الجمعة يوليو 18, 2025

428- بَابُ قِيَامِ الرَّجُلِ لِأَخِيهِ

  • حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ صَالِحٍ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَّيْثُ قَالَ: حَدَّثَنِي عُقَيْلٌ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ كَعْبٍ، وَكَانَ قَائِدَ كَعْبٍ مِنْ بَنِيهِ([1]) حِينَ عَمِيَ قَالَ: سَمِعْتُ كَعْبَ بْنَ مَالِكٍ يُحَدِّثُ حَدِيثَهُ حِينَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَتَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَءاذَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِتَوْبَةِ اللَّهِ عَلَيْنَا حِينَ صَلَّى صَلَاةَ الْفَجْرَ،

 

فَتَلَقَّانِي النَّاسُ فَوْجًا فَوْجًا، يُهَنُّونِي([2]) بِالتَّوْبَةِ يَقُولُونَ: لِتَهْنِكَ([3]) تَوْبَةُ اللَّهِ عَلَيْكَ، حَتَّى دَخَلْتُ الْمَسْجِدَ، فَإِذَا ِرَسُولِ([4]) اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَوْلَهُ النَّاسُ، فَقَامَ إِلَيَّ طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ يُهَرْوِلُ، حَتَّى صَافَحَنِي وَهَنَّانِي([5])، وَاللَّهِ مَا قَامَ إِلَيَّ رَجُلٌ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ غَيْرُهُ، لَا أَنْسَاهَا لِطَلْحَةَ([6]).

  • حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَرْعَرَةَ([7]) قَالَ: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ، عَنْ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ([8])، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، أَنَّ نَاسًا نَزَلُوا عَلَى حُكْمِ سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ، فَأَرْسَلَ([9]) إِلَيْهِ، فَجَاءَ عَلَى حِمَارٍ، فَلَمَّا بَلَغَ قَرِيبًا مِنَ الْمَسْجِدِ([10]) قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «ائْتُوا([11]) خَيْرَكُمْ»، أَوْ «سَيِّدَكُمْ» فَقَالَ: «يَا سَعْدُ، إِنَّ هَؤُلَاءِ نَزَلُوا عَلَى حُكْمِكَ»، فَقَالَ سَعْدٌ: أَحْكُمُ فِيهِمْ أَنْ تُقْتَلَ([12]) مُقَاتِلَتُهُمْ، وَتُسْبَى ذُرِّيَّتُهُمْ([13])، فَقَالَ([14]) النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «حَكَمْتَ بِحُكْمِ اللَّهِ»، أَوْ قَالَ([15]): «حَكَمْتَ بِحُكْمِ الْمَلِكِ»([16])([17]).
  • حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ قَالَ: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَا كَانَ شَخْصٌ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ([18]) رُؤْيَةً مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَانُوا إِذَا رَأَوْهُ لَمْ يَقُومُوا إِلَيْهِ، لِمَا يَعْلَمُونَ مِنْ كَرَاهِيَتِهِ لِذَلِكَ([19])([20]).
  • حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحَكَمِ قَالَ: أَخْبَرَنَا النَّضْرُ قَالَ: أَنَا إِسْرَائِيلُ قَالَ: أَنَا مَيْسَرَةُ بْنُ حَبِيبٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي الْمِنْهَالُ بْنُ عَمْرٍو قَالَ: حَدَّثَتْنِي عَائِشَةُ بِنْتُ طَلْحَةَ، عَنْ عَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ قَالَتْ: مَا رَأَيْتُ أَحَدًا مِنَ النَّاسِ كَانَ أَشْبَهَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلَامًا وَلَا حَدِيثًا وَلَا جِلْسَةً([21]) مِنْ فَاطِمَةَ، قَالَتْ: وَكَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا رَءاهَا قَدْ أَقْبَلَتْ رَحَّبَ بِهَا، ثُمَّ قَامَ إِلَيْهَا فَقَبَّلَهَا، ثُمَّ أَخَذَ بِيَدِهَا فَجَاءَ بِهَا حَتَّى يُجْلِسَهَا فِي مَكَانِهِ، وَكَانَتْ إِذَا أَتَاهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحَّبَتْ بِهِ، ثُمَّ قَامَتْ إِلَيْهِ فَقَبَّلَتْهُ، وأَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي قُبِضَ فِيهِ، فَرَحَّبَ وَقَبَّلَهَا، وَأَسَرَّ إِلَيْهَا، فَبَكَتْ، ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيْهَا، فَضَحِكَتْ، فَقُلْتُ لِلنِّسَاءِ: إِنْ كُنْتُ لَأَرَى([22]) لِهَذِهِ الْمَرْأَةِ فَضْلًا عَلَى النِّسَاءِ، فَإِذَا هِيَ مِنَ النِّسَاءِ، بَيْنَا([23]) هِيَ تَبْكِي إِذَا هِيَ تَضْحَكُ، فَسَأَلْتُهَا: مَا قَالَ لَكِ؟ قَالَتْ: إِنِّي إِذًا لَبَذِرَةٌ([24])، فَلَمَّا قُبِضَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَتْ([25]): أَسَرَّ إِلَيَّ فَقَالَ: «إِنِّي مَيِّتٌ»، فَبَكَيْتُ، ثُمَّ أَسَرَّ إِلَيَّ فَقَالَ: «إِنَّكِ أَوَّلُ أَهْلِي بِي لُحُوقًا»، فَسُرِرْتُ بِذَلِكَ وَأَعْجَبَنِي([26]).

