الجمعة يوليو 18, 2025

367- بَابُ زَحْم

  • حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ قَالَ: حَدَّثَنَا الْأَسْوَدُ بْنُ شَيْبَانَ قَالَ: حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ سُمَيْرٍ([1]) قَالَ: حَدَّثَنِي بَشِيرُ بْنُ نَهِيكٍ قَالَ: أَتَى([2]) بَشِيرٌ([3]) رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «مَا اسْمُكَ؟» قَالَ: زَحْمٌ، قَالَ: «بَلْ أَنْتَ بَشِيرٌ»، فَبَيْنَمَا أَنَا أُمَاشِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «يَا ابْنَ

 

الْخَصَاصِيَةِ([4])، مَا أَصْبَحْتَ تَنْقِمُ عَلَى اللَّهِ([5])؟ أَصْبَحْتَ تُمَاشِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ»، قُلْتُ: بِأَبِي وَأُمِّي، مَا أَنْقِمُ عَلَى اللَّهِ شَيْئًا، كُلَّ خَيْرٍ قَدْ أَصَبْتُ. فَأَتَى عَلَى قُبُورِ الْمُشْرِكِينَ فَقَالَ: «لَقَدْ سَبَقَ هَؤُلَاءِ([6]) خَيْرًا كَثِيرًا»، ثُمَّ أَتَى عَلَى قُبُورِ الْمُسْلِمِينَ فَقَالَ: «لَقَدْ أَدْرَكَ هَؤُلَاءِ خَيْرًا كَثِيرًا»، فَإِذَا رَجُلٌ عَلَيْهِ سِبْتِيَّتَانِ يَمْشِي بَيْنَ الْقُبُورِ، فَقَالَ: «يَا صَاحِبَ السِّبْتِيَّتَيْنِ([7])، أَلْقِ سِبْتِيَّتَكَ([8])»، فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ([9]).

  • حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ قَالَ: حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِيَادٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ لَيْلَى امْرَأَةَ بَشِيرٍ تُحَدِّثُ، عَنْ بَشِيرِ ابْنِ الْخَصَاصِيَةِ، وَكَانَ اسْمُهُ زَحْمًا، فَسَمَّاهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشِيرًا([10]).

([1]) وفي شرح الحجوجي: (شمير) بمعجمة مصغرًا. اهـ.

([2]) كذا في (أ، د، ح، ط)، وأما في البقية: حدثنا بشير قال أتى النبي. اهـ وفي تاريخ المصنف بنفس السند: حَدَّثَنَا بَشِيرٌ وَقَدْ أَتَى النَّبِيَّ. اهـ.

([3]) وهو بشير ابن الخصاصية، فالحديث من رواية بشير بن نهيك عن بشير ابن الخصاصية.

([4]) ضبطها في (أ) في الموضع الأول بياء مفتوحة من غير تشديد، وفي الموضع الثاني بالتشديد بلا فتحة. اهـ وفي (ز، ي) ضبطها بالتشديد في الموضعين. اهـ قلت: هو بَشِيْر بن معبد السدوسيّ، وهو ممن ينسب لأمه، وهي الخَصَاصيّة بفتح الخاء المعجمة وتخفيف الصاد المهملة، ثمّ ياء النسب المشدّدة كما نصّوا على ذلك، منهم الصفدي في الوافي بالوفيات، نُسبت إلى «خَصَاصة»، وقيل: «خَصَاص»، واختُلف في اسمها، فقيل: كبشة، وقيل: ماوية، وقيل: بل الخصاصيّة هي جدّته. وقال في الإصابة: وهي أم جد بشير الأعلى ضَبارى ابن سدوس، حرر ذلك الدمياطي عن ابن الكلبي، وجزم به الرامهرمزي. اهـ.

