الثلاثاء يوليو 8, 2025

442- بَابُ الْمُعَانَقَةِ

  • حَدَّثَنَا مُوسَى قَالَ: حَدَّثَنَا هَمَّامٌ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الْوَاحِدِ، عَنِ ابْنِ عَقِيلٍ، أَنَّ جَابِرَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ حَدَّثَهُ، أَنَّهُ بَلَغَهُ حَدِيثٌ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَابْتَعْتُ بَعِيرًا فَشَدَدْتُ إِلَيْهِ

 

رَحْلِي شَهْرًا، حَتَّى قَدِمْتُ الشَّامَ([1])، فَإِذَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُنَيْسٍ، فَبَعَثْتُ([2]) إِلَيْهِ أَنَّ جَابِرًا بِالْبَابِ، فَرَجَعَ الرَّسُولُ فَقَالَ: جَابِرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ؟ فَقُلْتُ: نَعَمْ، فَخَرَجَ إلَيّ([3]) فَاعْتَنَقَنِي وَاعْتَنَقْتُهُ([4])، قُلْتُ: حَدِيثٌ([5]) بَلَغَنِي لَمْ أَسْمَعْهُ، خَشِيتُ أَنْ أَمُوتَ أَوْ تَمُوتَ، قَالَ: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «يَحْشُرُ اللَّهُ عَزَّ وجلَّ الْعِبَادَ»، أَوِ «النَّاسَ، عُرَاةً غُرْلًا([6]) بُهْمًا»([7])، قُلْتُ([8]): مَا بُهْمًا؟ قَالَ: «لَيْسَ مَعَهُمْ شَيْءٌ،  

 

فَيُنَادِيهِمْ بِصَوْتٍ([9]) يَسْمَعُهُ مَنْ بَعُدَ»، أَحْسَبُهُ قَالَ: «كَمَا يَسْمَعُهُ مَنْ قَرُبَ:

 

 أَنَا الْمَلِكُ([10])، لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ الْجَنَّةَ وَأَحَدٌ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَطْلُبُهُ بِمَظْلَمَةٍ، وَلَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ أَهْلِ النَّارِ يَدْخُلُ النَّارَ وَأَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْجَنَّةِ يَطْلُبُهُ»، قُلْتُ: وَكَيْفَ؟ وَإِنَّمَا نَأْتِي اللَّهَ عُرَاةً بُهْمًا؟ قَالَ: «بِالْحَسَنَاتِ وَالسَّيِّئَاتِ»([11]).

([1]) قال في الفتح: وله طريق أخرى أخرجها الطبراني في مسند الشاميين وتَمّامٌ في فوائده من طريق الحجاج بن دينار عن محمد بن المنكدر عن جابر قال كان يبلغني عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث في القصاص وكان صاحب الحديث بمصر فاشتريت بعيرًا فسرت حتى وردت مصر فقصدت إلى باب الرَّجُل فذكر نحوه وإسناده صالح. اهـ وجزم الحافظ في الفتح أن الرحلة كانت من المدينة إلى مصر. اهـ قلت: وجاء عند الحاكم: «ثُمَّ سِرْتُ شَهْرًا حَتَّى قَدِمْتُ مِصْرَ»، وعند الحاكم أيضًا: ثُمَّ سِرْتُ إِلَيْهِ شَهْرًا حَتَّى قَدِمْتُ مِصْرَ أَوْ قَالَ: الشَّامَ. اهـ وفي مسند الشاميين للطبراني وفوائد تمام الرازي: وردت مصر. اهـ.

([2]) كذا في (أ، د، هـ، ح، ط، ي)، وكما عزاه في الفتح للمصنف هنا. اهـ وأما في بقية النسخ: فبعث. اهـ.

([3]) كذا في (أ) زيادة: إلَيَّ. اهـ كما في الآحاد والمثاني لابن أبي عاصم، والأسماء والصفات للبيهقي، ومساوئ الأخلاق للخرائطي، والمستدرك للحاكم. اهـ وسقطت من بقية النسخ. اهـ ومن الفتح عازيًا للمصنف هنا: فَبَعَثْتُ إِلَيْهِ فَخَرَجَ فَاعْتَنَقَنِي وَاعْتَنَقْتُهُ. اهـ وعند أحمد: فَخَرَجَ يَطَأُ ثَوْبَهُ فَاعْتَنَقَنِي وَاعْتَنَقْتُهُ. اهـ قال السندي في حاشيته على المسند: (فَخَرَجَ يَطَأُ ثَوْبَهُ) لعله من العجلة. اهـ.

([4]) كذا في (أ، د، هـ، ح، ط)، وكما عزاه في الفتح للمصنف هنا. وأما في بقية النسخ بدون: واعتنقته. اهـ.

([5]) كذا في أصولنا الخطية: حديث، وكما عزاه في الفتح للمصنف هنا. اهـ وعند أحمد: حَدِيثًا بَلَغَنِي عَنْكَ أَنَّكَ سَمِعْتَهُ مِنْ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الْقِصَاصِ. اهـ قال السندي في حاشيته على المسند: «حديثًا» أي: أسمعني حديثًا، أو أطلب حديثًا. اهـ.

([6]) قال السندي في حاشيته على المسند: «غُرْلًا» ضبط بضم معجمة سكون راء، أي: غير مختونين. اهـ قال ابن الجوزي في كشف المشكل: الغُرْل: جمع أَغْرَل: وهو الذي لم يَختتنْ. وقال أب وبكر الأنباري: أغرل وأرغل وأقلف وأغلف بمعنى. اهـ.

([7]) قال السندي في حاشيته على المسند: «بُهُمًا» ضبط بضم فسكون. اهـ.