([1]) قال العينيّ في عمدة القاري: بفتح الباء الموحدة وكسر النون بعدها ياء ءاخر الحروف ساكنة، وقع في رواية القابسي وكذا لابن السكن في الجهاد: مِن بَيْتِهِ، بفتح الباء الموحدة وسكون الياء ءاخر الحروف بعدها تاء مثناة مِن فوق. اهـ.

([2]) وأما في (ح): يهنؤني. اهـ والمثبت من (أ) وبقية النسخ، وضبطها في (أ) بتشديد النون. اهـ. قلت: وهي كذلك في النسخة السلطانية (يُهَنُّونِي)، وأما في رواية أبي ذر: (يُهَنُّونَنِي)، وفي جام الصحيحين بحذف المعاد والطرق لابن حداد والجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات المقدسي والمعجم الكبير للطبراني: (يُهنِّئونَني)، وفي الجمع بين الصحيحين لابن الخراط الأندلسي ومسند أحمد: (يُهَنِّئُونِي). اهـ قال السندي في حاشيته على المسند: بتشديد النن، بعدها همزة، وقد تحذف. اهـ.

([3]) كذا في (هـ، ح، ط): ليهنك، وفي (أ) رسمها: لُهنِك، ترك الناسخ الحرف الثاني بلا نقط ولكن وضع عليه حركة الضمة. اهـ قلت: وهي هكذا (لِيَهْنِكَ) في جامع الصحيحين بحذف المعاد والطرق لابن حداد، وإرشاد الساري إلى اختصار صحيح البخاري لابن أشنويه، والجمع بين الصحيحين لابن الخراط الأندلسي، والجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات المقدسي، وفي هامش هذه الكلمة في الجمع بين الصحيحين للحميدي: ضبطها في (ابن الصلاح) بفتح الياء وضمها معًا، وهي في نسخنا من رواية «الصحيحين»: (لتهنك) بالتاء. اهـ وكذلك هي (لِيَهْنِكَ) في بعض نسخ مسند أحمد وغيره، قال السندي في حاشيته على المسند: بكسر النون وحذف الهمزة. اهـ وهي هكذا (ليهنئك) في المعجم الكبير للطبراني. اهـ وأما في البقية: لتهنك. اهـ وهذا يوافق ما في صحيح المصنف من طريق يحيـى بن بكير عن الليث به: لِتَهْنِكَ. اهـ وهذا ما في النسخة السلطانية: اهـ وفي صحيح مسلم: لِتَهْنِئْكَ. اهـ.

([4]) كذا في (أ)، وهذا يوافق ما في صحيح المصنف من طريق يحيـى بن بكير عن الليث به. اهـ. وأما في البقية: برسول الله. اهـ.

([5]) وأما في (ح): وهنأني. اهـ والمثبت من (أ) وبقية النسخ، وضبطها في (أ) بتشديد النون وفتحها. اهـ قلت: وهي كذلك: (وهَنَّانِي) في النسخة السلطانية وإرشاد الساري إلى اختصار صحيح البخاري لابن أشنويه وغيرهما. اهـ وأما في جامع الصحيحين بحذف المعاد والطرق لابن حداد والجمع بين الصحيحين للحميدي مع تعقبات المقدسي والجمع بين الصحيحين لابن الخراط الأندلسي ومسند أحمد وصحيح مسلم والمعجم الكبير للطبراني وغيرهم، هي هكذا: (وَهَنَّانِي). اهـ.

([6]) أخرجه المصنف في صحيحه عن يحيـى بن بكير عن الليث به نحوه، وأخرجه مسلم من طريق يونس عن الزهري به نحوه، كلاهما أخرجاه ضمن الحديث الطويل في توبة الذين تخلفوا في تبوك.

([7]) بفتح المهملتين وإسكان الراء الأولى.

([8]) بضم الحاء المهملة مصغرًا.

([9]) وفي صحيح المصنف من طريق أبي الوليد عن شعبة به: فَأَرْسَِلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَيْهِ. اهـ. وفي صحيح المصنف من طريق غندر عن شعبة به: فَأَرْسَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إِلَى سَعْدٍ. اهـ.

([10]) قال في الفتح: أي الذي أعده النبي صلى الله عليه وسلم أيام محاصرته لبني قريظة للصلاة فيه. اهـ.