وكتبُ الحديث والتراجم يَعتنون بضبط الخاء فيقولون إنّها مفتوحة، ثمّ يقولون الصاد مهملة لا معجمة، وبعضهم ينبّه على أنّ الصاد مخففة لا مشددة وكأنه شاع تشديدها على لسان الناس قديمًا، ثمّ عندما يصلون إلى ءاخر الكلمة يقولون بالياء المثناة من تحت، ولا يقولون إنّها مشددة، لكن كلامهم يُؤدّي إلى ذلك، فبعضهم – كالزبيدي في التاج- يقول: نسبة إلى (خصاص)، وبعضهم – كابن حجر في الإصابة- يقول: نسبة إلى (خصاصة). ويُفهم مِن هذا أنّ الياء مشددة لأنّ ياء النسبة إنّما تكون مشددة، كقولك في النسبة إلى دمشق: (دمشقي)، وغير ذلك كما هو ظاهر. ويُستفاد التشديد أيضًا من اللباب في تهذيب الأنساب لابن الأثير، ومختصره لُبّ اللباب للسيوطيّ، لأنهما – مع كونهما لم يَذكرا الصحابيَّ وأمَّه- يُصرحان بأنّ كلمة الخصاصيّ منسوبةٌ إلى خصاصة، وأنها قبلة مِن الأزد، وهذا الصحابيّ أزديّ. ثمّ جاء نصُّ ابن دريد في كتابه الاشتقاق ليرفع الإشكال حيث قال: ومن رجالهم: بنو الخَصَاصِيَّة. بَشِير ابن الخَصَاصيَّة، صحِبَ النبيَّ صلى الله عليه وسلم. والخَصَاصة: حيٌّ من الأزْد. اهـ وهو كتاب متخصّص في بيان اشتقاقات الأسماء والقبائل، ومؤلفه إمامٌ معتبر.

هي الكلمة في كتب الحديث والتراجم أحيانًا تضبط (ضبط قلم) بشدّة، وأحيانًا تضبط (ضبط قلم) بدونها. اهـ.

ثمّ زدتُ في البحث فوجدتُ الفيروزاباديَّ صاحبَ القاموس اختار التخفيف وذلك في رسالة لطيفة له اسمها: «تحفة الأبية فيمن نُسب إلى غير أبيه»، ونَسَبَ التشديدَ إلى بعض المحدّثين ولَحَّنَه، واعتبر الكلمة مصدرًا كالكراهية. اهـ قلتُ: كونُ الكلمة مصدرًا غيرُ معروف، ويَحتاج إلى إثبات، وهو يَتعارض مع الأدلّة السابقة، فليُحرَّرْ. وممن ضبطها بالتخفيف من غير استدلال، العينيّ في شرحه على أبي داود. وحكى الوجهين ملّا علي القاري في مرقاة المفاتيح فقال: (وعن بشير ابن الخصاصيّة) بتشديد الياء تحتها نقطتان، كذا في جامع الأصول، قال الطِّيْبيّ: وقيل بالتخفيف، وهو بشير بن معبد، وقيل: بشير بن يزيد، وهو المعروف بابن الخصاصيّة، بتشديد الياء، وهي أمه، وقيل: منسوبة إلى خصاص وهي قبيلة من أزد. اهـ وكذا في لمعات التنقيح. اهـ لكنّه – كما ترى- صدّر كلامَه بالتشديد لأنّ الأدلة الظاهرة تُؤيّد النسبةّ. اهـ وأما النوويُّ فقد قال في التقريب والتيسير: بشير ابن الخصاصية بتخفيف الياء. اهـ.

([5]) قال في الفتح الرباني: المراد منه أي شيء تكره على الله مع أنه أنعم عليك بهذه النعمة العظيمة حيث أصبحت تمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلمن والغرض إظهار نعمة الله عليه، ولهذا أقر ابن الخصاصية بذلك. اهـ.

([6]) تقدم الكلام عليه في الحديث رقم (775).

([7]) قال النووي في الأذكار: النعالُ السِّبتِيةُ بكسر السين: التي لا شعرَ عليها. اهـ.

([8]) وأما في (ب، ز، ك): سِبْتِيَّتَكَ. اهـ.

([9]) تقدم تخريجه في الحديث رقم (775) أخرجه هناك عن شيخه سهل بن بكار عن الأسود.

([10]) أخرجه أحمد وابن سعد في الطبقات وأبو زرعة الدمشقي في تاريخه وابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني من طرق عن عبيد الله بن إياد به، قال الهيثمي في المجمع: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. اهـ.