن الجنة لا خطر لها ( أي لا مثل لها) هي وربِ الكعبة نور يتلألأ، وريحانة تهتز، ونهر مُطّرد، وقصر مشيد، وفاكهة نضيجة، وزوجة حسناء جميلة في مقام أبدي في حُبرة ونضرة في دار عالية بهية].

لقد وعد الله سبحانه وتعالى عباده المؤمنين في الآخرة دارًا يتنعمون فيها جزاء على طاعتهم وأعمالهم الصالحة في الدنيا وهي الجنّة. والجنّة هي دار السلام والنعيم الدائم المقيم الذي لا ينقطع ولا ينتهي، للمؤمنين فيها كل ما تشتهي أنفسهم، ولا همّ فيها ولا حزن ولا تباغض، بل يكون أهلها فرحين راضين مسرورين بما منّ الله عليهم، ولا يدخلها إلا من مات على الإيمان.

أشجار الجنّة وثِمارها وظِلالها
لقد جعل الله سبحانه وتعالى في الجنّة من أسباب النعيم والملذات وأسباب الراحة، ما يُسعد المؤمنين ويسرّ ويريح نفوسهم. فقد ذكر الله الأشجار وثمارها وظلالها في القرءان الكريم بآيات بيّنات تركن إليها نفوس المؤمنين وتطمئن. يقول ربنا سبحانه وتعالى {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي ظِلَالٍ وَعُيُونٍ} (سورة المرسلات/ ءاية 41) ويقول تعالى {هُمْ وَأَزْوَاجُهُمْ فِي ظِلَالٍ عَلَى الْأَرَائِكِ مُتَّكِؤُونَ} (سورة يس/ ءاية 56)

فهناك في دار النعيم أشجار عظيمة إذ ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال [إنَّ في الجنّة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها فاقرءوا إن شئتم{وَظِلٍّ مَّمْدُودٍ}] (سورة الواقعة/ ءاية 30)” رواه البخاري. نسأل الله تعالى أن يدخلنا الجنة ويرزقنا رؤية أشجارها وثمارها وأن نتنعم بما سيتنعم به عباده الصالحون فيها اللهم آمين.

وعن أبي أُمامة رضي الله عنه قال [كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون: إنَّ الله عزّ وجلّ ينفعنا بالأعراب ومسائلهم، أقبل أعرابي يومًا فقال: يا رسول الله لقد ذكر الله عزّ وجلّ في القرءان شجرة مؤذية، وما كنت أرى أن في الجنّة شجرة تؤذي صاحبها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم [وما هي؟] قال: السِّدْر، فإن لها شوكًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عزّ وجلّ {فِي سِدْرٍ مَّخْضُودٍ }](سورة الواقعة / ءاية 28) يخضد الله” (أي يقلع) شوكه فيجعل مكان شوكه ثمراً. ومن كرم الله تعالى أن جعل كل شجر الجنة سيقانها من ذهب، وجاء في وصف ما لأهل الجنة من ثمار يأكلونها تلذذًا وليس جوعا، ما ورد في قوله تعالى {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} (سورة الرحمن/ ءاية 68) يقول ابن عباس في تفسيرها: نخل الجنة جذوعها زمرد أخضر وكرانيفها ذهب أحمر ( والكرانيف هي أصول السعف) وسعفها وثمر الجنة أمثال القلال، وأشد بياضًا من اللبن وأحلى من العسل وألين من الزبد وليس لها عجم. وثمار أشجار الجنة كما قال عنها ربنا لا مقطوعة ولا ممنوعة، أي لا مقطوعة بالأزمان ولا ممنوعة بالأثمان ولا تنقطع إذا جنيت، ولا تمنع إذا أُريدت.

ويقول ربنا سبحانه وتعالى {وَذُلِّلَتْ قُطُوفُهَا تَذْلِيلاً} (سورة الإنسان/ ءاية 14) أي أن أهل الجنة يأكلون من ثمار الجنة قيامًا وقعودًا ومضطجعين على أي حال شاءوا. وتبيانًا لتنوع الثمار في الجنة يقول ربنا سبحانه {كُلَّمَا رُزِقُواْ مِنْهَا مِن ثَمَرَةٍ رِّزْقاً قَالُواْ هَـذَا الَّذِي رُزِقْنَا مِن قَبْلُ وَأُتُواْ بِهِ مُتَشَابِهاً} (سورة البقرة/ ءاية 25). أي أن ثمر الجنة إذا جُنِيَ خَلفه مثله، فإذا رأوا ما خلف الثمر المجني اشتبه عليهم فقالوا: هذا الذي رزقنا من قبل. وثمر الجنة متشابه بالجودة وهو يشبه ثمار الدنيا بالاسم غير أنه أحسن منه في المنظر والطعم والحجم.