([1]) أخرجه مسلم من طريق المغيرة بن عبد الرحمٰن عن أبي الزناد به.
([2]) قال النووي في شرح مسلم: قال العلماء وهو مجاز وسببه أن العرب كان شأنها أن تسب الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها من موت أو هرَم أو تلف مال أو غير ذلك فيقولون يا خيبة الدهر ونحو هذا من ألفاظ سب الدهر فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لا تسبوا الدهر فإن الله هو الدهر أي لا تسبُّوا فاعل النوازل لإنكم إذا سببتم فاعلها وقع السب على الله تعالى لأنه هو فاعلها ومنزلها وأما الدهر الذي هو الزمان فلا فعل له بل هو مخلوق من جملة خلق الله تعالى ومعنى فإن الله هو الدهر أي فاعل النوازل والحوادث وخالق الكائنات والله أعلم. اهـ قلت: وفي الصحيحين واللفظ للبخاري: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: قَالَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: يُؤْذِينِي ابْنُ ءادَمَ يَسُبُّ الدَّهْرَ وَأَنَا الدَّهْرُ، بِيَدِي الأَمْرُ أُقَلِّبُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ. اهـ قال النووي في شرح مسلم: وأما قوله عز وجل: وأنا الدهر فإنه برفع الراء هذا هو الصواب المعروف الذي قاله الشافعي وأبو عبيد وجماهير المتقدمين والمتأخرين. اهـ قال في إرشاد الساري: (قال الله عز وجل يؤذيني ابن ءادم) أي: يخاطبني من القول بما يتأذى به من يجوز في حقه التأذي والله تعالى منزه عن أن يصير في حقه الأذى إذ هو محال عليه، وإنما هذا من التوسع في الكلام والمراد أن من وقع ذلك منه تعرض لسخط الله عز وجل (يسب الدهر) يقول إذا أصابه مكروه بؤسًا للدهر وتبًا له (وأنا الدهر) بالرفع في الفرع كالأصول المعتمدة وضبط الأكثرين والمحققين أي أنا خالق الدهر (بيدي الأمر) الذي ينسبونه إلى الدهر (أقلب الليل والنهار). اهـ.
تنبيه: وقد تحرف لفظ الحديث في بعض المؤلفات إلى: فإن الدهر هو الله. اهـ قال في الفتح: وقع في رواية يحيـى بن يحيـى الليثي عن مالك في ءاخره فإن الدهر هو الله، قال ابن عبد البر خالف جميع الرواة عن مالك وجميع راة الحديث مطلقًا فإن الجميع قالوا فإن الله هو الدهر. اهـ قال القاضي عياض في إكمال المعلم: ذكر من لا تحقيق له أن الدهر اسم من أسماء الله، وهذا جهل من قائله، وذريعة إلى مضاهاة قول الدهرية والمعطلة. اهـ ونقل الجصاص في أحكام القرءان أن أحدًا من المسلمين لا يسمي الله بالدهر. اهـ وقال الحافظ الفقيه اللغوي محمد مرتضى الزبيدي في تاج العروس ما نصُّه: قال شيخنا: وعدُّه في الأسماء الحسنى من الغرابة بمكان مكين، وقد رده الحافظ ابن حجر، وتعقبه في مواضع من فتح الباري، وبسطه في التفسير وفي الأدب وفي التوحيد، وأجاد الكلام في شراح مسلم أيضًا عياض والنووي والقرطبي وغيرهم، وجمع كلامهم الأبي في الإكمال. وقال عياض: القول بأنه من أسماء الله مردود غلط لا يصح، بل هو مدة زمان الدنيا. اهـ قلت: وفي مطبوع التاج «الآبي» والصواب ما أثبتناه. اهـ.
([3]) قال النووي في شرح مسلم: في هذه الأحاديث كراهة تسمية العنب كرْمًا، بل يقال: عنب أو حَبَلٌةٌ، قال العلماء: سبب كراهة ذلك أن لفظة (الكَرْم) كانت العرب تطلقها على شجر العنب، وعلى العنب، وعلى الخمر المتخذة من العنب، سموها كرمًا لكونها متخذة منه، ولأنها تَحمل على الكرم والسخاء، فكره الشرع إطلاق هذه اللفظة على العنب وشجره، لأنهم إذا سمعوا اللفظة ربما تذكروا بها الخمر، وهيجت نفوسهم إليها، فوقعوا فيها، أو قاربوا ذلك وقال: إنما يستحق هذا الاسم الرجل المسلم، أو قلب المؤمن، لأن الكرم مشتق من الكرم بفتح الراء، وقد قال الله تعالى: {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات]، فسُمِّي قلب المؤمن كرْمًا لما فيه من الإيمان والهدى والنور والتقوى والصفات المستحقة لهذا الاسم، وكذلك الرجل المسلم. اهـ.