([8]) كذا في (أ، د، هـ، ح، ط، ي)، وأما في البقية: قلنا. اهـ.

([9]) قال الإمام الحافظ أبو بكر البيهقي في كتابه الأسماء والصفات: واختلف الحفاظ في الاحتجاج بروايات ابن عقيل لسوء حفظه، ولم تثبت صفة الصوت في كلام الله عز وجل أو في حديث صحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم غير حديثه، وليس بنا ضرورة إلى إثباته. وقد يجوز أن يكون الصوت فيه إن كان ثابتًا راجعًا إلى غيره كما روينا عن عبد الله بن مسعود موقوفًا ومرفوعًا: «إذا تكلم الله بالوحي سمع أهل السماء صلصلة كجر السلسلة على الصفا»، وفي حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: «إذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا لقوله كأنه سلسلة على صفوان»، ففي هذين الحديثين الصحيحين دلالة على أنهم يسمعون عند الوحي صوتًا لكن للسماء، ولأجنحة الملائكة تعالى الله عن شبه المخلوقين علوًا كبيرًا. وأما الحديث الذي ذكره البخاري عن عمر بن حفص عن أبيه عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يقول الله: يا ءادم، فيقول: لبيك وسعديك، فينادي بصوت: إن الله تبارك وتعالى يأمرك أن تخرج من ذريتك بعثًا إلى النار»، فهذا لفظ تفرد به حفص بن غياث، وخالفه وكيع وجرير وغيرهما من أصحاب الأعمش فلم يذكروا فيه لفظ الصوت، وقد سئل أحمد بن حنبل عن حفص، فقال: كان يخلط في حديثه، ثم إن كان حفظه ففيه ما دل على أن هذا القول لآدم يكون على لسان ملك يناديه بصوت: «إن الله تبارك وتعالى يأمرك». فيكون قوله: «فينادي بصوت». يعني والله أعلم: يناديه ملك بصوت. وهذا ظاهر في الخبر وبالله التوفيق. اهـ. قال في عمدة القاري: قوله: (فيناديهم بصوت) قال القاضي: المعنى يجعل ملكًا ينادي، أو يخلق صوتًا ليسمعه الناس، وأما كلام الله تعالى فليس بحرف ولا صوت. اهـ قال في إرشاد الساري: قال في فتح الباري: جزم (أي المصنف) بالارتجال (بكون جابر ارتحل إلى عبد الله) لأن الإسناد حسن، واعتضد ولم يجزم بما ذكره من المتن (فقد ذكره بصيغة التمريض في باب المظالم) لأن لفظ الصوت مما يتوقف في إطلاق نسبته إلى الرب ويحتاج إلى تأويل فلا يكفي فيه مجيء الحديث من طريق مختلف فيها ولو اعتضدت. اهـ وقد ذكر الفقيه المتكلم ابن المعلم القرشي في كتابه نجم المهتدي ورجم المعتدي، أثناء ترجمة الحافظ ناصر السُّنَّة أبي الحسن علي بن أبي المكارم المقدسي المالكي أنه: صنف كتابه المعروف بكتاب الأصوات أظهر فيه تضعيف رواة أحاديث الأصوات وأوهامهم. اهـ وقد مر قول الإمام البيهقي في أنه لم يصح في نسبة الصوت إلى الله حديث. اهـ وأقره على ذلك المحدث الشيخ محمد زاهد الكوثري في مقالاته، والإمام المحدث الشيخ عبد الله بن محمد الهرري الشيبي في كتابه الدليل، وغيرهما. قلت: وعقيدة السلف الصالح ما قاله الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه في كتابه الفقه الأكبر: ويتكلم لا ككلامنا نحن نتكلم بالآلات من المخارج والحروف والله متكلم بلا ءالة ولا حرف. اهـ فائدة: قال الشيخ المتكلم ابن المعلم القرشي في كتابه نجم المهتدي ورجم المعتدي ما نصه: قال الشيخ الإمام أبو علي الحسن بن عطاء في أثناء جواب عن سؤال وجه إليه سنة إحدى وثمانين وأربعمائة: الحروف مسبوق بعضها ببعض، والمسبوق لا يتقرر في العقول أنه قديم فإن القديم لا ابتداء لوجوده، وما من حرف وصوت إلا وله ابتداء، وصفات البارئ جل جلاله قديمة لا ابتداء لوجودها، ومن تكلم بالحروف يترتب كلامه، ومن ترتب كلامه يشغله كلام عن كلام، والله تبارك وتعالى لا يشغله كلام عن كلام، وهو سبحانه يحاسب الخلق يوم القيامة في ساعة واحدة، فدفعة واحدة يسمع كل واحد من كلامه خطابه إياه، ولو كان كلامه بحرف ما لم يتفرغ عن يا إبراهيم ولا يقدر أن يقول يا محمد فيكون الخلق محبوسين ينتظرون فراغه من واحد إلى واحد وهذا محالٌ. اهـ.

([10]) زاد في مسند أحمد: أَنَا الدَّيَّانُ، قال السندي في حاشيته على المسند: «الديان» يُجازي العباد على أعمالهم. اهـ.

([11]) علقه المصنف في موضعين من صحيحه، وأخرجه المصنف في خلق أفعال العباد وأحمد وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني والحارث في مسنده وأبو نصر المقدسي في الحجة وأبو يعلى كما في التغليق والطبراني في الكبير كما في الفتح والبيهقي في الأسماء والصفات والحاكم من طرق عن همام به نحوه مختصرًا ومطولًا، صححه الحاكم ووافقه الذهبي، قال الهيثمي في المجمع: رواه أحمد والطبراني في الكبير، ومحمد بن محمد (ليس من رجال الحديث هنا) ضعيف. اهـ.