الثلاثاء يوليو 8, 2025

387- بَابُ كَثْرَةِ الْكَلَامِ

  • حَدَّثَنَا عَبْدُ([1]) اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ قَالَ: حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ سَمِعَ([2]) ابْنَ عُمَرَ يَقُولُ: قَدِمَ رَجُلَانِ مِنَ الْمَشْرِقِ خَطِيبَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَامَا فَتَكَلَّمَا ثُمَّ قَعَدَا، وَقَامَ ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ، خَطِيبُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَتَكَلَّمَ، فَعَجِبَ النَّاسُ مِنْ [كَلَامِهِم]([3])، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَطَبَ([4]) فَقَالَ: «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، قُولُوا قَوْلَكُمْ([5])، فَإِنَّمَا تَشْقِيقُ([6]) الْكَلَامِ مِنَ الشَّيْطَانِ»، ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا»([7]).
  • حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي حُمَيْدٌ، أَنَّهُ سَمِعَ أَنَسًا يَقُولُ: خَطَبَ رَجُلٌ عِنْدَ عُمَرَ فَأَكْثَرَ الْكَلَامَ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ كَثْرَةَ الْكَلَامِ فِي الْخُطَبِ مِنْ شَقَاشِقِ([8])

 

الشَّيْطَانِ([9]).

  • حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ قَالَ: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَمَّادٍ قَالَ: حَدَّثَنَا أَبُو عَوَانَةَ، عَنْ عَاصِمِ بْنِ كُلَيْبٍ قَالَ: حَدَّثَنِي سُهَيْلُ([10]) بْنُ ذِرَاعٍ([11]) قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا يَزِيدَ أَوْ مَعْنَ بْنَ يَزِيدَ([12]) أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «اجْتَمِعُوا فِي مَسَاجِدِكُمْ، وَكُلَّمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فَلْيُؤْذِنُونِي»([13])، فَأَتَانَا أَوَّلَ([14]) مَنْ أَتَى، فَجَلَسَ، فَتَكَلَّمَ مُتَكَلِّمٌ مِنَّا، ثُمَّ قَالَ: إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ الَّذِي لَيْسَ لِلْحَمْدِ دُونَهُ مَقْصَدٌ([15])، وَلَا وَرَاءَهُ مَنْفَذٌ([16]). فَغَضِبَ([17]) فَقَامَ([18])، فَتَلَاوَمْنَا بَيْنَنَا، فَقُلْنَا: أَتَانَا أَوَّلَ مَنْ أَتَى، فَذَهَبَ إِلَى مَسْجِدٍ([19]) ءاخَرَ فَجَلَسَ فِيهِ، فَأَتَيْنَاهُ فَكَلَّمْنَاهُ، فَجَاءَ مَعَنَا فَقَعَدَ فِي مَجْلِسِهِ أَوْ قَرِيبًا مِنْ مَجْلِسِهِ، ثُمَّ قَالَ: «الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي مَا شَاءَ جَعَلَ بَيْنَ يَدَيْهِ([20])، وَمَا شَاءَ جَعَلَ خَلْفَهُ، وَإِنَّ مِنَ الْبَيَانِ سِحْرًا»، ثُمَّ أَمَرَنَا وَعَلَّمَنَا([21]).

([1]) وفي (د): عبيد الله. اهـ.

([2]) كذا في (أ، ح، ط)، وأما في البقية: قَالَ سَمِعْتُ. اهـ.

([3]) المثبت من شرح الحجوجي عازيًا للمصنف هنا: من كلامهم. اهـ وهو الأوفق للسياق كما في مصادر التخريج، وأما في أصولنا الخطية: مِنْ كَلَامِهِمَا. اهـ.

([4]) كذا في (أ، د، ح، ط)، وأما في البقية: يخطب. أهـ.

([5]) قال السندي في حاشيته على المسند: أي ما قلتم فيهم تعجبًا، قاله زجرًا لهم عن ذلك، ويحتمل أن المراد: اثبتوا على كلامكم المعتاد، ولا تتبعوا هؤلاء في الكلام. اهـ.

([6]) قال السندي: أي تحسينه وإخراجه على أحسن نظام، ونسبه إلى الشيطان، لأنه الحامل عليه إذا كان عن رياء، ولما يدخل فيه من الكذب، وكونه لا يبالي بما قال. اهـ.

