349- بَابُ قَوْلِ الرَّجُلِ: نَفْسِي لَكَ الْفِدَاءُ
- حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ([1])، عَنِ ابْنِ جُدْعَانَ([2]) قَالَ: سَمِعْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ قَالَ([3]): كَانَ أَبُو طَلْحَةَ يَجْثُو([4]) بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَنْثُرُ كِنَانَتَهُ وَيَقُولُ: وَجْهِي لِوَجْهِكَ الْوِقَاءُ([5])، وَنَفْسِي لِنَفْسِكَ الْفِدَاءُ([6]).
- حَدَّثَنَا مُعَاذُ بْنُ فَضَالَةَ، عَنْ هِشَامٍ، عَنْ حَمَّادٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ، عَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ([7]): انْطَلَقَ([8]) النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ الْبَقِيعِ، وَانْطَلَقْتُ أَتْلُوهُ، فَالْتَفَتَ فَرَءانِي فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ»، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ([9]) يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَسَعْدَيْكَ، وَأَنَا فِدَاؤُكَ، فَقَالَ: «إِنَّ الْمُكْثِرِينَ([10]) هُمُ الْمُقِلُّونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إِلَّا مَنْ قَالَ هَكَذَا وَهَكَذَا فِي حَقٍّ»، قُلْتُ: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، فَقَالَ: «هَكَذَا» ثَلَاثًا، ثُمَّ عَرَضَ لَنَا أُحُدٌ فَقَالَ: «يَا أَبَا ذَرٍّ»، فَقُلْتُ: لَبَّيْكَ رَسُولَ اللَّهِ وَسَعْدَيْكَ، وَأَنَا فِدَاؤُكَ، قَالَ: «مَا يَسُرُّنِي أَنَّ أُحُدًا لِآلِ مُحَمَّدٍ ذَهَبًا، فَيُمْسِي([11]) عِنْدَهُمْ دِينَارٌ»، أَوْ قَالَ: «مِثْقَالٌ»، ثُمَّ عَرَضَ لَنَا وَادٍ([12])، فَاسْتَقْبَلَ([13]) فَظَنَنْتُ أَنَّ لَهُ حَاجَةً، فَجَلَسْتُ عَلَى شَفِيرٍ([14])، وَأَبْطَأَ عَلَيَّ. قَالَ: فَخَشِيتُ عَلَيْهِ، ثُمَّ سَمِعْتُهُ كَأَنَّهُ يُنَاجِي رَجُلًا، ثُمَّ خَرَجَ إِلَيَّ وَحْدَهُ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنِ الرَّجُلُ الَّذِي كُنْتَ تُنَاجِي؟ قَالَ([15]): «أَوَسَمِعْتَهُ؟»([16]) قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: «فَإِنَّهُ جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ أَتَانِي، يُبَشَّرَنِي([17]) أَنَّهُ([18]) مَنْ مَاتَ مِنْ أُمَّتِي لَا يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ»، قُلْتُ: وَإِنْ زَنَى وَإِنْ سَرَقَ؟ قَالَ: «نَعَمْ»([19]).
([1]) هو ابن عيينة.
([2]) علي بن زيد بن جدعان.
([3]) كذا في (أ، د، ح، ط)، وأما في البقية: يَقُولُ. اهـ.
([4]) قال السندي في حاشيته على المسند: بالجيم أي يقعد على الركبتين. اهـ.
([5]) قال السندي في حاشيته على المسند: بكسر الواو. اهـ.
([6]) أخرجه الحميدي في مسنده وابن المبارك في الجهاد وسعيد بن منصور في سننه جميعهم عن سفيان به، وأخرجه أحمد وأبو يعلى في مسنديهما وأبو نعيم في الحلية وفي المعرفة وابن السني في عمل اليوم والليلة من طرق عن سفيان به نحوه، قال أبو نعيم في الحلية: مشهور من حديث ابن عيينة، تفرد به عن ابن زيد. اهـ وقال الهيثمي في المجمع: رواه أحمد وأبو يعلى ورجال الرواية الأولى رجال الصحيح. اهـ.
([7]) كذا في (أ، ب، د، ح، ط، ك): قال. اهـ.
([8]) كذا في (أ، ب، د، ح، ط، ك)، وأما في البقية: فَانْطَلَقَ. اهـ.
([9]) كذا في (أ، ب، و، ح، ط، ي، ك)، وأما في البقية زيادة: يَا. اهـ كما في شرح الحجوجي: لبيك يا رسول الله. اهـ.
([10]) قال في عمدة القاري: معناه: المكثرون من المال هم المقلون في الثواب، يعني كثرة المال تؤول بصاحبه إلى الإقلال من الحسنات يوم القيامة إذا لم ينفقه في طاعة الله تعالى، فإن أنفقه فيها كان غنيًا من الحسنات يوم القيامة. اهـ.
([11]) يجوز النصب على أنّ الفاء سببيّة، والرواية عند ابن حبان في صحيحه: «يُمسي» بإسقاط الفاء. اهـ.
([12]) وأما في (أ، ج، د، ز، ح، ط): وَادِي. اهـ والمثبت من البقية: وادٍ. اهـ قلت: الأرجح فيها وفي نظائرها حذف الياء كما ذكر ابن هشام في أوضح المسالك. اهـ.
([13]) كذا في (أ، د، ح، ط)، وأما في البقية: فَاسْتَنْتَلَ. اهـ وقيد (د) على الهامش: روي فاستنتل. اهـ وزاد في هامش (د، و) أي تقدم، والنتل: الجذب إلى قدام، مجمع. اهـ قلت: قال في الصحاح: استنتل من الصف إذا تقدم على أصحابه. اهـ.
([14]) قال في تاج العروس: الشَّفِيرُ من الوادِي: حرْفُه وجانبُه. اهـ وأما في (د): شفيره. اهـ.
([15]) كذا في (أ، د، ح، ط)، وأما في البقية: فقال. اهـ.
([16]) وفي (ب، و، ي، ك): وسمعته. اهـ.
([17]) كذا في (أ)، وأما في البقية: فَبَشَّرَنِي. اهـ.
([18]) وفي (و، ي): أن. اهـ.
([19]) أخرجه المصنف في صحيحه ومسلم من طرق عن زيد بن وهب به نحوه.