(62) قَالَ تَعَالَى حِكَايَةً عَنْ أَحَدِ الْخَصْمَيْنِ اللَّذَيْنِ اخْتَصَمَا إِلَى دَاوُدَ ﴿إِنَّ هَذَا أَخِى لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ نَعْجَةً وَلِىَ نَعْجَةٌ وَاحِدَةٌ فَقَالَ أَكْفِلْنِيهَا وَعَزَّنِى فِى الْخِطَابِ﴾ [سُورَةَ ص/23]، مَا الْمُرَادُ بِالنِّعَاجِ فِى هَذِهِ الآيَةِ.
قَدْ تَكْنِى الْعَرَبُ بِالنِّعَاجِ عَنِ النِّسَاءِ لَكِنْ لا يَجُوزُ تَفْسِيرُ النِّعَاجِ فِى هَذِهِ الآيَةِ بِالنِّسَاءِ كَمَا فَعَلَ بَعْضُ الْمُفَسِّرِينَ فَقَدْ أَسَاءُوا بِتَفْسِيرِهِمْ لِهَذِهِ الآيَةِ بِمَا هُوَ مَشْهُورٌ مِنْ أَنَّ دَاوُدَ كَانَ لَهُ تِسْعٌ وَتِسْعُونَ امْرَأَةً وَأَنَّ قَائِدًا كَانَ لَهُ وَاحِدَةٌ جَمِيلَةٌ فَأُعْجِبَ بِهَا دَاوُدُ فَأَرْسَلَ هَذَا الْقَائِدَ إِلَى الْمَعْرَكَةِ لِيَمُوتَ فِيهَا وَيَتَزَّوَجَهَا هُوَ مِنْ بَعْدِهِ فَهَذَا فَاسِدٌ لِأَنَّهُ لا يَلِيقُ مَا ذُكِرَ فِيهِ بِنَبِىٍّ مِنْ أَنْبِيَاءِ اللَّهِ قَالَ الإِمَامُ ابْنُ الْجَوْزِىِّ فِى تَفْسِيرِهِ بَعْدَ ذِكْرِ هَذِهِ الْقِصَّةِ الْمَكْذُوبَةِ عَنْ سَيِّدِنَا دَاوُدَ وَهَذَا لا يَصِحُّ مِنْ طَرِيقِ النَّقْلِ وَلا يَجُوزُ مِنْ حَيْثُ الْمَعْنَى، لِأَنَّ الأَنْبِيَاءَ مُنَزَّهُونَ عَنْهُ وَأَمَّا اسْتِغْفَارُ دَاوُدَ رَبَّهُ فَهَذَا لِأَنَّهُ حَكَمَ بَيْنَ الِاثْنَيْنِ بِسَمَاعِهِ مِنْ أَحَدِهِمَا قَبْلَ أَنْ يَسْمَعَ مِنَ الآخَرِ.