([7]) أخرجه أحمد عن أبي عامر العقدي به نحوه، وأخرجه ابن حبان من طريق إسحاق بن إبراهيم عن أبي عامر به نحوه.

([8]) قال أبو عُبيد في غريب الحديث: الشقاشق واحدتها شِقْشِقَةٌ، وهي التي إذا هدر الفحل مِن الإبل العراب خاصّة خرجتْ مِن شِدْقه شبيهة بالرئة. اهـ أي الجلدة الحمراء التي يخرجها الجمل مِن جوفه، ينفخ فيها، فتظهر مِن شِدْقه، ولا تكون إلا للجمل العربي. ثم قال أبو عبيد: فشبّه عمر إكثارَ الخاطب من الخطية بهدر البعير في شقشقته، ثمّ نسبها إلى الشيطان، وذلك لما يدخل فيها مِن الكذب وتزوير الخاطب الباطل عند الإكثار مِن الخطب وإنْ كان الشيطان لا شِقْشِقَةَ له إنما هذا مَثَلٌ. اهـ قال في النهاية: الشِّقْشِقة: الجِلْدة الحمراءُ التي يُخْرِجها الجَمَل العَربي من جَوفه ينْفُخ فيها فتظْهَر من شِدْقه ولا تكونُ إلَّا لِلعَربي كذا قال الهروي. وفيه نَظَرٌ. شبّه الفصيحَ الـمِنْطِيق بالفَحْل الْهادِر ولِسانَه بِشقْشِقته ونسبَها إلى الشيطان لِما يدخل فيه من الكذب والباطل وكونِه لا يُبالَي بما قال. اهـ.

([9]) أخرجه ابن وهب في الجامع وابن أبي الدنيا في الصمت وفي ذم الغيبة وابن عبد البر في الجامع من طرق عن حميد الطويل به نحوه.

([10]) قال المزي في تهذيبه: روى له البخاري في الأدب هذا الحديث الواحد. اهـ.

([11]) بكسر الذال وراء مخففة وفي ءاخره عين.

([12]) السلمي، كناه المزي في تهذيبه أبا يزيد. اهـ وفي هامش شرح الحجوجي: وبه كان يكنى. اهـ.

([13]) قال السندي في حاشيته على المسند: من الإيذان بمعنى الإعلام. اهـ.

([14]) ضبطها في (أ) بالموضعين بالنصب. اهـ قلت: وله وجه بالرفع. اهـ.

([15]) ذكرها السندي في حاشيته على المسند بالراء (مَقْصَرٌ) وقال: بفتح ميم وصاد، أي إذا حُمد أحد دون الله، فلا يكون الحمد مقصورًا عليه؛ بل يكون متجاوزًا عنه إلى الله، فإن ما حمد عليه ذلك الغير، فهو منه تعالى، فهو المستحق للحمد عليه حقيقة، فكيف يقتصر مع ذلك على الغير. اهـ.

([16]) قال السندي: بفتح الميم والفاء أي إذا حُمد هو تعالى يقتصر الحمد عليه، لا يتجاوز عنه إلى غيره، إذ ليس ما حمد عليه تعالى من غيره حتى ينصرف حمده تعالى إليه، فالحاصل أنه متى ما حمد غيره، فالحمد له تعالى، ومتى ما حمد هو، لا ينصرف الحمد إلى غيره. اهـ.

([17]) قال السندي: كأنه لما فيه من التقدم بين يديه، وقد نهى الله تعالى عنه. اهـ وقال في الفتح الرباني: إنما غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لكون المتكلم بالغ في كلامه وحجر على الحمد فلم يجعل له منفذًا. اهـ.

([18]) قال السندي: أي منصرفًا. اهـ.

([19]) وفي شرح الحجوجي: فذهب إلى مجلس ءاخر. اهـ.

([20]) قال السندي: أي قدام هذا الوقت الحاضر، أو المراد: من شاء قدمه، ومن شاء أخره. اهـ.

([21]) أخرجه المصنف في تاريخه بإسناده هنا مختصرًا، وأخرجه أحمد وأبو نعيم في المعرفة وابن الأثير في أسد الغابة والطبراني في الكبير من طرق عن سهيل به نحوه مطولًا ومختصرًا، قال الهيثمي في المجمع: رواه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح غير سهيل بن ذراع، وقد وثقه ابن حبان. اهـ.