([11]) كذا في أصولنا، وأما في صحيح المصنف بنفس السند: قُومُوا إِلَى خَيْرِكُمْ. اهـ. وفي إرشاد الساري: ولأبي ذر قوموا خيركم أو سيدكم بإسقاط إلى وبالرفع بتقدير هو. اهـ.

([12]) وأما في (هـ): يقتل. اهـ وفي (أ، و، ي): مقاتلهم. اهـ والمثبت من بقية النسخ ومن صحيح المصنف. اهـ.

([13]) كذا في النسخ الخطية، وأما في صحيح المصنف: ذَرَارِيُهُمْ. اهـ.

([14]) كذا في النسخ الخطية وأما في صحيح المصنف: قال. اهـ.

([15]) قال في إرشاد الساري: الشك من الراوي. اهـ.

([16]) قال في إرشاد الساري: بكسر اللام، وهو الله جلّ وعلا. اهـ وقال الحجوجي: (الملك) بفتح اللام، قيل جبريل، وقيل بكسرها، أي صادفت حكم الله. اهـ.

([17]) أخرجه المصنف في صحيحه بسنده ولفظه، وأخرجه ومسلم من طرق عن شعبة به نحوه.

([18]) قال في المرقاة: أي إلى الصحابة. اهـ.

([19]) قال في التعليق الوافي الكافل: قال بعضهم كره قيامهم له شفقة عليهم وتواضعًا فاختاروا إرادته على إرادتهم… وقال بعض: القيام الذي كرهه صلى الله عليه وسلم هو القيام في مجلسه طالما هو جالس في المجلس كما يفعل في مجالس بعض ملوك العجم. اهـ وقال شيخنا الإمام المحدث عبد الله الهرري: النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يكره أصل القيام وإنما كان يكره أن يقام له لمّا يدخل خشية أن يفرض عليهم القيام فيشق عليهم ذلك لأن الله وصفه بقوله: {بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ} [التوبة: 128]. اهـ.

([20]) أخرجه ابن أبي شيبة في مصنفه وأحمد وأبو يعلى في مسنديهما والترمذي في جامعه وفي الشمائل والبغوي في شرح السُّنَّة وفي الأنوار والضياء في المختارة من طرق عن حماد به نحوه، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وقال البغوي في شرح السُّنَّة: هذا حديث حسن صحيح.

([21]) ضبطها في (ج، ز، ي) بكسر الجيم، وأما في (أ) بفتحها. اهـ قلت: كسر الجيم هو الظاهر الموافق للسياق بل هو المتعين، وضبطه بالفتح يضعف المعنى. اهـ قال في المصباح المنير: وَالْجَلْسَةُ بِالْفَتْحِ لِلْمَرَّةِ وَبِالْكَسْرِ النَّوْعُ وَالْحَالَةُ الَّتِي يَكُون عَلَيْهَا. اهـ وفي تاج العروس: في الصِّحاح: الجِلْسَةُ، بالكَسْرِ: الحالَةُ الَّتِي يكون عَلَيْهَا الجالِسُ، ويُقالُ: هُوَ حسن الجِلْسَة، وَقَالَ غيرُه: الجِلْسَةُ: الهَيئةُ الَّتِي يُجْلَسُ عَلَيْهَا، بالكسْر، على مَا يَطَّرِدُ عَلَيْهِ هَذَا النَّحْوُ. اهـ.

([22]) كذا في (أ، د، هـ، ح، ط)، وأما في البقية زيادة: أَنَّ. اهـ قلت: قوله: (إنْ كنتُ لَأَرى) إنْ مخفّفة مِن الثقيلة، واللام في «لَأَرى» زائدة، وهمزة «أَرى» مفتوحة، وذكر ابن حجر في الفتح في حديث ءاخر فيه الاستعمالُ نفسُه – وكان قد رُوي بلا لام- إنّ سقوطَ اللام أولى، واعترضه العينيّ في عمدة القاري. اهـ.

([23]) كذا في (أ): بينا. اهـ وهو الموافق لرواية النسائي في الكبرى. وأما في سائر النسخ: بينما. اهـ.

([24]) بكسر الذال، قال ابن الأثير في النهاية: في حديث فاطمة رضي الله عنها عند وفاة النبي صلى الله عليه وسلم «قالت لعائشة رضي الله عنها: إني إذن لبذرة» البَذِر: الذي يُفشي السرّ ويُظهر ما يَسمعه. اهـ.

([25]) يحتمل وجود سقط قبله ففي كبرى النسائي (سألتها فقالت…) ونحوه عند أحمد والترمذي. اهـ.

([26]) أخرجه إسحاق في مسنده وأبو داود والترمذي والنسائي في الكبرى وابن حبان والحاكم والبيهقي في الكبرى من طرق عن إسرائيل به نحوه مطولًا ومختصرًا، قال الترمذي: حديث حسن غريب من هذا الوجه، والحديث صححه ابن حبان والحاكم ووافقه الذهبي.