(9) مَا هُوَ الْفَرْضُ الْعَيْنِىُّ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ.
الْفَرْضُ الْعَيْنِىُّ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ هُوَ الْقَدْرُ الَّذِى يَجِبُ عَلَى كُلِّ مُكَلَّفٍ أَنْ يَتَعَلَّمَهُ فَإِذَا أَهْمَلَ تَحْصِيلَهُ يَكُونُ عَاصِيًا مُسْتَحِقًّا لِلْعَذَابِ فِى النَّارِ وَهُوَ عِلْمُ مَا يَتَوَقَّفُ عَلَيْهِ صِحَّـةُ الإِيمَانِ وَصِحَّـةُ الْعِبَادَاتِ مِنْ وُضُوءٍ وَصَلاةٍ وَصَوْمٍ وَزَكَاةٍ وَجَبَتْ عَلَيْهِ وَحَجٍ أَرَادَهُ وَعِلْمُ مَا يُبَاشِرُهُ مِنْ مُعَامَلَةٍ كَبَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ إِجَارَةٍ وَعِلْمُ مَا يَتَلَبَّسُ بِهِ وَلَوْ نَفْلًا كَذِكْرٍ أَوْ دُعَاءٍ لِأَنَّهُ لا يَجُوزُ لِلْمُكَلَّفِ أَنْ يَدْخُلَ فِى شَىْءٍ حَتَّى يَعْلَمَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ مِنْهُ وَمَا حَرَّمَ وَمَعْرِفَةُ وَاجِبَاتِ الْقَلْبِ وَمَعَاصِى الْجَوَارِحِ أَىِ الأَعْضَاءِ كَاللِّسَانِ وَغَيْرِهِ وَمَعْرِفَةُ الْكُفْرِيَّاتِ لِلْحَذَرِ مِنْهَا وَمَعْرِفَةُ كَيْفِيَّةِ التَّوْبَةِ مِنَ الذُّنُوبِ. قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ، رَوَاهُ الْبَيْهَقِىُّ. وَتَحْصِيلُ هَذَا الْعِلْمِ يَكُونُ بِالتَّعَلُّمِ مِنْ أَهْلِ الْمَعْرِفَةِ الثِّقَاتِ لا بِطَرِيقِ الْمُطَالَعَةِ فِى الْكُتُبِ لِلأَمْنِ مِنَ الْغَلَطِ وَالتَّحْرِيفِ لِقَوْلِهِ ﷺ يَا أَيُّهَا النَّاسُ تَعَلَّمُوا فَإِنَّمَا الْعِلْمُ بِالتَّعَلُّمِ وَالْفِقْهُ بِالتَّفَقُّهِ فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا يُفَقِّهْهُ فِى الدِّينِ رَوَاهُ الطَّبَرَانِىُّ، مَعْنَاهُ مَنْ أَرَادَ اللَّهُ بِهِ خَيْرًا أَىْ رِفْعَةً فِى الدَّرَجَةِ رَزَقَهُ الْعِلْمَ بِأُمُورِ دِينِهِ. وَالْجَهْلُ بِعِلْمِ الدِّينِ لَيْسَ عُذْرًا، لَوْ كَانَ الْجَهْلُ عُذْرًا لَكَانَ الْجَهْلُ خَيْرًا مِنَ الْعِلْمِ وَهَذَا خِلافُ قَوْلِهِ تَعَالَى ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِى الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ فَاللَّهُ تَعَالَى فَضَّلَ الَّذِينَ يَعْلَمُونَ عَلَى الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ فَلَوْ كَانَ الْجَاهِلُ يُعْذَرُ لِجَهْلِهِ عَلَى الإِطْلاقِ لَكَانَ الْجَهْلُ أَفْضَلَ لِلنَّاسِ.